يواصل الذهب تحقيق المكاسب ويقترب من تسجيل ارتفاع أسبوعي للمرة الأولى بعد أسبوعين من الخسائر، يأتي هذا في ظل تغير توقعات الأسواق لتشير إلى انتهاء دورة رفع الفائدة من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمر الذي يدعم الذهب في تحركاته الإيجابية.
ارتفعت أسعار الذهب الفوري اليوم بنسبة 0.5% ليسجل أعلى مستوى منذ أكثر من أسبوع عند 1990 دولار للأونصة، ومنذ بداية الأسبوع وحتى الآن سجل الذهب ارتفاع بنسبة 2.7% ليعوض بذلك جميع خسائر الأسبوع الماضي تقريباً.
يوم أمس صدر عن الاقتصاد الأمريكي مؤشر طلبات إعانات البطالة الأسبوعية ليظهر ارتفاع أكبر من المتوقع عند 231 ألف مقارنة مع القراءة السابقة بقيمة 218 ألف والتوقعات عند 221 ألف.
البيانات الضعيفة عن قطاع العمالة زادت من مكاسب الذهب لأنها تعكس استمرار توقعات الأسواق بشأن انتهاء دورة رفع أسعار الفائدة من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي في ظل التراجع الحالي الذي يشهده الاقتصاد الأمريكي في التضخم وأداء قطاع العمالة، وفق تحليل جولد بيليون.
خلال هذا الأسبوع أعلن الاقتصاد الأمريكي عن انخفض واضح في معدلات التضخم على مستوى المستهلكين والمنتجين، وهو ما تسبب في انخفاض حاد في مستويات الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسية والسلع، وساعد الذهب على التعافي بشكل كبير وتعويض خسائره الأسبوع الماضي.
تغير معنويات الأسواق تجاه مستقبل السياسة النقدية للبنك الفيدرالي دفع الأسواق إلى تجاهل بيانات مؤشر فيلادلفيا لأداء القطاع الصناعي الأمريكي والذي صدر يوم أمس عن شهر نوفمبر ليشهد تقلص الانخفاض إلى – 5.9% مقارنة مع انخفاض سابق بقيمة – 9.0 والتوقعات كانت تشير إلى انخفاض بقيمة – 10.4.
أصبح التركيز الآن في الأسواق مع موعد خفض الفائدة من قبل البنك الفيدرالي بعد أن اقتنع المشاركين في الأسواق أن البنك لن يلجأ إلى رفع الفائدة مجدداً، وذلك على الرغم من تصريحات رئيس الفيدرالي جيروم باول وعدد من الأعضاء الذهب أشاروا خلال الأسبوع الماضي إلى استمرار التشديد النقدي وإمكانية رفع جديد في الفائدة عند الحاجة لذلك.
ولكن البيانات الاقتصادي التي تصدر مؤخراً سواء عن قطاع العمالة أو معدلات التضخم أظهرت عدم حاجة الاقتصاد لمزيد من رفع الفائدة، خاصة وأن البنك الفيدرالي هو من حدد أن سياسته النقدية تعتمد على التغير في البيانات الاقتصادية.
مؤشر الدولار يشهد تراجع لليوم الثاني على التوالي في طريقه إلى تسجيل انخفاض أسبوعي بنسبة 1.4% بعد أن سجل أدنى مستوى خلال الأسبوع منذ شهرين ونصف.
عوائد السندات الحكومية الأمريكية
من جهة أخرى شهدت عوائد السندات الحكومية الأمريكية لأجل 10 سنوات انخفاض كبير هذا الأسبوع بنسبة 5.7% لتسجل أدنى مستوى منذ شهرين عند 4.381%، لتساهم في دفع الذهب إلى الارتفاع في ظل العلاقة العكسية بين أسعار الذهب وعوائد السندات الحكومية.
عضوة البنك الفيدرالي لوريتا ميستر صرحت أنها لا تتوقع حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة في ظل قوة ومرونة الاقتصاد الأمريكي، ولا تتوقع أن يقوم الفيدرالي برفع الفائدة في اجتماعه القادم في ديسمبر، لتشير أن الأمر لا يتعلق بموعد خفض الفائدة ولكن بتوقيت حفاظ البنك على السياسة المتشددة وإمكانية رفع الفائدة.
تذبذب في الطلب على العقود الآجلة لشراء الذهب
أظهر تقرير التزامات المتداولين المفصّل الصادر عن لجنة تداول السلع الآجلة، والذي يُظهر وضع المضاربة على الذهب للأسبوع المنتهي في 7 نوفمبر، تقلص ارتفاع عقود شراء الذهب ليصل إلى 600 عقد مقارنة مع التقرير، بينما انخفضت عقود بيع الذهب بمقدار 2191 عقد مقارنة مع التقرير السابق.
البيانات المتأخرة الصادرة عن تقرير لجنة تداول السلع الآجلة (COT) تظهر تقلص ارتفاع الطلب على عقود شراء الذهب مقارنة مع الأسابيع الماضية، وذلك بسبب تراجع الاستثمارات في الملاذ الآمن في ظل عدم توسع رقعة الحرب في الشرق الأوسط.
قد يشهد وضع الطلب على عقود الشراء والبيع للذهب تذبذب خلال الفترة القادمة في ظل اختلاف توقعات الأسواق بشأن مستقبل السياسة النقدية للبنك الفيدرالي الأمريكي. بالإضافة إلى فقدان الذهب الدعم من التوترات الجيوسياسية خلال الفترة الأخيرة.
