تستعد البنوك المصرية لمواجهة التغيرات المحتملة في أسعار الفائدة عبر طرح أوعية ادخارية بعوائد متغيرة، متخلية تدريجياً عن الشهادات ذات العوائد الثابتة، ويأتي هذا التحول قبل أيام من انعقاد أول اجتماع للجنة السياسة النقدية لهذا العام، وسط توقعات متباينة بين خفض الفائدة وتثبيتها.
لماذا تتجه البنوك نحو العائد المتغير؟
خلال الأيام الأخيرة، خفضت بنوك مصر، التجاري الدولي، قطر الوطني الأهلي، و'إي جي بنك' الفائدة على بعض شهادات الاستثمار والودائع.
ويكشف مصرفيون أنه هذه الخطوة تهدف إلى:
- تفادي الالتزام بعوائد مرتفعة على المدى الطويل، في ظل غياب استثمارات تحقق عائداً أعلى من الفائدة الحالية.
- محاولة التكيف مع سوق سندات الخزانة، التي تحدد إلى حد كبير اتجاه الفائدة في القطاع المصرفي.
- خفض التضخم ومن ثم خفض الفائدة.
قرار المركزي
اتجاه التثبيت: يرى بعض الخبراء أن هناك ضغوطاً تضخمية موسمية محتملة خلال رمضان، إلى جانب تأثيرات غير مباشرة للإجراءات الحمائية التي تفرضها الولايات المتحدة.
اتجاه الخفض: يدعم آخرون فكرة خفض الفائدة استناداً إلى تباطؤ التضخم الذي سجل 24% في يناير مقارنة بـ24.1% في ديسمبر.
سيناريوهات السياسة النقدية
يرى الخبير الاقتصادي أشرف غراب أن هناك سيناريوهين محتملين لقرار البنك المركزي المصري:
- تثبيت الفائدة خلال الاجتماع المقبل، مع تأجيل خفضها إلى الربع الثاني من العام، مدفوعاً بتوقعات تثبيت الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة وتحسن بعض المؤشرات الاقتصادية محلياً، ويمنح هذا التوجه المركزي فرصة أكبر لمواصلة السيطرة على التضخم، مع استمرار جذب الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين الحكومية.
- خفض الفائدة بنسبة تتراوح بين 1% و2%، وهو السيناريو المدعوم بتراجع معدل التضخم واستقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار.
ووفقاً لغراب، فإن خفض الفائدة قد ينعكس إيجاباً على القطاع الخاص، عبر تعزيز الإنتاج وتقليل عجز الموازنة، نظراً لتراجع تكلفة الفائدة.
مؤسسات دولية تتوقع خفضاً حاداً للفائدة
تتوقع 'جولدمان ساكس' أن يخفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بنسبة تصل إلى 14% خلال 2025.
في المقابل، ترجح 'مورجان ستانلي' خفضاً أقل حدة، بنحو 10% خلال العام الجاري.
كيف تتكيف البنوك مع المرحلة المقبلة؟
تعمل المصارف على استراتيجيات جديدة لمواجهة تأثيرات خفض الفائدة المحتمل، تشمل:
- توسيع منح القروض لتعزيز الأرباح وتعويض انخفاض العوائد من الشهادات.
- إعادة هيكلة المحافظ الاستثمارية بالتركيز على الأصول طويلة الأجل ذات العوائد المرتفعة.
- زيادة رسوم الخدمات المصرفية لتعزيز الإيرادات غير الفائدة.
الاستثمارات الأجنبية: تحول نحو الأسهم والسندات
مع التوقعات بانخفاض الفائدة، بدأ المستثمرون الأجانب التحول من أذون الخزانة إلى الأسهم والسندات، وهو اتجاه قد يعزز تدفقات رأس المال الأجنبي خلال العام الجاري.
أكد محمد الإتربي، رئيس البنك الأهلي المصري، أن مصرفه سيقرر مصير شهادات الادخار بناءً على قرارات المركزي، مشيراً إلى استمرار طرح شهادات 23.5% و27% حتى إشعار آخر، حيث تجاوزت حصيلتها 800 مليار جنيه.
نظرة مستقبلية: نظام مصرفي أكثر مرونة
في ظل التحولات الجارية، يبدو أن البنوك المصرية تعيد ضبط أدواتها المالية استعداداً لمرحلة جديدة، حيث تصبح الشهادات متغيرة العائد الخيار الأبرز لمواكبة اتجاهات السياسة النقدية.