يمثل قطاع التعدين في مصر أحد الأعمدة الاقتصادية التي تمتلك إمكانات هائلة لم تُستغل بعد بالقدر الكافي،حيث تزخر مصر بموارد معدنية غنية ومتنوعة، تمتد من الذهب والمعادن النفيسة إلى الفوسفات والأحجار الكريمة. وعلى الرغم من هذه الثروات الطبيعية الهائلة، فإن مساهمة التعدين في الناتج المحلي الإجمالي لا تزال محدودة، مما يفتح الباب واسعًا أمام فرص كبيرة للتطوير والاستثمار.
ومع وجود تشريعات جديدة وخطط طموحة لتحفيز الاستثمار المحلي والدولي، تسعى مصر إلى تحويل قطاع التعدين إلى محور رئيسي للتنمية الاقتصادية، وتعزيز قدرته على دعم الدخل القومي، وخلق فرص عمل، والمساهمة في تحقيق رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.
تعديلات جذرية في الإطار التشريعي والقانوني المنظم لاستغلال الثروات المعدنية.
أوضح الجيولوجي محمد إمام خبير واستشاري التعدين، أن الإجراءات المقترحة لجعل قطاع التعدين مصدر رئيسي للدخل القومي في مصر تتطلب تعديلات جذرية في الإطار التشريعي والقانوني المنظم لاستغلال الثروات المعدنية.
وأشار إلى أن الإجراء الثاني من هذه الإصلاحات يتمثل في اتفاقيات بقانون لاستغلال الذهب والمعادن المصاحبة، مشددًا على ضرورة تجاوز العيوب الموجودة .
جيولوجي محمد إمام خبير واستشاري التعدين
الوضع السابق:
واضاف انه كان الفكر التشريعى فى التعدين القديم يعتمد على المناصفة في الإنتاج عند إعلان الكشف التجاري، ووفقًا لهذا ، كانت الدولة تمنح المستثمرين مساحات من الصحراء للبحث والاستكشاف على نفقتهم، مع ترك المعدات للدولة في حال فشل الاستكشاف، أما إذا نجح المستثمر في تحقيق كشف تجاري، فكان يحصل على عائد استثماراته من الإنتاج قبل اقتسام الذهب مع الدولة.
وتابع انه رغم أن هذا التشريع أسفر عن نجاحات محدودة مثل منجم السكري، إلا أنه اعتُبر طاردًا للاستثمارات، حيث يضع أعباءً كبيرة على المستثمر دون ضمانات واضحة.
الوضع الحالي:
واشار امام ،الى ضرورة تدارك المشرع عيوب التشريع السابق باعتماد نظام الإتاوة والإيجار والضرائب، وهو نظام يُعد أكثر جاذبية للاستثمار. ومع ذلك، أُضيفت له قيود تعوق تحقيق الاستفادة الكاملة، مثل شرط 'نسبة المشاركة المجانية'، الذي يُلزم المستثمر بمشاركة الدولة في الإنتاج، حتى في حالة فشل المشروع.
الوضع المطلوب:
ودعا محمد إمام إلى اعتمادالإتاوة والإيجار والضرائب بشكل كامل، مع إلغاء شرط المشاركة المجانية، وتبسيط إجراءات الاستثمار من خلال غلق أبواب المزايدات العالمية والاكتفاء بطرح المساحات كفرص استثمارية مباشرة.
وأكد أنه يمكن لمصر أن تحقق نقلة نوعية في قطاع التعدين إذا تم تعديل القوانين وتبني فكر تشريعي جديد يدعم استغلال الموارد بشكل فعال، ووفقًا لتقديراته، يمكن أن يُنتج 50 منجم ذهب جديد خلال خمس سنوات فقط، مع احتمال زيادة العدد إلى أكثر من 200 موقع واعد إذا توفرت برامج استكشاف متقدمة.
الأحجار الكريمة: مصدر دخل مهدر
وأشار إمام إلى ضرورة تقنين البحث واستغلال الأحجار الكريمة والنيازك، مشددًا على أن هذا النشاط يتم حاليًا في الخفاء، مما يحرم الدولة من دخل قومي كبير.
واقترح وضع تشريعات واضحة لتنظيم هذا المجال من خلال تراخيص قانونية تسهم في تطوير السوق المحلي وزيادة عائدات الدولة.
موكدا أن قطاع التعدين يمكن أن يكون رافدًا اقتصاديًا رئيسيًا، إذا وُضعت التشريعات الصحيحة، وتم تجاوز العقبات التي عطلت نمو هذا القطاع لعقود.
