في أسبوع حافل بالعطلات، أغلق سوق الأسهم في الولايات المتحدة يوم الإثنين بمناسبة عطلة يوم الذكرى، بينما أغلقت الأسواق في المملكة المتحدة يومي الخميس والجمعة احتفالًا باليوبيل البلاتيني للملكة إليزابيث، وانصب تركيز السوق هذا الأسبوع على دورة تشديد الاحتياطي الفيدرالي للسياسة النقدية، حيث زادت توقعات المستثمرين بقوة وتيرة رفع أسعار الفائدة، مدفوعةً بارتفاع التضخم في أوروبا، وتصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي التي تميل إلى تشديد السياسة النقدية. أثر ذلك بالسلب على سندات الخزانة الأمريكية وتضررت منه أسهم الأسواق المتقدمة ولكن استفاد منه الدولار.. وفي وقت لاحق من هذا الأسبوع، مهد صدور بيانات العمالة القوية الطريق أمام الاحتياطي الفيدرالي للاستمرار في رفع أسعار الفائدة. وفي هذه الأثناء، حققت أصول الأسواق الناشئة مكاسب للأسبوع الثالث، مستفيدةً من تخفيف الصين للقيود المفروضة لمواجهة فيروس كورونا. ومن المثير للاهتمام، أن الليرة التركية كانت الأسوأ أداءً بين عملات الأسواق الناشئة، حيث تراجعت بعدما وصلت قراءات التضخم السنوي خلال شهر مايو إلى أعلى مستوى لها منذ 1998. وارتفعت أسعار النفط بمقدار 0.24% بعدما شهدت أسبوعًا متقلبًا عقب حظر أوروبا استيراد النفط الروسي، بينما قررت منظمة أوبك + رفع معدل إنتاج النفط بوتيرة أسرع.
تحركات الأسواق
سوق السندات:
تراجعت سندات الخزانة الأمريكية بشدة على مستوى جميع آجال الاستحقاق، مدفوعًة بقلق المستثمرين حيال التضخم، وتصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي التي تميل إلى تشديد السياسة النقدية. وأعاد المستثمرون تقييم توقعاتهم بشأن تشديد السياسة النقدية، إذ زادت توقعاتهم بقيام الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بشكل أكبر بعدما وصل التضخم في منطقة اليورو إلى مستوى قياسي، ليتجاوز بذلك توقعات المستثمرين و في ظل تصريح بولارد بأنه من المبكر القول بأن التضخم قد بلغ ذروته. علاوة على ذلك، ساهم مسؤولون أخرون بالاحتياطي الفيدرالي في زيادة التوقعات بقوة وتيرة تشديد السياسة النقدية، حيث اتفق العديد منهم على ضرورة الوصول إلى المستوى المحايد للفائدة خلال هذا العام. ومن الجدير بالذكر أن سندات الخزانة استمرت في التراجع يوم الجمعة مع صدور بيانات التوظيف القوية، مما مهد الطريق أمام الاحتياطي الفيدرالي لمواصلة دورة تشديد السياسة النقدية.
ارتفعت العوائد الاسمية إلى أعلى مستوى لها في أسبوعين، فعلى صعيد العوائد ذات الآجال القصيرة، ارتفعت عوائد السندات أجل عامين بمقدار 17.77 نقطة أساس لتصل إلى 2.656%، بينما ارتفعت عوائد السندات أجل 5 سنوات بمقدار 21.71 نقطة أساس لتصل إلى 2.935%. أما على صعيد عوائد السندات ذات الآجال الطويلة، ارتفعت عوائد السندات أجل 10 سنوات بمقدار 19.73 نقطة أساس لتصل إلى 2.937%، بينما ارتفعت عوائد السندات أجل 30 عامًا بمقدار 12.28 نقطة أساس لتصل إلى 3.089%.
العملات:
ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.46% بعد انخفاض استمر أسبوعين حيث ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية مما ساعد على دعم الدولار. الى جانب هذا تلقى الدولار دعمًا من تقرير الوظائف غير الزراعية الصادر يوم الجمعة والذي أظهر نموًا في الوظائف أعلى من المتوقع. انخفض اليورو بنسبة 0.15% مقابل الدولار الأمريكي القوي بينما انخفض الجنيه الاسترليني بنسبة 1.13% ليصل إلى أدنى مستوى له منذ منتصف مايو بسبب المخاوف حول النمو بالإضافة إلى تباين السياسة النقدية بين بنك الاحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا. تراجع الين الياباني بنسبة 2.88% ليستقر بالقرب من مستواه المحوري البالغ 130 نقطة، وسط ارتفاع بعائدات السندات الأمريكية، نظرًا لتباين السياسة النقدية بين بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وبنك اليابان.
