اقتصادي: الدولة المصرية لديها رؤية متكاملة لدعم برامج الحماية الاجتماعية

السيد خضر خبير اقتصادي
السيد خضر خبير اقتصادي

قال سيد خضر الخبير الاقتصادي، إنه في ظل الأحداث والصراعات التي يشهدها العالم اليوم وأيضاً زيادة حدة الاختلالات في الشرق الأوسط ومدى امتداد تلك الصراعات على المدى الطويل وتأثير ذلك على توقف سلاسل الإمداد والتوزيع بسبب الأحداث الجيوسياسية في البحر الأحمر مما أثر على ارتفاع العديد من أسعار السلع الغذائية في العالم، وبالتالي انعكس ذلك على ارتفاع مستوى الأسعار في الداخل مما زاد من كاهل الأعباء الإضافية على المواطن مما جعل الدولة المصرية تفكر جدياً في الاتجاه إلى التغيير الجذري في منظومة الدعم العيني البسيط والاتجاه إلى وضع رؤية واستراتيجيات لتحويل هذا الدعم إلى دعم نقدي مع تحقيق التوازن في آليات الصرف ووضع مبالغ تتناسب مع تلك الأوضاع الاقتصادية حتى تساهم في دعم محدودي الدخل وتحقيق العدالة الاجتماعية لدى المواطن المصري.

وأوضح خضر أن الفترة السابقة والتي شهدت دعم عيني لم تتمتع بالعدالة الاجتماعية بين جميع المواطنين خاصة في مستوى الدخول حيث إن هناك دخولا مرتفعة في بعض الهيئات والشركات ومع ذلك يتقاضون هذا الدعم العيني في ظل وجود رواتب منخفضة في بعض الهيئات الخدمية وبالتالي ليس هناك توازن حقيقي في عملية صرف الدعم العيني للمواطن، حيث تعد استراتيجيات الدعم النقدي أداة حكومية مهمة لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتوجيه الدعم إلى الفئات الأكثر احتياجاً حيث تهدف هذه الاستراتيجيات إلى تحسين مستوى المعيشة للمواطنين، وتقليل الفقر، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي، وحيث إن سياسات الحماية الاجتماعية عبارة عن مجموعة من البرامج التي تنفذها الدولة بهدف التخفيف عن المواطنين ومساعدة الفقراء والفئات الأولى بالرعاية وحمايتهم من الآثار السلبية للسياسات الاقتصادية.

وأوضح أن هناك رؤية متكاملة من الدولة المصرية في دعم برامج الحماية الاجتماعية 2030 حيث إن الحماية الاجتماعية جزء أساسي في منظومة إدارة المخاطر الاجتماعية، وتشمل مجموعة من التدخلات التي تحمي الضعفاء من مخاطر العيش، والواقع أن الحماية الاجتماعية للفئات الضعيفة قد أصبحت نظامًا يسعى إلى تعزيز رأس المال البشري الذي يعتبر هدفًا رئيسيًا من أهداف السياسة الإنمائية للدولة المصرية ومدى الاهتمام بالعنصر البشري الذي أرى أنه أحد أهم ركائز العملية الإنتاجية والداعم الاستراتيجي للتنمية الاقتصادية، وفي هذا السياق ينبغي البحث عن آليات تُمكّن الفئات الضعيفة وتساعدهم على المشاركة في عملية التنمية.

وأضاف الخبير الاقتصادي، أن الدعم النقدي هو عبارة عن تحويلات مالية مباشرة من الحكومة إلى الأفراد أو الأسر المستحقة، بهدف رفع مستوى دخلهم وتحسين قدرتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية.

أهداف الدعم النقدي

مكافحة الفقر والحد من التفاوت الاجتماعي: حيث يهدف الدعم النقدي إلى تخفيف حدة الفقر عن طريق زيادة الدخول المتاحة للأسر الفقيرة، ويساعد الدعم النقدي المباشر للمواطنين ذوي الدخل المحدود على تلبية احتياجاتهم الأساسية وتحسين مستوى معيشتهم.

تحسين مستوى المعيشة: حيث يساهم الدعم النقدي في تحسين مستوى المعيشة للأسر المستفيدة، من خلال توفير الأموال اللازمة لتلبية الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والتعليم والصحة.

تعزيز الاستقرار الاجتماعي: حيث يساعد الدعم النقدي في تعزيز الاستقرار الاجتماعي من خلال تقليل التفاوتات في الدخل، وزيادة الشعور بالعدالة الاجتماعية، ويساهم أيضًا الدعم النقدي في تخفيف الضغوط المعيشية على الأسر ذات الدخل المنخفض، مما يقلل من مخاطر الاضطرابات الاجتماعية في المجتمع.

تمكين الأفراد: يمكن للدعم النقدي أن يُمكّن الأفراد من المشاركة في الأنشطة الاقتصادية، مثل التعليم والتدريب، وبالتالي زيادة فرصهم في الحصول على عمل أفضل.

