في بداية عام 2025، شهد الاقتصاد العالمي مجموعة من التطورات الهامة على صعيد النمو الاقتصادي، سوق العمل، والسياسات النقدية، وذلك في سياق تحديات اقتصادية وجيوسياسية متزايدة، ومن تباطؤ النمو في الوظائف في الولايات المتحدة إلى خفض الفائدة في المملكة المتحدة.
وفي هذا التقرير أبرز التحولات الاقتصادية التي شهدها العالم في الأسابيع الأخيرة.
تباطؤ النمو القوي
في بداية العام، سجل التوظيف في الولايات المتحدة تباطؤًا ملحوظًا، بعد شهور من التوظيف القوي في نهاية 2024. في يناير 2025، تباطأ نمو الوظائف بشكل ملحوظ، وهو ما يرجعه بعض الخبراء إلى الظروف الجوية الشتوية الصعبة، بالإضافة إلى تأثير حرائق الغابات في منطقة لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا.
وكشفت المراجعات السنوية من الحكومة الأمريكية أن سوق العمل في 2024 كان أقل قوة مما كان يُعتقد سابقًا، على الرغم من تباطؤ النمو في الوظائف، تبقى سوق العمل الأمريكية صحية نسبيًا، ويوضح هذا أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد يكون في وضع يمكنه من تجنب خفض معدلات الفائدة بشكل كبير في الوقت الحالي.
ويُشار إلى أن البنك ليس في عجلة من أمره لخفض تكاليف الاقتراض بعد أن خفض معدلات الفائدة ثلاث مرات في 2024، ورغم هذا التباطؤ، شهد قطاع الصناعات التحويلية في الولايات المتحدة توسعًا في نشاطه لأول مرة منذ عام 2022، مع زيادة الطلبات وتسارع الإنتاج، وهو ما يعكس آفاقًا أكثر إشراقًا للصناعة الأمريكية.
تسارع التضخم وضعف القطاع الصناعي
في منطقة اليورو، فاجأ تسارع التضخم الأسواق في بداية 2025، وهو ما دعم سياسات البنك المركزي الأوروبي الحذرة في خفض معدلات الفائدة، حيث يواجه الاقتصاد الأوروبي تحديات كبيرة بسبب التضخم المرتفع الذي يضغط على القدرة الشرائية للأسر الأوروبية.
في الوقت نفسه، يعاني الاقتصاد الأوروبي من تباطؤ في العديد من القطاعات الصناعية.
في ألمانيا، شهد الإنتاج الصناعي تراجعًا كبيرًا في نهاية عام 2024، حيث سجلت أكبر انخفاض له منذ خمسة أشهر، ويعود هذا التراجع بشكل رئيسي إلى انخفاض الإنتاج في قطاع السيارات والآلات، وهو ما يعكس الوضع المتعثر في قطاع التصنيع الأوروبي.
ولا تزال بعض البيانات الأخرى تشير إلى إمكانية استقرار السوق في المستقبل القريب، ما يبعث على الأمل في تعافي هذا القطاع الحيوي.
خفض الفائدة
في المملكة المتحدة، أعلن بنك إنجلترا عن خفض معدلات الفائدة إلى أدنى مستوى لها في 19 شهرًا. ولكن البنك أشار إلى أن هناك حاجة لمزيد من التخفيضات لتحقيق أهدافه في السيطرة على التضخم، الذي لا يزال مرتفعًا في الاقتصاد البريطاني.
وتُعتبر هذه الخطوة جزءًا من محاولة البنك المركزي لدعم الاقتصاد في ظل التحديات التي تواجهها المملكة المتحدة بعد تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتباطؤ النمو الاقتصادي.
تحفيز قطاع الإسكان والاقتصاد المحلي
وفي النرويج، سجلت أسعار المساكن أعلى معدلات نمو لها منذ ثلاث سنوات، مدفوعة بتخفيف قواعد الرهن العقاري والانتظار المتوقع لخفض آخر في معدلات الفائدة من قبل البنك المركزي، مع توقعات بأن تستمر هذه السياسات في دعم الطلب على الإسكان، يظهر الاقتصاد النرويجي إشارات إيجابية مقارنة ببقية اقتصادات منطقة اليورو.
استهلاك متزايد في اليابان
في اليابان، أظهرت الأسر استهلاكًا متزايدًا في بداية 2025، حيث سجلت أسراب الزيادة الأسرع في الإنفاق منذ أغسطس 2022. كانت هذه الزيادة مدفوعة بتحسن الأجور بفضل المكافآت التي دفعتها الشركات، مما ساعد على تخفيف القيود الاقتصادية التي فرضتها سنوات من الركود الاقتصادي.
أما في الصين، فقد شهدت فترة عطلة رأس السنة القمرية الجديدة نشاطًا غير مسبوق في السفر والمشاركة في الأنشطة الترفيهية، حيث سجلت إيرادات شباك التذاكر أعلى مستوياتها التاريخية، في حين تزايدت حركة المسافرين الجويين بشكل ملحوظ.
وعلى الرغم من هذا النشاط الكبير في الاستهلاك، فإن العديد من المحللين يرون أن هذه الزيادة في الاستهلاك لا تزال غير كافية لتحفيز تحول دائم في الاقتصاد الاستهلاكي الصيني.
من جهة أخرى، فرضت الصين ضوابط جديدة على صادرات معدن 'التنجستن'، الذي يستخدم في تصنيع الأسلحة والمعدات العسكرية. يشكل التنجستن 80% من الإنتاج العالمي لهذا المعدن، وهو ما يثير القلق بشأن تأثير هذه السياسات على الأسواق العالمية.
التضخم المرتفع في البرازيل
في أمريكا اللاتينية، شهدت البرازيل تفاقمًا في التضخم الذي يُتوقع أن يتجاوز نطاق التسامح خلال الأشهر الستة القادمة.
وقد أوضح البنك المركزي البرازيلي أن التضخم مدفوع بارتفاع أسعار المواد الغذائية، التي تشهد زيادات ملحوظة، بالإضافة إلى استمرار ارتفاع تكاليف الخدمات على الرغم من زيادة معدلات الفائدة، وهذا الوضع يخلق تحديات كبيرة للاقتصاد البرازيلي، الذي يحاول التكيف مع الضغوط الاقتصادية العالمية والمحلية.