الذهب
تراجعت أسعار الذهب بنسبة 0.14% لتصل إلى 1851.19 دولارًا للأونصة، مسجلة أول انخفاض أسبوعي لها في ثلاثة أسابيع مع ارتفاع الدولار على مدار الأسبوع. علاوة على ذلك، انخفض المعدن الأصفر حيث عززت بيانات الوظائف القوية من التكهنات برفع أسعار الفائدة.
عملات الأسواق الناشئة
على الرغم من إنهاء الدولار الأمريكي لتداولات الأسبوع على ارتفاع، صعد مؤشر مورجان ستانلي لعملات الأسواق الناشئة MSCI EM بنسبة 0.26%، مسجلاً مكاسب للأسبوع الثالث على التوالي. وكان المؤشر قد ارتفع في كل يوم من أيام الأسبوع، باستثناء يوم الخميس، حيث ازداد ميل المستثمرين نحو الأصول الخطرة بشكل طفيف على خلفية التطورات الإيجابية من الصين.
وكان الروبل الروسي (+ 4.75%) هو العملة الأفضل أداءً خلال الأسبوع ، مع صعوده للأسبوع السادس على التوالي وزاد بنسبة 18.11% منذ بداية العام، حيث عزز ارتفاع أسعار النفط الميزان التجاري للبلاد وأفادت وزارة المالية أن عائدات النفط والغاز في مايو جاءت أعلى بكثير من المستهدف. كما تم دعم العملة في بداية الأسبوع من خلال الإعلان عن آلية سداد السندات الجديدة ومع اعلان الحكومة أن لديها نقودًا كافية لخدمة الديون. كان البيزو الكولومبي (+ 3.81%) ثاني أفضل العملات أداءً على خلفية الأخبار التي تفيد بأن رجل الأعمال رودولفو هيرنانديز قد ضمن مكانًا في جولة الإعادة للانتخابات، مما قلل من فرص أن يكون المرشح اليساري جوستافو بيترو هو الرئيس المقبل. وتلقى البيزو أيضًا دعمًا من ارتفاع أسعار النفط والفحم، والتي تمثل الصادرات الرئيسية للبلاد. من ناحية أخرى، كانت الليرة التركية (-1.36%) هي الأسوأ أداء خلال الأسبوع، حيث وصل التضخم في شهر مايو إلى مستوى قياسي منذ 23 سنة، ووصل مؤشر أسعار المنتجين إلى 132.16%، مما دفع المستثمرين إلى إعادة تقييم مسار البلاد في الوقت الذي يقوم فيه الرئيس أردوغان بفرض استراتيجية غير تقليدية للسياسة النقدية. كان أداء الليرة ضعيفًا أيضًا في بداية الأسبوع حيث صرح وزير المالية التركي أنه من المتوقع أن يأتي الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول أقل من الربع السابق بصورة كبيرة. جاء البيزو الفلبيني (-1.00%) كثاني العملات الأسوأ أداء، مسجلاً أدنى مستوى له منذ يناير 2019 حيث تم اختراق مستوى دعم رئيسي على خلفية قوة الدولار، مع توقع المستثمرين اتساع العجز التجاري للبلاد.