فرصة استثنائية لتحقيق طفرة اقتصادية
ومن جانبه قال د.حسام غاويش، الخبير الاقتصادي، بأن قطاع التعدين في مصر يمثل فرصة استثنائية لتحقيق طفرة اقتصادية، مشيرًا إلى أن مصر تتمتع بموقع استراتيجي فريد وثروة معدنية هائلة غير مستغلة.
ووصف غاويش مصر بأنها جزء من 'الدرع العربي'، الذي يحمل بين طياته كنوزًا من الذهب والنحاس والفضة والزنك والبلاتين، إلى جانب العديد من المعادن الثمينة الأخرى.
وأضاف أن الاحتياطي الجيولوجي في مصر يقدر بحوالي 7.36 مليون أوقية من الذهب، مما يجعلها مرشحة لأن تكون واحدة من أفضل وجهات التعدين عالميًا.
وأشار إلى أن هذه الإمكانيات الطبيعية تُعزز من خلال برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أطلقته الحكومة المصرية، والذي يهدف إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي، جذب الاستثمارات، وتعزيز جاذبية السوق وفقًا لرؤية مصر 2030.
د.حسام غايش الخبير الاقتصادى
إصلاحات في الجوانب التنظيمية والمالية والحوكمة وأنظمة الترخيص
وأوضح غاويش أن قطاع التعدين شرع في مشروع تحديث شامل يركز على تحسين جميع الأنشطة المتعلقة بالقطاع. ويشمل ذلك إصلاحات في الجوانب التنظيمية والمالية والحوكمة وأنظمة الترخيص.
موضحا ان الاهداف تتضمن إصدار 300 ترخيص سنويًا.
حيث ان مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي إلى 7.8 مليار دولار بحلول عام 2030بالاضافة الى تحقيق 5.2 مليار دولار من الصادرات المعدنية.،بالاضافة الى خلق 110 آلاف فرصة عمل جديدة
وأشار إلى أن الخطط تتضمن إطلاق ثلاث جولات عطاءات سنويًا وزيادة المساحات المرخصة، خاصة في الصحراء الشرقية، التي تحتوي على موارد معدنية ضخمة غير مستغلة.
ضرورة تكامل السياسات التعدينية بين الكيانات الحكومية
وأكد غاويش على أهمية تكامل السياسات التعدينية بين الكيانات الحكومية، مشددًا على أن تحقيق التماسك والكفاءة في إدارة الموارد هو مفتاح إطلاق العنان للإمكانات الكاملة لهذا القطاع الحيوي.
مؤكدا أن برنامج التحديث في قطاع التعدين هو حجر الزاوية الذي سيمكننا من الوصول إلى أفضل الممارسات العالمية، مما يضع مصر على خريطة التعدين العالمية ويدفع بالنمو الاقتصادي والازدهار للأمة.
حيث إن رؤية قطاع التعدين في مصر تُبرز الإمكانيات الهائلة التي يمكن استغلالها لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة. بفضل الإصلاحات الاقتصادية وبرامج التحديث، تتجه مصر نحو أن تصبح مركزًا عالميًا للتعدين، مما يعزز مكانتها كمحور رئيسي للاستثمارات في الموارد الطبيعية.
120 منجمًا و60 محجرًا منتشرة في مختلف المحافظات
ووفقًا للإحصائيات الصادرة عن هيئة الثروة المعدنية، تمتلك مصر حوالي 120 منجمًا و60 محجرًا منتشرة في مختلف المحافظات. يُعتبر منجم السكري في الصحراء الشرقية أحد أبرز الأمثلة على نجاح استغلال الثروة المعدنية، حيث يُعد من أكبر 10 مناجم ذهب في العالم.
المعادن الرئيسية المستخرجة في مصر:
1. الذهب: يتركز في الصحراء الشرقية.
2. الفوسفات: يُستخرج بكثافة من مناطق البحر الأحمر ووادي النيل.
3. الرمال البيضاء: تُستخدم في صناعات الزجاج وتوجد في مناطق مثل سيناء.
ومن جانبه يري محمد حليوة خبير اقتصادى ،أنه رغم التحديات، يُمكن لقطاع التعدين أن يصبح رافدًا قويًا للاقتصاد المصري إذا تم:
1. تطوير التشريعات: إصدار قوانين مرنة تشجع الاستثمار.
2. التوسع في الشراكات الدولية: جذب شركات عالمية ذات خبرة تقنية متقدمة.
3. زيادة الإنفاق على البحث العلمي: لتعزيز الاكتشافات الجديدة وتطوير التكنولوجيا.
4. تحقيق التوازن البيئي: وضع استراتيجيات تعدين مستدامة تحمي الموارد الطبيعية.