انطلاق روبوت الذكاء الاصطناعي التوليدي الصيني ديب سيك أدى إلى تذبذب أسهم قطاع تكنولوجيا المعلومات الأمر ألقى بتداعياته على واحدة من أكبر الشركات المزودة لكبار اللاعبين التقنيين شركة انفيديا وهي المزود الرئيسي لشرائح ديب سيك ومنافسها شات جي بي تي.
وشهد سهم انفيديا تراجعًا ملحوظًا قبل أن يبدأ في التعافي مسجلًا ارتفاعًا بأكثر من 2%، إلا أن الأهم من ذلك هو الأسباب والتداعيات التي أدت إلى هذا الانخفاض الحاد.
فما حدث مع انفيديا يعكس ديناميكية السوق وتأثير الأخبار، حتى وإن لم تكن تستند إلى حقائق واضحة. وبينما قد تثير الأحداث الكبرى مخاوف المستثمرين، فإن النظرة المتعمقة تكشف أن الأساسيات الاقتصادية للشركة لا تزال قوية، ما يجعل التراجعات فرصة مدروسة للمستثمرين الأذكياء.
لم يكن التراجع مرتبطًا بمشكلات جوهرية في الشركة أو في تقنياتها، بل جاء نتيجة حالة القلق في السوق بشأن الطلب المستقبلي على الرقائق الإلكترونية.
وقال الخبير التقني محمد عبد الباسط أن الضبابية حول مدى استخدام شركة ديب سيك DeepSeek لرقائق انفيديا لعبت دورًا رئيسيًا، حيث ساد اعتقاد خاطئ بأن DeepSeek لم تعتمد على شرائح الشركة الأمريكية، مما أثار مخاوف من تراجع الطلب على هذه التقنيات. لكن الواقع يشير إلى أن DeepSeek تعتمد بالفعل على رقائق انفيديا، وإن كان ذلك بكميات أقل مقارنة بـ OpenAI.
السياق الاقتصادي وتأثيره على السوق
وكشف عبد الباسط في تصريحات خاصة لـ'أهل مصر' أن هذا التراجع في ظل أسبوع حافل بالأحداث الاقتصادية المؤثرة، منها إعلانات الأرباح لعدد من عمالقة التكنولوجيا مثل آبل، تسلا، مايكروسوفت، ميتا وIBM، وهي شركات ذات وزن ثقيل في مؤشرات ناسداك وS&P 500 بجانب قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة، وهو عامل حاسم يؤثر في الأسواق العالمية.
وأكد عبد الباسط أن هناك تأثير واضح بفعل الاضطرابات الجيوسياسية والسياسات الحكومية، بما في ذلك قرارات الإدارة الأمريكية بشأن الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي، مثل مشروع Stargate المدعوم بتمويل 500 مليار دولار.
ونوه أن التغيرات في السياسات النقدية العالمية، مثل رفع اليابان لأسعار الفائدة، أحدث اضطرابات في استراتيجيات التداول بالرافعة المالية (Leverage Trading).
انعكاسات على أسواق العملات الرقمية
وأضاف عبد الباسط أن تأثر سوق العملات الرقمية، وخاصة البيتكوين، نتيجة هذا الاضطراب. نظرًا لارتباط البيتكوين بمؤشر ناسداك عبر صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs)، فإن أي تراجع في أسهم التكنولوجيا الكبرى يؤدي إلى موجة بيع تؤثر على الأصول الرقمية.
ماذا يعني ذلك للمستثمرين؟
وتابع عبد الباسط أنه بالنظر إلى أن انفيديا ليست طرفًا مباشرًا في المنافسة بين DeepSeek وOpenAI، بل هي المستفيد من تزايد الطلب على الرقائق، فإن حالة الذعر في الأسواق قد تكون فرصة استثمارية لشراء السهم عند الانخفاض (Buy the Dip).
وذكر أنه فمع استمرار الشركات الكبرى في ضخ استثمارات ضخمة في الذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن تحافظ انفيديا على مكانتها كأحد اللاعبين الرئيسيين في هذا القطاع.
الصدمة الصينية في عالم الذكاء الاصطناعي
من جانبه أشار الدكتور نبيل العربي إلى الظاهرة المتنامية لروبوتات الدردشة مثل ChatGPT، والتي أثارت اهتماماً واسعاً منذ عامين. فقد شهدت شركة OpenAI، المطورة لـ ChatGPT، ضخ مليارات الدولارات من الاستثمارات رغم غياب مبررات اقتصادية واضحة، مما أدى إلى ظهور فقاعة كبيرة في قطاع الذكاء الاصطناعي.
أكد نبيل لـ'أهل مصر' أن الأمور تغيرت مع دخول الصين على الخط، حيث أطلقت نموذجها الجديد من الذكاء الاصطناعي 'DeepSeek R1'، الذي تفوق بشكل ملحوظ على أفضل النماذج الأمريكية.
وصرح نبيل بأن تطوير النموذج الصيني تكلف نحو حوالي 5.5 مليون دولار واستغرق شهرين فقط، في حين أن أقرب نموذج أمريكي كلف 500 مليون دولار واستغرق عشرة أشهر للتدريب، بالإضافة إلى كونه غير مفتوح المصدر.
وشدد نبيل أن هذا التحول في المشهد التكنولوجي جعل المستثمرين الأمريكيين يشعرون بأنهم فقدوا الهيمنة على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ولفت نبيل إلى تأثر شركة انفيديا Nvidia، الرائدة في توفير الشرائح اللازمة للذكاء الاصطناعي، حيث خسرت حوالي 600 مليار دولار من قيمتها السوقية.كما سجّل مؤشر ناسداك المركب، الذي يتابع أكبر شركات التكنولوجيا الأمريكية، انخفاضاً بأكثر من 3%.