أسواق الأسهم:
سجلت الأسهم الأمريكية خسائر خلال الأسبوع حيث تأثرت الأسواق نتيجة ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، التي وصلت إلى أعلى مستوى لها في أسبوعين، بالإضافة إلى قوة بيانات تقرير الوظائف التي جاءت قوية، مما عزز رهانات رفع أسعار الفائدة. خسرت الأسهم الأمريكية جزءً من مكاسبها للأسبوع الماضي، في ظل تزايد شكوك المستثمرين حول قدرة بنك الاحتياطي الفيدرالي على احتواء التضخم دون المخاطرة بحدوث ركود اقتصادي. وإلى جانب التعليقات المائلة لتشديد السياسة النقدية من المتحدثين الفيدراليين، كانت هناك العديد من التصريحات المؤثرة في السوق على مدار الأسبوع من قبل كبار المسؤولين التنفيذيين، وأبرزهم الرئيس التنفيذي لشركة جي بي مورجان (JP Morgan)، السيد جيمي ديمون، الذي حذر المستثمرين من "إعصار" اقتصادي في طريقه، بينما صرح الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا، إيلون ماسك، بأن لديه "شعورا سيئا للغاية" تجاه مسار الاقتصاد. وصرح بيتر إيسل، رئيس إدارة المحافظ في شبكة الكومنولث المالية (Commonwealth Financial Network)، أن النصف الثاني من عام 2022 سيكون ملئ بالتقلبات ما لم يتمكن بنك الاحتياطي الفيدرالي من السيطرة على معدل التضخم دون احداث هبوط اقتصادي حاد مضيفًا أنه "يبدو أن معظم المستثمرين يراهنون على الفشل الذريع، مما يزيد من مخاوف حدوث ركود اقتصادي بينما تفشل أسواق الأسهم في احداث زخم إيجابي".
انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز S&P 500 بنسبة 1.20% ليسجل بذلك تراجع استمر على مدى 8 أسابيع من أصل 9 أسابيع مضت. وفيما يتعلق بالقطاعات الفردية، جاءت الخسائر على مستوى غالبية القطاعات باستثناء أسهم كل من قطاعي الطاقة (1.2%) وتكنولوجيا المعلومات (0.04%). كما انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 0.94% ليسجل سلسلة خسائر استمرت عشرة أسابيع من أصل 11 أسبوعًا. وتراجع مؤشر ناسداك المركب لأسهم الشركات التكنولوجية الكبرى بنسبة 0.98% نتيجة ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، وكذلك تراجع مؤشر FANG بنسبة 0.30%. وتجدر الإشارة إلى أن أسهم شركة تيسلا موتورز (-9.22%) دفعت مؤشر ناسداك إلى الانخفاض يوم الجمعة حيث ذكرت رويترز أن الشركة المصنعة للسيارات الكهربائية تسعى إلى خفض موظفيها العاملين بنسبة 10% والتي أوضحتها رسالة بريد إلكتروني بعنوان "إيقاف جميع عمليات التوظيف في جميع أنحاء العالم" مع تحذير الرئيس التنفيذي، إيلون ماسك، الموظفين من أن "العمل عن بُعد لم يعد مقبولاً". ودفع ذلك الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى معالجة هذه المسألة، مدعياً أن مُصنعي السيارات الكهربائية الآخرين مثل فورد يزيدون استثماراتهم بأغلبية ساحقة، بينما يتمنى لماسك بلهجة ساخرة "الكثير من الحظ في رحلته إلى القمر". وفي الوقت نفسه، تراجعت تقلبات الأسواق طبقاً لقراءات مؤشر VIX لقياس تقلبات الأسواق الذي انخفض بمقدار 0.93 نقطة خلال تداولات هذا الأسبوع ليستقر عند 24.79 نقطة، أي أدنى من متوسطه للعام الحالي البالغ 25.91 نقطة منذ بداية العام.
وبالانتقال إلى الأسواق الأوروبية، هبط مؤشر STOXX 600 بنسبة -0.87% حيث تأججت مخاوف المستثمرين بشأن ارتفاع معدل التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي ووتيرة تشديد البنك المركزي الأوروبي للسياسة النقدية، الى جانب استمرار الحرب في أوكرانيا.
وفيما يخص المؤشرات الرئيسية للأسهم، فقد سجلت أداء ضعيفا بشكلٍ عام، بقيادة مؤشر FTSE MIB الإيطالي (-1.91%)، ومؤشر CAC 40 الفرنسي (-0.47%)، ومؤشر FTSE 250 البريطاني (-0.49%)، بينما لم يطرأ تغير يذكر على مؤشر DAX الألماني (-0.01%).
*أغلقت مؤشرات الأسهم الأمريكية (S&P ، DOW ، Nasdaq) يوم الإثنين احتفالاً بيوم الذكرى، بينما تم إغلاق مؤشر FTSE 250 البريطاني يومي الخميس والجمعة للاحتفال بمرور 70 عامًا على تولي الملكة إليزابيث الثانية العرش.
