اعلان

كيف تواجه الحكومة التحديات الاقتصادية المتزايدة؟.. اقتصادي يجيب

قناة السويس
قناة السويس

قال إسلام جمال الدين، الخبير الاقتصادي، وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، إن تصريح رئيس الوزراء يعكس إدراك الحكومة المصرية لحجم التحديات التي تواجهها وضرورة اتخاذ إجراءات استثنائية لمواجهتها.

الحكومة تعمل على تأمين مخزون استراتيجي للمواطنين

وأوضح في تصريح خاص لـ 'أهل مصر'، أن رئيس الوزراء حدد مسارين رئيسيين للتأثير على الاقتصاد المصري المسار الأول ارتفاع أسعار البترول عالميًا، والثاني التأثر الشديد لعائدات قناة السويس نظرًا لما يحدث في البحر الأحمر، وهذان العاملان يشكلان محور الأزمة الحالية حيث يؤثران بشكل مباشر على مصادر الدخل الرئيسية للبلاد وعلى تكاليف الإنتاج والاستهلاك.

وقد أكد مدبولي أن الحكومة تعمل على تأمين مخزون استراتيجي من الاحتياجات الأساسية للمواطنين في ظل حالة عدم اليقين التي تعيشها المنطقة نظرًا إلى التوترات الجيوسياسية وتصاعد حدة المخاطر.

ويرى الخبير الاقتصادي، أن هذا التصريح يكشف عن استراتيجية الحكومة في التعامل مع الأزمة على المدى القصير حيث تركز على ضمان توفر السلع الأساسية للمواطنين لتجنب أي نقص في المواد الغذائية أو الارتفاع في أسعارها، موضحا أن إشارة رئيس الوزراء إلى 'حالة عدم اليقين' يعكس الطبيعة المعقدة والمتقلبة للوضع الحالي فالتوترات الجيوسياسية في المنطقة، وخاصةً في البحر الأحمر تخلق بيئة غير مستقرة تصعب فيها التنبؤات الاقتصادية، وهذا الوضع يفرض على الحكومة اتخاذ إجراءات احترازية واستباقية لحماية الاقتصاد والمواطنين من التقلبات المحتملة.

الاقتصاد المصري يواجه سلسلة من التحديات غير المسبوقة

وأضاف أن الاقتصاد المصري يواجه سلسلة من التحديات غير المسبوقة نتيجة للتطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة والعالم والتي يأتي من بينها التقلبات الحادة في أسعار أسواق النفط العالمية إلى جانب الاضطرابات في منطقة البحر الأحمر والتي تشكل ضغوطًا هائلة على الاقتصاد المصري، مضيفا أنه مع تصاعد التوترات الجيوسياسية شهدت أسعار النفط ارتفاعًا ملحوظًا، وسيكون لهذا الارتفاع تداعيات واسعة النطاق تشمل زيادة كبيرة في تكاليف الاستيراد باعتبار مصر دولة مستوردة للنفط.

وكشف الخبير الاقتصادي أن هذا الارتفاع يؤدي إلى زيادة فاتورة الاستيراد بشكل كبير حيث بلغت واردات مصر من المنتجات البترولية حوالي 7.3 مليار دولار في عام 2023، وأي زيادة في الأسعار ستؤدي إلى ارتفاع هذه القيمة بشكل ملحوظ، ويضيف هذا الوضع ضغوطًا إضافية على الموازنة العامة للدولة حيث يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة تكلفة دعم الوقود في مصر.

وتابع إلى انه جانب تحديات أسعار النفط تواجه مصر تحديًا آخر لا يقل أهمية يتمثل في تداعيات الأحداث الجارية في البحر الأحمر على اقتصادها فقناة السويس تُعدُ شريان الحياة للاقتصاد المصري ومصدرًا رئيسيًا للعملة الصعبة، وتتأثر بشكل مباشر بهذه الأحداث في السنة المالية 2022/2023 حيث بلغت إيرادات القناة حوالي 9.4 مليار دولار مما يعكس أهميتها الكبيرة للاقتصاد المصري، ومع ذلك فإن الاضطرابات في حركة الملاحة البحرية تؤدي إلى انخفاض عدد السفن العابرة للقناة فعلى سبيل المثال في يناير 2024 انخفض عدد السفن العابرة للقناة بنسبة تتراوح بين 30-40% مقارنةً بنفس الفترة من العام السابق هذا الانخفاض في الإيرادات يؤثر بشكل مباشر على الاحتياطي النقدي، والتي بلغت حوالي 35 مليار دولار في نهاية عام 2023 مما يضع ضغوطًا إضافية على الاقتصاد المصري ، لذا فإن الإشارة إلى 'التأثر الشديد لعائدات قناة السويس' يعكس قلقًا حقيقيًا من قبل الحكومة حول قدرتها على الحفاظ على مستويات الدخل المعتادة من هذا المصدر الهام.

الضغوط التضخمية على الاقتصاد المصري

وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أنه لا يقتصر التأثير على قناة السويس فحسب، بل يمتد ليشمل التجارة الخارجية بشكل عام فاضطراب حركة الملاحة يؤدي إلى تأخير في سلاسل التوريد، مما يؤثر على استلام البضائع المستوردة وتصدير المنتجات المصرية، وقد تلجأ شركات الشحن إلى مسارات بديلة أطول وأكثر تكلفة مثل الدوران حول رأس الرجاء الصالح، مما يزيد من تكاليف الشحن بنسبة قد تصل إلى 15-20% هذه الزيادة في تكاليف الشحن تنعكس على أسعار السلع المستوردة، مما يزيد من الضغوط التضخمية على الاقتصاد المصري ويؤثر سلبًا على القدرة الشرائية للمواطنين.

ويري الخبير الاقتصادي أنه في ضوء تصريحات رئيس الوزراء يمكن استنتاج أن الحكومة المصرية تتبنى استراتيجية ذات شقين:

الشق الأول: إدارة الأزمة على المدى القصير من خلال تأمين المخزون الاستراتيجي وضمان توفر السلع الأساسية للمواطنين، وهذا يهدف إلى تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في مواجهة التحديات الراهنة.

الشق الثاني: التخطيط للمدى المتوسط والطويل عبر العمل على تنويع مصادر الدخل وتعزيز قدرة الاقتصاد المصري على الصمود في وجه الصدمات الخارجية، وقد يشمل هذا تطوير قطاعات جديدة وتعزيز الصناعات المحلية، والاستثمار في مشاريع البنية التحتية التي تعزز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري.

وأكد الخبير الاقتصادي أن تأكيد رئيس الوزراء على 'تصاعد حدة المخاطر' يشير إلى أن الحكومة تتوقع استمرار التحديات لفترة قادمة، ويتطلب هذا تبني نهج مرن في إدارة الاقتصاد مع القدرة على التكيف السريع مع المتغيرات الإقليمية والعالمية، كما تعكس تصريحات الدكتور مدبولي إدراكاً عميقاً لحجم التحديات التي يواجهها الاقتصاد المصري، وتشير إلى استعداد الحكومة لاتخاذ إجراءات استثنائية لمواجهة هذه الظروف، ومع ذلك فإن نجاح هذه الإجراءات سيعتمد على قدرة الحكومة على الموازنة بين الاحتياجات قصيرة المدى للمواطنين والأهداف طويلة المدى للتنمية الاقتصادية المستدامة، كما سيتطلب تعاونًا وثيقًا مع القطاع الخاص والمجتمع الدولي لتجاوز هذه المرحلة الحرجة وضمان استمرار النمو الاقتصادي في مصر.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً