أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية عن خطة شاملة تهدف إلى تعزيز إنتاج المنتجات البترولية وتلبية احتياجات السوق المحلي من الطاقة، و تأتي هذه الخطة في وقت يعاني فيه السوق العالمي من تقلبات في أسعار النفط والغاز، مما يفرض تحديات على الاقتصادات النامية مثل مصر.
وفي هذا السياق، تسعى الوزارة جاهدة لتعزيز الاستثمارات في قطاع الطاقة من خلال مشاريع استثمارية ضخمة، توسيع عمليات التكرير، وتطوير البنية التحتية للنقل والتخزين.
توسعات في مشروعات التكرير
تولي وزارة البترول اهتمامًا كبيرًا بمشروعات التكرير بهدف سد الفجوة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك المتزايد، وفي هذا الإطار، تواصل الوزارة تنفيذ مشروعات ضخمة لتوسيع قدرات التكرير في مصر، وهي خطوة أساسية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي.
- توسعات معمل ميدور: تم تنفيذ توسعات جديدة في معمل ميدور لتوسيع طاقته التكريرية بنحو 60% بتكلفة تصل إلى 2.4 مليار دولار، ومن المتوقع أن تسهم هذه التوسعات في تعزيز قدرة مصر على تلبية احتياجاتها من المنتجات البترولية المختلفة.
- مشروع البنزين عالي الأوكتين في أسيوط: يهدف هذا المشروع إلى إنتاج 800 ألف طن سنويًا من البنزين عالي الأوكتين، مما يساهم في تغطية احتياجات السوق المحلي في صعيد مصر.
- مجمع أنوبك لإنتاج السولار: بتكلفة استثمارية تبلغ 2.9 مليار دولار، يستهدف المجمع تعزيز قدرة مصر على إنتاج السولار، أحد المنتجات الأساسية التي يعتمد عليها السوق المصري.
البنية التحتية للنقل والتخزين
تحرص وزارة البترول على تحسين شبكة النقل والتخزين لضمان وصول المنتجات البترولية إلى مختلف أنحاء البلاد بشكل آمن وفعال.
- مشروعات خطوط النقل الجديدة: في إطار تعزيز قدرة النقل، تم إضافة 4 خطوط نقل جديدة بإجمالي أطوال 295 كيلومترًا، مما يعزز قدرة الوزارة على نقل المنتجات بشكل أسرع وأكثر كفاءة.
- زيادة السعات التخزينية: تم إضافة مستودعين جديدين بسعة 10 آلاف متر مكعب لكل منهما، مما يعزز قدرة الوزارة على تخزين المنتجات بفعالية ويسهم في الحد من الفاقد أثناء عملية النقل.
التوسع في صناعة البتروكيماويات
تعتبر صناعة البتروكيماويات من القطاعات الحيوية ذات القيمة المضافة العالية، حيث تعمل وزارة البترول على تعزيز هذه الصناعة من خلال العديد من المشاريع الطموحة:
- مجمع البحر الأحمر للبتروكيماويات: بتكلفة استثمارية تصل إلى 7.5 مليار دولار، يهدف المجمع إلى إنتاج 2.7 مليون طن من المنتجات البتروكيماوية سنويًا، مما يسهم في تقليل الاعتماد على الواردات ويعزز القدرة التنافسية لمصر في الأسواق العالمية.
- مشروع مشتقات الميثانول: يشمل المشروع إنتاج 87 ألف طن سنويًا من اليوريا فورمالدهيد و52 ألف طن سنويًا من النفثالين فورمالدهيد المسلفن، مما يساهم في تعزيز قطاع البتروكيماويات المحلي.
سداد مستحقات الشركاء الأجانب
تسعى وزارة البترول إلى تعزيز الشراكة مع الشركات الأجنبية من خلال سداد مستحقات هذه الشركات في توقيتاتها المحددة، وذلك لتشجيعهم على زيادة استثماراتهم في قطاع النفط والغاز.
- في نوفمبر 2024، تم سداد مليار دولار من مستحقات الشركات الأجنبية، مما يعكس التزام الحكومة بتعزيز استثمارات القطاع وتحقيق المزيد من الاكتشافات في مجالات النفط والغاز.
وتواصل وزارة البترول العمل على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، حيث تم توقيع 119 اتفاقية جديدة للتنقيب عن النفط والغاز في مناطق البحر الأحمر والبحر المتوسط، مما يساعد في زيادة الإنتاج المحلي ويسهم في تعزيز احتياطيات الغاز الطبيعي إلى 90 تريليون قدم مكعب.
في إطار التوجه العالمي نحو الطاقة النظيفة، تعمل وزارة البترول على إطلاق مشروعات لتوسيع استخدام الوقود الحيوي، مثل مشروع الإيثانول الحيوي الذي يهدف إلى إنتاج 100 ألف طن سنويًا.
تطورات السوق المحلي
أكدت وزارة البترول على سعيها المستمر لتلبية احتياجات السوق المحلي من المنتجات البترولية.
وفي هذا السياق، تم التعاقد على استيراد 180 ألف طن من المازوت في أكتوبر 2024، وزيادة واردات الغاز الطبيعي من إسرائيل بنسبة 10% في نوفمبر 2024، بهدف تأمين الإمدادات.