التوقعات تشير إلى إمكانية عودة عدم اليقين في الأسواق بشأن مستقبل الدين في الاقتصاد الأمريكي، وهو ما قد يزيد الطلب على الذهب ليعوض ضعف الطلب على الملاذ الآمن حالياً.
أسعار الذهب في مصر
يستمر التذبذب في سعر الذهب بمصر ، ولكنه يميل إلى الارتفاع بدعم من سعر الأونصة العالمي، بينما يستمر الترقب لتغيرات سعر صرف الدولار في السوق الموازي والتي تعد صاحبة أكبر تأثير على سعر الذهب حالياً.
افتتح الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً تداولات اليوم الجمعة عند المستوى 2705 جنيه للجرام قبل أن يرتفع ويتداول وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 2710 جنيه للجرام، يذكر أن الذهب قد افتتح وأغلق جلسة الأمس عند نفس السعر 2700 جنيه للجرام، ولكنه قد سجل أعلى مستوى خلال الجلسة عند 2705 جنيه للجرام وأقل مستوى عند 2670 جنيه للجرام.
التذبذب الحالي في سعر الذهب المحلي يأتي في ظل بحث الأسواق عن حافز جديد لاستكمال الارتفاع سواء من قبل ارتفاع سعر الأونصة العالمية أو تحركات سعر الدولار في السوق الموازي، وهو الأمر الذي دفع السعر إلى التذبذب حول المستوى 2700 جنيه للجرام.
الجدير بالذكر أن توقعات حدوث تعويم في سعر صرف الجنيه قبل نهاية العام أو بعد الانتخابات الرئاسية تعمل على زيادة التخوفات في الأسواق، وهو ما يزيد من الطلب على الذهب كملاذ آمن ومخزن للقيمة خلال الفترة الحالية.
يذكر أن العقود الآجلة غير قابلة للتسليم لأجل 3 أشهر للجنيه المصري انخفضت لتسجل أدنى مستوى عند 37.7 جنيه للدولار خلال جلسة أمس الأربعاء، كما تراجعت العقود الآجلة لأجل 12 شهر بنسبة 11% منذ أواخر شهر سبتمبر حتى الآن لتصل إلى 47 جنيه للدولار وهو أدنى مستوى جديد يتم تسجيله.
حيث تعمل هذه المؤشرات على زيادة التوقعات بحدوث تعويم في سعر الصرف بسبب اتساع الفجوة بين سعر الصرف الرسمي والسعر الذي تراجع الأسواق المالية مناسب لقيمة الجنيه المصري حالياً.
من جهة أخرى ارتفع عجز موازنة الدولة 2023-2024 بنسبة 3.2% خلال أول شهرين في العام المالي، وذلك في ظل ارتفاع المصروفات وفوائد الدين الحكومي التي مثلت 161% بمقدار 391.77 مليار جنيه بنهاية شهر أغسطس الماضي.
كما أظهرت بيانات حديثة عن البنك المركزي المصري أن حجم الديون المستحقة للدول العربية وصل 42.5 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2022، بينما جددت الكويت وديعة بقيمة 4 مليار دولار لدى البنك المصري على شريحتين.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
ارتفاع سعر الأونصة العالمية بدعم من ضعف بيانات الاقتصاد الأمريكي المتعلقة بقطاع العمالة وبالتضخم الأمر الذي زاد من الطلب على الذهب خاصة بعد تغير توقعات الأسواق التي تشير حالياً إلى انتهاء دورة رفع الفائدة من قبل الفيدرالي.
بينما يستمر السعر المحلي للذهب في التذبذب مع ميله إلى الصعود وذلك في ظل استمرار عدم الاستقرار في سعر صرف الدولار الموازي، بالإضافة إلى استمرار المخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد الأمريكي وتوقعات تعويم سعر الصرف.
ارتفع سعر الذهب الفوري لليوم الثاني على التوالي بعد أن اخترق منطقة 1975 – 1980 دولار للأونصة، والآن يقترب السعر من المستوى 2000 دولار للأونصة وفي حالة اغلاق تداولات الأسبوع فوق هذا المستوى سيدعم المزيد من المكاسب في أسعار الذهب خلال الفترة القادم.
مؤشر الزخم الفنية لم تظهر بعد تشبع كبير في الشراء الأمر الذي يعطي الذهب المزيد من المجال للارتفاع، طالما السعر مستقر فوق منطقة الدعم 1975 – 1980 دولار للأونصة.
أما عن السعر المحلي
فيستمر السعر في التذبذب حول المستوى 2700 جنيه للجرام عيار 21 بعد أن تقلص زخم الصعود ليسيطر الترقب على تحركات السوق خلال الفترة الحالية، ولكن يبقى المستهدف نحو الصعود إلى المستوى 2750 جنيه للجرام ومن بعده القمة التاريخية للذهب عند 2800 جنيه للجرام.
أي تراجعات نشهدها في سعر الذهب المحلي خلال الفترة الحالية ستكون ضمن التصحيح السلبي للسعر ويعطي فرصة للشراء ودخول السوق، ومستهدفات التصحيح توجد عند 2650 ومن بعده 2600 جنيه للجرام.