قال الدكتور رمزي الجرم الخبير الاقتصادي، أن العالم بات على صفيح ساخن، ما يُنذر بتحولات عميقة في النظام الاقتصادي العالمي، تسعى فيه الدول المتقدمة إلى تحقيق أكبر مكاسب ممكنة على حساب انهيار الاقتصادات الصاعدة.
وأوضح الجرم أن ذلك الوضع أدى إلى وجود شرخ كبير في التحالفات الدولية، بين الكثير من الدول المتقدمة والدول المُنتجة للطاقة، على سبيل المثال لا الحصر، وظهور حالة من الفتور السياسي الذي أدى إلى وجود تبعات اقتصادية شديدة، فيما بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، في خصوص رفض الأخيرة، الانصياع لطلب الأولى بزيادة إنتاج النفط على خلفية تقلص النفط والغاز الروسي للدول الأوربية، نطرا لاشتراط روسيا أن يكون شراء الغاز الطبيعي الروسي بالروبل الروسي.
وأضاف أنه على جانب آخر، سعى البنك الفيدرالي الأمريكي لاستخدام آلية سعر الفائدة كأحد أدوات السياسة النقدية لمواجهة التضخم، بل والاستمرار في سلسلة من رفع أسعار الفائدة إلى نحو 5 مرات أو أكثر خلال العام الجاري، مضيفا أن هذا الأمر، سوف يخلق تحديات غير مسبوقة على الاقتصادات الصاعدة، بل قد يؤدي إلى انهيار البعض منها، إذ أنه من المعلوم أن ارتفاع الفائدة الامريكية بمقدار نقطة مئوية واحدة، يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل بمقدار ثلث نقطة مئوية في متوسط الاسواق الصاعدة، أو ثلثي نقطة في الأسواق الصاعدة ذات التصنيف الأدنى.
وأشار أنه في ظل الارتفاع المرتقب لأسعار الفائدة الامريكية كما سبق القول، فمن المتوقع إعادة تقييم الاسهم بشكل كبير وسط عزوف المستثمرين عن المخاطر، وهو وضع يتوقع محللون، أن يستمر حتى النصف الأول من العام القادم،كما تزداد المخاوف بسكل مضطرد، إذا ما قامت روسيا باحتلال أوكرانيا (رغم نفي موسكو لذلك) في ظل قيام الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا نحو فرض المزيد من العقوبات القاسية بشكل يومي على روسيا، والذي هو في الأساس ، عقوبات على دول الاتحاد الاوربي، على خلفية ان نحو 43٪ من احتياجات أوربا من الغاز الطبيعي تأتي من روسيا، فضلا عن القمح والحبوب الزراعية والأسمدة وغيرها من المنتجات الروسية والاوكرانية، والتي سوف تتأثر كثيرا اذا ما احتلت روسيا اوكرانيا.
وأشار إلى أنه يلوح في الأفق، مشهد تغيير خريطة الاقتصاد العالمي على خلفية، إعادة ترتيب بعض التكتلات الدولية خارج العباءة الامريكية، في ظل حالة الضبابية وعدم اليقين التي تواجه الاقتصاد العالمي بسبب إستمرار أمد الحرب الروسية الأُوكرانية، وعدم وجود توقعات بنهايتها في الآجل القصير، فضلا عن الانعكاسات السلبية التي ستخلفها بعد الانتهاء منها واستمرار تلك الآثار بعضاً من الوقت.
أما فيما يتعلق بتاثير ذلك على مصر، أوضح الخبير الاقتصادي أن الدولة المصرية دائما وعلى مر العصور، تحتفظ بعلاقات متوازنة مع كافة دول العالم، وتسير بموجب أجندة ثابتة تحترم سيادة الدول الأخرى، فضلا عن أن الاقتصاد المصري، اقتصاد عيني ومتنوع ولديه القدرة على التكيف مع أي تطورات أو احداث غير طبيعية على المشهد الاقتصادي والجيوساسي حول العالم، فالاقتصاد المصري، لديه أراضي شاسعة صالحة للزراعة والعديد من المشروعات والمصانع والشركات العملاقة، وطاقة استهلاك قوامها 100 مليون نسمة.
أما فيما يتعلق بالارتباط العكسي فيما بين أسعار الفائدة الأمريكية من جهة، وبين أسعار النفط والذهب من جهة أخرى، تابع الخبير بأنه سوف يؤدي إلى تحديات أشد مما هو مُتصور خلال الفترة الحالية أو على المدى القصير، على خلفية التداعيات السلبية المُتزامنة للحرب الروسية الأوكرانية.
منوها أن رَفع سعر الفائدة الامريكية، سيؤدي إلى إنخفاض أسعار النفط، نظراً إلى أن رفع سعر الفائدة، يعني إنتهاج سياسة تشددية للسياسة النقدية، والذي يترتب عليه ارتفاع كَلفة الاقتراض، والذي يؤدي لإرجاء أي توسعات جديدة في مجتمع الأعمال، وبالتالي انخفاض مستوى النشاط الاقتصادي، نتيجة إنخفاض حجم المبيعات، والذي يُقلص الطلب على النفط إلى حد ما، مما يدفع بانخفاض أسعاره العالمية.
وأضاف أنه سيؤدي رفع سعر الفائدة الامريكية، إلى إنخفاض اسعار الذهب، نتيجة تراجع الطلب عليه، جراء قيام المستثمريين بالتنازل عن أرصدة الذهب لديهم، من أجل تحقيق أرباح سريعة من التعامل على السندات الامريكية ذات العائد المُرتفع، على خلفية زيادة اسعار الفائدة الامريكية، كما أن ارتفاع الاخيرة، سوف يؤدي أيضا، إلى تراجع الطلب على العملات الرقمية.