دور وزارة البترول في تعزيز أمن الطاقة
يشير الخبراء إلى أن قطاع البترول يعد من الأعمدة الرئيسية لأمن الطاقة في مصر. من خلال مشاريعها الاستراتيجية، تسعى وزارة البترول إلى تقليل الاعتماد على الاستيراد وزيادة الاكتفاء الذاتي من المنتجات البترولية. هذا الأمر يعد من أهم عناصر تعزيز الاستقرار الاقتصادي في مصر في المستقبل.
وتسعى وزارة البترول جاهدة إلى تعزيز قدرات الإنتاج المحلي من المنتجات البترولية من خلال استثمارات ضخمة في مشروعات التكرير والتوسعات في قطاع البتروكيماويات، بالإضافة إلى تحديث البنية التحتية لنقل وتخزين المنتجات، من خلال هذه الخطط، تهدف الوزارة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات البترولية، مما يساهم في تأمين احتياجات السوق المحلي وتعزيز الاقتصاد المصري بشكل عام.
وقال علي حليوة، خبير البترول والطاقة، حول مشروعات التكرير والتوسعات، إن مشروعات التكرير التي تنفذها وزارة البترول تمثل خطوة مهمة نحو سد الفجوة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك المتزايد في مصر.
وأضاف أن توسعات معمل ميدور تمثل نقلة نوعية، حيث ستزيد الطاقة التكريرية بنسبة 60%، مما يسهم في تلبية احتياجات السوق المصري بشكل أفضل.
كما أكد أن مشروع إنتاج البنزين عالي الأوكتين في أسيوط سيسهم بشكل كبير في توفير هذا المنتج الحيوي في صعيد مصر.
وحول التعاون مع الشركات الأجنبية، قال حليوة إن سداد مستحقات الشركات الأجنبية يعد خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الدولي في قطاع البترول، مما يشجع هذه الشركات على زيادة استثماراتها في مصر وبالتالي يسهم في تحسين الإنتاج المحلي من النفط والغاز.
وأكد د. رمضان أبو العلا، أستاذ هندسة البترول والطاقة، حول استخدام التكنولوجيا في التكرير، على أهمية استخدام التكنولوجيا الحديثة في معامل التكرير.
وأوضح أن إدخال التقنيات المتقدمة يساعد في تقليل الفاقد وزيادة إنتاج المواد البترولية عالية القيمة، مما يعزز العوائد الاقتصادية لمصر ويزيد من قدرتها على تلبية احتياجات السوق المحلي بشكل أكثر كفاءة.
وحول التوسع في اتفاقيات التنقيب أشار أبو العلا إلى أن توقيع 119 اتفاقية جديدة مع الشركات العالمية للتنقيب عن النفط والغاز يعكس التزام الحكومة بتعزيز استثمارات قطاع الطاقة.
كما أضاف أن هذه الاتفاقيات ستؤدي إلى زيادة احتياطيات الغاز الطبيعي في مصر بشكل كبير، مما يسهم في تحسين قدرة البلاد على تلبية احتياجاتها من الطاقة.
ووصف د. سيد خضر، الخبير الاقتصادي صناعة البتروكيماويات بأنها من القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، مؤكداً أن تطوير هذه الصناعة يسهم في توفير المواد الخام للصناعات الأخرى وتقليل الاعتماد على الواردات. وأوضح أن مشروعات مثل مجمع البحر الأحمر للبتروكيماويات ستعزز من مكانة مصر في الأسواق العالمية، كما ستوفر فرص عمل جديدة.
وحول الطاقة النظيفة شدد خضر على أهمية توجه وزارة البترول نحو الطاقة النظيفة، مشيرًا إلى أن مشاريع مثل الوقود الحيوي من المخلفات الزراعية تشكل خطوة هامة نحو تحقيق التنمية المستدامة في مصر. وأكد أن هذه المبادرات ستساهم في تقليل الآثار البيئية وتحقيق أهداف مصر في التحول إلى الطاقة المتجددة.
فيما أكد مصدر مسؤول بالهيئة العامة للبترول، حول تطوير البنية التحتية للنقل والتخزين على أن تطوير شبكة النقل والتخزين يعد أحد الركائز الأساسية لضمان وصول المنتجات البترولية إلى كافة أنحاء مصر بكفاءة عالية.
وأضاف أن إضافة خطوط نقل جديدة بسعة كبيرة سيسهم في تحسين العمليات اللوجستية وتقليل الفاقد خلال النقل.
وحول تعزيز صادرات الغاز الطبيعي، أشار المصدر إلى أن تحديث الموانئ البترولية لاستقبال السفن العملاقة سيكون له دور كبير في تعزيز صادرات الغاز الطبيعي، مما سيسهم في زيادة عائدات مصر من صادرات الطاقة.
كما أكد أن الحكومة تعمل على تحسين الكفاءة التشغيلية للموانئ والمرافق البترولية لزيادة القدرة التنافسية لمصر في الأسواق العالمية.
وتأتي تصريحات الخبراء لتؤكد على أهمية الخطط الاستراتيجية التي وضعتها وزارة البترول لتحسين إنتاج وتوزيع المنتجات البترولية، وتعزيز قدرة مصر على تلبية احتياجات السوق المحلي. تلك الخطط تشمل توسعات ضخمة في مشروعات التكرير، تطوير صناعة البتروكيماويات، تحسين البنية التحتية للنقل والتخزين، وزيادة التعاون مع الشركات الأجنبية.