وبالانتقال إلى الأسواق الناشئة، ارتفع مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة MSCI EM بنسبة 1.68% خلال تداولات هذا الأسبوع، مسجلاً بذلك مكاسب للأسبوع الثالث على التوالي، حيث أعاد المستثمرون تقييم تخفيف القيود الاحترازية التي فرضتها الصين لاحتواء وباء كورونا وتداعياتها على النمو العالمي. أغلق المؤشر على ارتفاع في أول يومين من تداولات هذا الأسبوع حيث خففت الصين القيود الاحترازية جراء فيروس كورونا وأعلنت عن إجراءات للدعم الاقتصادي، مما قلص من مخاوف الأسواق بشأن تباطؤ الاقتصاد الصيني كما أثر بشكل طفيف على معنويات المخاطرة. وفي يوم الأربعاء، زادت تصريحات الرئيس التنفيذي لشركة جي بي مورجان (JP Morgan) بشأن الركود الاقتصادي المحتمل بالإضافة إلى البيانات الاقتصادية الأمريكية القوية والبيانات الصادرة عن المتحدثين في الاحتياطي الفيدرالي، المخاوف من تشديد مسار بنك الاحتياطي الفيدرالي وسط تباطؤ النمو العالمي والتي أدت إلى انخفاض المؤشر. كما واصلت أصول الأسواق الناشئة خسائرها في اخر يومين من تداولات هذا الأسبوع حيث أظهرت البيانات أن سوق العمل الأمريكي كان أكثر إحكاماً من التوقعات، مما عزز التكهنات حول رفع أسعار الفائدة وخفض من معدل الطلب على الأصول عالية المخاطر.
وفي الصين، أغلقت جميع مؤشرات الأسهم الرئيسية تداولات الأسبوع على ارتفاع بعد انخفاضها في الأسبوع الماضي. وجاءت التحركات التصاعدية في مطلع الأسبوع نتيجة تخفيف الحكومة القيود الاحترازية المفروضة جراء فيروس كورونا في شنغهاي، والاعلان عن إجراءات دعم جديدة، مع ارتفاع مؤشر مديري المشتريات عن المتوقع. علاوة على ذلك، انتعشت معنويات المخاطرة بشأن السوق الصيني بشكل طفيف حيث أدى ارتفاع أرباح الشركات الواردة من مجموعة "علي بابا" الصينية العملاقة للتجارة عبر الإنترنت وشركة ميتوان Meituan للتكنولوجيا بشكل أعلى من المتوقع، الى الإشارة للأسواق بأن الاتجاه الأسوأ للأسهم الصينية قد يكون قد انتهى.
البترول:
ارتفعت أسعار خام برنت بنسبة 0.24% لتصل إلى 119.72 دولارًا للبرميل، لتستقر عند أعلى مستوى لها في أكثر من شهرين، وذلك في بداية تعاملات الأسبوع، وتجاوزت الأسعار مستوى 120 دولارًا، حيث ارتفعت مع زيادة الطلب على الوقود قبيل موسم الترحال الصيفي جنبًا إلى جنب مع تزايد المخاوف حول امدادات روسيا حيث أعلن قادة الاتحاد الأوروبي عن موافقتهم على حظر 90% من النفط الروسي بحلول نهاية عام 2022. ومع ذلك، تراجعت الأسعار يوم الأربعاء حيث ذكرت احدى التقارير أن المملكة العربية السعودية أشارت إلى حلفائها الغربيين بأنها مستعدة لضخ المزيد من النفط إذا انخفض الإنتاج الروسي نتيجة للحظر. وخلال نهاية الأسبوع، تراجعت الأسعار إلى 112 دولارًا أمريكيًا في يوم الجمعة بعد أن وافقت أوبك على زيادة إنتاج الخام مع ارتفاع معدل الطلب العالمي، كما أعلنت إدارة معلومات الطاقة أن إنتاج النفط الأمريكي ارتفع بنسبة 3% في مارس. لكن الأسعار ارتفعت في وقت لاحق مرة أخرى حيث خلص العديد من المحللين إلى أن أوبك لن تكون قادرة على الوصول إلى مستوى زيادات الإنتاج التي تعهدت بها لأن بعض الدول قد لا تملك القدرة على زيادة الإنتاج.