تحفيز الطلب الكلي وتنشيط الاقتصاد: عندما يحصل المواطنون على دعم نقدي، فإنهم ينفقونه على السلع والخدمات مما يزيد الطلب الكلي ويحفز النشاط الاقتصادي.

تحقيق العدالة الاجتماعية

يعد الدعم النقدي أداة فعالة لتوزيع الثروة بشكل أكثر عدالة وتكافؤ بين أفراد المجتمع.

تحسين كفاءة الإنفاق الحكومي: يمكن للدعم النقدي أن يكون أكثر كفاءة من الدعم العيني، حيث يتيح للمواطنين اختيار السلع والخدمات التي تلبي احتياجاتهم بشكل أفضل.

تعزيز الشفافية والمساءلة: حيث عندما يتم تقديم الدعم بشكل نقدي مباشر للمواطنين، يزداد الوعي والشفافية حول كيفية إنفاق الأموال العامة.

توفير المال العام: حيث تحويل الدعم العيني إلى دعم نقدي يوفر المال العام، حيث أن الدعم النقدي يسمح بالتخطيط والرقابة على نفقات الدعم.

تحسين الخدمات: الدعم النقدي يهدف إلى تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، حيث أن الدعم النقدي يسمح بالتخطيط والرقابة على نفقات الدعم.

استراتيجيات الدعم النقدي

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن استراتيجيات الدعم النقدي تتنوع وتختلف باختلاف الظروف الاقتصادية والاجتماعية لكل دولة، ومن أهم هذه الاستراتيجيات:

الدعم النقدي غير المشروط: يتم فيه تقديم الدعم النقدي للأسر المستحقة دون شروط، مما يمنحهم حرية التصرف في هذه الأموال.

الدعم النقدي المشروط: يتم فيه ربط الدعم النقدي بشروط معينة، مثل إرسال الأطفال إلى المدرسة، أو زيارة العيادات الصحية، بهدف تحسين سلوكيات معينة وهكذا.

الدعم النقدي المؤقت: يقدم هذا النوع من الدعم لمدة محددة، بهدف مساعدة الأسر على تجاوز صعوبات مؤقتة.

الدعم النقدي الدائم: يقدم هذا النوع من الدعم للأسر التي تعاني من فقر مزمن، بهدف رفع مستواها المعيشي على المدى الطويل.

وأكد أن هناك تحديات تواجه عملية تنفيذ برامج الدعم النقدي، تحديد المستحقين بشكل حقيقي: تحديد الأسر المستحقة للدعم النقدي بدقة يتطلب نظامًا فعالاً لجمع البيانات والتحقق من الأهلية.

القضاء على الفساد الإداري

حيث يتعرض برامج الدعم النقدي للفساد بسبب الاتجاه إلى إعطاء الدعم إلى أفراد غير مستحقين لهذا الدعم، مما يؤدي إلى استفادة غير مستحقة البعض على حساب الآخرين، مما يتطلب آليات مراقبة وتقييم فعالة.

تأثير الدعم النقدي على الحوافز للعمل: قد يؤدي الدعم النقدي إلى تقليل الحوافز للعمل لدى بعض الأفراد.

سوء الاستخدام: قد يستخدم بعض المستفيدين الدعم النقدي في غير أغراضه، مثل شراء السلع غير الضرورية أو المخدرات.

التضخم: حيث يؤدي زيادة الطلب الناتج عن الدعم النقدي إلى ارتفاع الأسعار.

القدرة الشرائية: قد لا يكون الدعم النقدي كافيًا لتلبية احتياجات بعض المستفيدين، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار.

دول تطبق الدعم النقدي

البرازيل: برنامج 'Bolsa Família' أحد أنجح برامج الدعم النقدي المشروط في العالم، حيث تمكن من تقليل الفقر وتحسين التغذية لدى الأطفال.

المكسيك: برنامج 'Oportunidades' يركز على تحسين فرص التعليم والصحة للأسر الفقيرة.

كندا: تقدم كندا مجموعة متنوعة من برامج الدعم النقدي للأسر ذات الدخل المنخفض، مثل 'Canada Child Benefit'.

وأشار إلى أن هناك عدة طرق لتحسين فعالية الدعم النقدي في مواجهة التحديات الاقتصادية في مصر، لتحسين استهداف المستحقين وذلك من خلال:

تطوير آليات دقيقة لتحديد الأسر والأفراد الأكثر احتياجًا للدعم.

الاعتماد على بيانات موثوقة ومحدثة عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين.

إشراك المجتمع المدني والسلطات المحلية في عملية الاستهداف.

زيادة كفاءة التنفيذ والرقابة وذلك من خلال:

تبسيط إجراءات التسجيل والصرف للمستفيدين.

تعزيز الرقابة والمتابعة لضمان وصول الدعم للمستحقين.

الاستفادة من التقنيات الحديثة كالتحويلات النقدية الإلكترونية.

ربط الدعم بالبرامج التنموية وذلك من خلال:

ربط الدعم النقدي بالبرامج التي تعزز التنمية البشرية والمهارات.

تشجيع المستفيدين على الاستثمار في التعليم والصحة والمشاريع الصغيرة.

