شهدت العملة الأميركية في الأيام الأخيرة تحركات لافتة، حيث ظهر اتّجاه جديد في السوق بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، مما أدى إلى تقلبات ملحوظة في الدولار، ففي الأسبوع الماضي، تجاوزت عمليات بيع الدولار عمليات الشراء، مما يعكس بداية تراجع في الزخم الذي كان قد دعم الدولار لفترة طويلة.
منذ أواخر سبتمبر، شهد الدولار الأميركي ارتفاعًا ملحوظًا، مدفوعًا بشكل جزئي بخطط ترمب لرفع الرسوم الجمركية، بالإضافة إلى المخاوف من أن هذه السياسات ستؤدي إلى زيادة التضخم في الولايات المتحدة، مما قد يثني بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي عن خفض أسعار الفائدة، وعلى الرغم من استمرار هذا الارتفاع، إلا أن مؤشر بلومبرغ للدولار شهد تراجعًا طفيفًا على مدار ثلاثة أيام في بداية الأسبوع الحالي بعد بلوغه أعلى مستوى له في عامين.
التذبذب في السيولة: بيع وشراء الدولار
أنتوني فوستر، رئيس التداول الفوري لشركة 'نومورا إنترناشيونال'، أشار إلى أن الدولار الأميركي دخل مرحلة من الاضطراب بعد الانتخابات، مع تباطؤ تدفقات الأموال واتجاهات المستثمرين التي أصبحت أكثر تباينًا، فقد شهد السوق تذبذبًا في حركة الأموال بين البيع والشراء للعملة الأميركية، مما يعكس تشككًا في قدرة الدولار على الحفاظ على مكاسبه.
من الناحية الفنية، يشير مؤشر الزخم إلى أن الدولار الأميركي قد وصل إلى مرحلة 'الشراء المفرط'، مما يضعف احتمالية تحقيق مكاسب إضافية في المستقبل القريب.
كما أطلق مؤشر 'جيه بي مورغان' إشارات تفيد بأن البيع قد بدأ يتفوق على الشراء للعملة الأميركية، وهو ما يعكس الحذر المتزايد من المستثمرين.
التوقعات المستقبلية: بين التوسع والانكماش
رغم التراجع الطفيف الذي شهدته العملة الأميركية، ما يزال العديد من الخبراء يتوقعون استمرار قوة الدولار في المستقبل القريب، حيث يرى استراتيجيون في 'غولدمان ساكس' أن الدولار سيظل قويًا خلال الفترة المقبلة، خاصة إذا استمرت السياسات الحمائية لترمب في التأثير على الاقتصاد الأميركي، وهذه السياسات قد تؤدي إلى زيادة التضخم، مما يدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى تقليص وتيرة خفض أسعار الفائدة، وبالتالي دعم الدولار.
على الجانب الآخر، يرى خبراء 'مورغان ستانلي' أن الدولار سيظل متذبذبًا في نطاق محدود خلال عام 2025، ولكن قد يظل في الاتجاه الصعودي حتى نهاية العام الحالي، وهو ما يعكس تنبؤات متفاوتة بشأن مستقبل العملة الأميركية.
الضغط على العملات الأخرى
في الوقت نفسه، شهدت العملات الرئيسية الأخرى مثل اليورو والين الياباني بعض التحركات، حيث استفاد اليورو من دعم فني عند مستوى 1.05 دولار أميركي، بعد تراجع استمر لمدة ثلاثة أشهر.
أما الين الياباني، فقد واجه صعوبة في تجاوز مستوى 155 يناً لكل دولار أميركي، رغم تصريحات محافظ بنك اليابان التي لم تحدد توجهات واضحة بشأن رفع أسعار الفائدة.
من جهة أخرى، واصل الدولار الأميركي مكاسبه على حساب عملات الأسواق الناشئة مثل اليوان الصيني، وسط رهانات متزايدة على استمرار قوته مع التصعيد المتوقع في السياسة التجارية.
التوقعات
على الرغم من التذبذب الحالي في قيمة الدولار الأميركي، إلا أن الاتجاه العام يُظهر تفضيلًا مستمرًا للرهانات على قوته على المدى القصير.
بينما يتوقع البعض تراجعًا طفيفًا في قيمته إذا لم تنجح السياسات الاقتصادية في تحقيق أهدافها، إلا أن الغالبية العظمى من المحللين يرون أن الدولار سيظل قويًا في الأفق القريب، مما قد يؤدي إلى استمرار الضغط على العملات الأخرى، خاصة إذا استمر التأثير المترتب على فوز ترمب في الانتخابات.