كشف صندوق النقد الدولي، أنه مع اتساع نطاق الضغوط التضخمية المزمنة، تسارعت وتيرة التشديد النقدي على نحو متزامن عبر البلدان، وسجل الدولار ارتفاعًا قويًا مقابل معظم العملات الأخرى، وسيعاني الاقتصاد طويلاً من تشديد الأوضاع النقدية والمالية العالمية، ما سيؤدي إلى تراجع الطلب وكبح جماح التضخم تدريجيًا. غير أن الضغوط السعرية لا تزال مستمرة بقوة مما يشكل مصدر قلق بالغ بالنسبة لصناع السياسات.
وتشير توقعات صندوق النقد الدولي في تقرير "آفاق الاقتصاد الإقليمي"، الذي صدر اليوم، إلى وصول التضخم العالمي إلى ذروته في أواخر عام 2022، وإن كان سيظل مرتفعًا لفترة أطول مما كان متوقعًا في السابق، ليتراجع إلى 4.1% بحلول عام 2024.
وفي الصين، أدت الإغلاقات العامة المتكررة في غطار تطبيق استراتيجية «صفر كوفيد» إلى تداعيات سلبية على الاقتصاد، ولاسيما في الربع الثاني من عام 2022، علاوة على ذلك، يشهد قطاع العقارات تراجعًا سريعًا، وهو ما يمثل حوالي خمس النشاط الاقتصادي في الصين. وسيشكل ذلك عبئًا جسيمًا على مستويات التجارة والنشاط العالمية نظرًا لحجم الاقتصاد الصيني وأهمية دوره في سلاسل الإمداد العالمية.
وتفرض البيئة الخارجية تحديات كبيرة بالفعل أمام العديد من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، ويؤدي الارتفاع الحاد في قيمة الدولار إلى زيادة ملحوظة في الضغوط السعرية المحلية وتفاقم أزمة تكلفة المعيشة في هذه البلدان.
ولا تزال التدفقات الرأسمالية دون مستوياتها السابقة، وتستمر معاناة العديد من الاقتصادات منخفضة الدخل والاقتصادات النامية من مستويات المديونية الحرجة. وستعيد صدمات عام 2022 فتح جراح اقتصادية لم تندمل إلا جزئيًا في اعقاب الجائحة، وتظل مخاطر التطورات السلبية تلوح عاليا في الافاق، بينما ازدادت صعوبة المفاضلة بين السياسات اللازمة لمواجهة ازمة تكلفة المعيشة واصبحت احتمالات الخطأ في معايرة السياسات النقدية وسياسات المالية العامة والقطاع المالي كبيرة للغاية في حقبة يعاني فيها الاقتصاد العالمي من هشاشة غير مسبوقة مع ظهور بوادر الضغوط عبر الأسواق المالية.