تقديم حوافز للمستفيدين لتحسين مستوى دخولهم وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

تعزيز الشفافية والمساءلة والإفصاح وذلك من خلال:

نشر المعلومات عن برامج الدعم النقدي وآليات الاستهداف.

إتاحة قنوات للمراجعة والتظلم للمواطنين.

إشراك المجتمع المدني والخبراء في متابعة وتقييم البرامج.

وبالتالي هذه التدابير تساهم في عملية تعزيز فعالية الدعم النقدي في مواجهة التحديات الاقتصادية وتحقيق أهدافه في تحسين مستوى معيشة المواطنين وتعزيز الاستقرار الاجتماعي.

اعتبارات أهمية الدعم النقدي مقارنة بالدعم العيني

الكفاءة والمرونة:

الدعم النقدي يتيح للمستفيدين حرية اختيار السلع والخدمات التي تلبي احتياجاتهم بشكل أفضل.

يمكن للمستفيدين استخدام الدعم النقدي بما يتناسب مع أولوياتهم المتغيرة.

الدعم النقدي أكثر كفاءة في استخدام الموارد العامة مقارنة بالدعم العيني.

تعزيز الكرامة والاستقلالية:

الدعم النقدي يمنح المستفيدين السيطرة والاستقلالية في إدارة شؤونهم المالية.

يساهم في الحفاظ على كرامة المستفيدين وتجنب الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالدعم العيني.

يعزز الشعور بالمسؤولية والملكية لدى المستفيدين تجاه برامج الدعم.

التنمية الاقتصادية والاجتماعية:

الدعم النقدي يحفز الطلب المحلي وينشط الاقتصاد المحلي.

يساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية وتقليل التفاوت بين الفئات.

يعزز الاستثمار في رأس المال البشري كالتعليم والصحة.

الشفافية والإفصاح الحقيقي من خلال تطبيق الحوكمة:

الدعم النقدي يزيد من شفافية عملية الإنفاق الحكومي.

يسهل متابعة وتقييم برامج الدعم وقياس أثرها على المستفيدين.

يعزز المساءلة والرقابة المجتمعية على برامج الدعم الحكومية.

وأشار إلى أن الدعم النقدي يُعد أداة أكثر فعالية وكفاءة في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية في مصر مقارنة بالدعم العيني.

آليات الحد من الفساد في ظل الدعم النقدي

الشفافية: يجب أن تكون عملية توزيع الدعم النقدي شفافة تمامًا، وأن يتم نشر قوائم المستفيدين والمبالغ المستحقة لكل فرد.

المساءلة: يجب أن يكون هناك آليات للمساءلة، وأن يتم محاسبة أي شخص يرتكب مخالفات في عملية التوزيع.

التقنيات الحديثة: يمكن استخدام التقنيات الحديثة مثل البطاقات الذكية والتحويلات البنكية لتسهيل عملية الدفع وتقليل فرص الفساد.

التوعية: يجب توعية المستفيدين بأهمية استخدام الدعم النقدي في الأغراض المخصصة له.

وأكد أن العبرة ليست بزيادة الإنفاق على منظومة الدعم النقدي بمختلف أنواعها لتحسين مستوى المعيشة، وإنما بحسن الإدارة والتطبيق الحقيقي لها، فزيادة الإنفاق على الدعم لن تساهم في خفض معدلات الفقر، وإنما تحدث إعادة برمجة لمنظومة الدعم، وذلك بإنشاء منظومة للدعم النقدي بالتوازي مع إعادة هيكلة منظومة الدعم السلعي، وتحويلها لمنظومة دعم نقدي، حيث ساهمت عملية إعادة هيكلة منظومة الدعم في لن تساهم في انتشال الأسر من تحت خط الفقر ولكن أرى أن الأهم هو تحقيق مستوى التوازن في أسعار السلع الاستراتيجية حتى يكون هناك تحقيق توازن بين مدخلات المواطن ومخرجاته في توفير السلع الأساسية، أيضًا فرض الرقابة الفاعلة والصارمة على أداء الأسواق وعلى محتكري السلع الغذائية ومحتكري قوت الشعب المصري وإذا لزم الأمر لمواجهة تلك الظاهرة الشرسة نستطيع أن نقضي عليها بتطبيق قانون الطوارئ على مستغلي الأزمات لصنع ثرواتهم، أيضًا تكثيف إجراءات الحماية الاجتماعية الهادفة لمساندة فئات محدودي الدخل وللحد من آثار الإصلاح الاقتصادي، وإجراء تعديلات هيكلية في سياسات الحماية الاجتماعية لضمان عدم تسرب الدعم ووصوله للمستحقين الحقيقيين مع عودة دور الدولة في تحمل المسؤولية الاجتماعية والاقتصادية، كذلك استخدام تطبيقات التكنولوجيا الحديثة في تقديم الدعم مع خلق قاعدة بيانات دقيقة بالمستحقين لهذا الدعم مع صرف دعم نقدي ملائم للتطورات في أسعار السلع الأساسية.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً