يشهد قطاع الذكاء الاصطناعي في مصر نموًا متسارعًا، حيث بلغ حجمه الحالي نحو 276 مليار جنيه، مع توقعات بمضاعفة هذا الرقم خلال السنوات القادمة، إذ أن الذكاء الاصطناعي قادر على توليد صادرات مصرية بقيمة 3.9 مليار دولار في 2030.
التحولات الاقتصادية بفضل الذكاء الاصطناعي
يرى الخبير الاقتصادي د. محمد الشرقاوي أن الذكاء الاصطناعي أصبح عنصرًا رئيسيًا في دفع عجلة الاقتصاد المصري نحو التحول الرقمي. ويوضح قائلاً:'يمثل الذكاء الاصطناعي فرصة ذهبية لتعزيز تنافسية الاقتصاد المصري على الصعيدين الإقليمي والدولي. إن استخدام هذه التقنيات في مختلف القطاعات، مثل الصناعة والتجارة والخدمات الحكومية، سيساهم في تحسين الإنتاجية ورفع كفاءة الأعمال، مما ينعكس على معدلات النمو الاقتصادي.'
ويضيف الشرقاوي أن هناك اهتمامًا متزايدًا من الحكومة المصرية والقطاع الخاص بالاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك في إطار استراتيجية 'مصر الرقمية' التي تهدف إلى تعزيز الابتكار والتكنولوجيا المتقدمة في مختلف المجالات.
الاستثمارات الرقمية قاطرة التنمية المستقبلية
من جهته، يؤكد أحمد عزب، المستثمر في قطاع التكنولوجيا والشريك العام في شركة A15 لرأس المال الاستثماري، أن الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي ستؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة وتعزيز قطاع الشركات الناشئة في مصر، ويقول:
'إن مستقبل الاقتصاد الرقمي في مصر يعتمد بشكل كبير على مدى قدرتنا على استغلال إمكانيات الذكاء الاصطناعي. يمكن لهذه التقنية أن تحقق عوائد ضخمة في مجالات التجارة الإلكترونية، والخدمات المالية، والصناعات المتقدمة. كما أنها توفر فرصًا كبيرة للشباب ورواد الأعمال لإنشاء مشروعات مبتكرة تستفيد من التطورات التكنولوجية الحديثة.'
القطاعات الأكثر استفادة من الذكاء الاصطناعي في مصر
يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا حيويًا في تحسين عمليات الإنتاج داخل المصانع المصرية، حيث يتم استخدامه في تحليل البيانات الضخمة، وأتمتة العمليات الإنتاجية، وتوقع الأعطال قبل حدوثها.
يؤكد الشرقاوي أن 'تطبيق الذكاء الاصطناعي في المصانع سيساعد في خفض التكاليف التشغيلية وتحسين جودة المنتجات، مما يزيد من تنافسية الصادرات المصرية على المستوى العالمي.'
قطاع السياحة والضيافة
يشير أحمد عزب إلى أن قطاع السياحة في مصر يمكن أن يستفيد بشكل كبير من تطبيقات الذكاء الاصطناعي، خاصة فيما يتعلق بتحليل سلوك الزوار، وتخصيص الخدمات السياحية، واستخدام المساعدات الذكية في الفنادق والمطارات.
وتابع، 'الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة قوية لدعم خطة مصر لجذب 18 مليون سائح بحلول 2025 و30 مليون سائح بحلول 2030. من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي، يمكن تحسين تجربة السائحين وتعزيز قدرتنا على الترويج للمقاصد السياحية المصرية بطرق مبتكرة.'
قطاع الخدمات المالية والتكنولوجيا المالية (Fintech)
يشهد قطاع التكنولوجيا المالية نموًا كبيرًا في مصر، حيث تعتمد البنوك وشركات الدفع الإلكتروني على تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل بيانات العملاء، وتقييم المخاطر، ومنع الاحتيال.
يؤكد الشرقاوي أن 'الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في القطاع المصرفي سيعزز كفاءة العمليات المالية ويوفر حلولًا مبتكرة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مما يسهم في تحقيق الشمول المالي في مصر.'
التحديات التي تواجه تطبيق الذكاء الاصطناعي في مصر
على الرغم من الفرص الواعدة، يشير كل من الشرقاوي وعزب إلى وجود عدة تحديات رئيسية قد تعيق تطور الذكاء الاصطناعي في مصر، ومن بينها:
نقص الكوادر البشرية المتخصصة:
هناك حاجة ماسة إلى تدريب وتأهيل مزيد من المهندسين والخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث ما زالت المهارات التقنية محدودة مقارنة بالدول الرائدة في هذا المجال.
الافتقار إلى بنية تحتية رقمية قوية:
يوضح أحمد عزب أن 'الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية الرقمية، بما في ذلك مراكز البيانات، وشبكات الاتصال عالية السرعة، والحوسبة السحابية.'
التشريعات والسياسات:
يطالب الشرقاوي بضرورة وضع إطار قانوني واضح لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي، بما يضمن حماية البيانات الشخصية وحقوق الأفراد، مع تشجيع الابتكار والاستثمار في هذا القطاع.
التوصيات المستقبلية لتعزيز الذكاء الاصطناعي في مصر
بناءً على التحليل السابق، يوصي كل من الشرقاوي وعزب بعدد من الإجراءات لدعم نمو قطاع الذكاء الاصطناعي في مصر:
الاستثمار في التعليم والتدريب:
إنشاء برامج تعليمية متخصصة في الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع الجامعات والمؤسسات العالمية.
تحفيز الشركات الناشئة:
تقديم حوافز مالية وضريبية للشركات الناشئة التي تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي، وتوفير تمويل مناسب لدعم الابتكار.
تعزيز البنية التحتية الرقمية:
تطوير مراكز البيانات وتحسين جودة الإنترنت، بما يسمح للشركات والمؤسسات بالاستفادة الكاملة من تقنيات الذكاء الاصطناعي.