شهدت أسواق الذهب العالمية تقلبات ملحوظة في تعاملات اليوم الاثنين، حيث تراجع سعر الذهب بشكل كبير نتيجة حالة من الارتباك في الأسواق بعد تداول إشاعات حول احتمالية تأجيل الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهذه الأخبار تسببت في تأثيرات كبيرة على أسعار الذهب، مما جعل المستثمرين في حالة من عدم اليقين والتردد، في وقت حساس يشهد توترات اقتصادية وجمركية بين أكبر اقتصادات العالم.
التقلبات الحادة في أسعار الذهب:
فور انتشار الخبر الذي يفيد بإمكانية تأجيل الرسوم الجمركية لمدة 90 يومًا، شهدت أسواق الذهب تراجعات حادة في أسعاره. ففي الوقت الحالي، تراجعت أسعار الذهب الفوري بنسبة 1.15% لتسجل 3002 دولار للأوقية، بينما انخفضت العقود الآجلة للذهب بحوالي 0.6% لتصل إلى 3017 دولار للأوقية، وتعتبر هذه التراجعات جزءًا من موجة من التقلبات التي شهدتها الأسواق إثر هذه الإشاعات.
البيت الأبيض ينفي الإشاعات:
ومع انتشار هذه الأخبار في وسائل الإعلام العالمية، خرج البيت الأبيض لنفي التقارير التي تحدثت عن تعليق الرسوم الجمركية، حيث قالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارولين ليفيت، في تصريحات لشبكة CNBC، أن هذه التقارير لا صحة لها، مُعتبرة إياها 'أخبار زائفة'.
وردّ البيت الأبيض بشكل سريع على تلك التقارير التي استندت إلى تصريح كيفن هاسيت، مدير المجلس الاقتصادي الوطني، ليطمئن الأسواق إلى أن سياسة ترامب بشأن الرسوم الجمركية لن تتغير.
تداعيات التقلبات على الأسواق:
تزامن هذا الارتباك في أسواق الذهب مع تراجع المؤشرات الرئيسية في وول ستريت إلى المنطقة الحمراء، حيث شهدت الأسهم الأمريكية عمليات بيع مكثفة. وفي الساعة 17:39 بتوقيت الرياض، تراجع مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 996.97 نقطة أو بنسبة 2.60% ليصل إلى 37317.89 نقطة، فيما خسر مؤشر ستاندرد آند بورز 500 نحو 115.21 نقطة أو 2.27% ليصل إلى 4958.87 نقطة.
كما سجل مؤشر ناسداك المجمع تراجعًا بنسبة 2.06% ليصل إلى 15266.70 نقطة، مما يعكس حالة من عدم الاستقرار والتذبذب الكبير في الأسواق المالية.
التأثيرات الاقتصادية العالمية:
كان الذهب قد شهد تراجعات حادة في وقت سابق، وذلك بعد إعلان ترامب عن إجراءات جمركية أكثر صرامة مما كان متوقعًا، وقد تسببت هذه الإجراءات في هزات عنيفة للأسواق المالية العالمية، مما أسفر عن خسارة تقارب 6 تريليونات دولار من القيمة السوقية للأسهم الأمريكية خلال الأسبوع الماضي.
كما أدت هذه الأنباء إلى تراجع مؤشر نيكاي الياباني بنحو 9% في جلسات يوم الاثنين، في حين أعلنت الصين عن تدابير انتقامية تشمل فرض رسوم إضافية بنسبة 34% على السلع الأمريكية، بالإضافة إلى قيود على تصدير بعض المعادن الأرضية النادرة.
تحليل السوق:
في تعليق له على هذه التذبذبات، قال كايل رودا، محلل الأسواق المالية في شركة Capital.com، إن السوق شهد عمليات بيع قسرية تصاعدية، بالإضافة إلى تصفية واسعة للأصول من قبل المستثمرين لتعويض الخسائر في الأصول الأخرى. ومع ذلك، أضاف أن الأساسيات الاقتصادية لا تزال قوية، لكن حالة الذعر التي سادت الأسواق في هذه الفترة جعلت الأسعار تتصرف بشكل غير عقلاني، مما أدى إلى فقدان بعض الكفاءات في السوق.
ورغم الضغوط التي يشهدها السوق، إلا أن الذهب تمكن من الحفاظ على مستوياته فوق 3,000 دولار للأونصة. يعود ذلك بشكل جزئي إلى استمرار الطلب من البنوك المركزية، التي تعتبر من أكبر المشترين للذهب، فضلاً عن تدفق محدود من الاستثمارات التي تركز على الأصول الآمنة.
رؤية الخبراء:
في سياق متصل، صرح أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في بنك ساكسو، بأن استمرار الطلب من البنوك المركزية على الذهب سيشكل عاملاً مساعدًا في استقرار الأسعار على المدى الطويل، مما يعزز من الثقة بين المستثمرين في شراء الذهب كملاذ آمن.
كما أضاف تيم ووترر، كبير محللي السوق في شركة KCM Trade، أن البنوك المركزية تظل حريصة على إضافة الذهب إلى احتياطياتها، وهو ما يوفر دعماً مستمراً للمعدن النفيس.
الفرص الاستثمارية في سوق الذهب:
رغم التقلبات الحادة التي يشهدها سوق الذهب، يرى العديد من الخبراء أن السوق يظل يحتفظ بجاذبيته كملاذ آمن في ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية العالمية المتوترة.
والمستثمرون الذين يبحثون عن فرص شراء عند مستويات الدعم الحالية قد يجدون في هذه التراجعات فرصة للدخول إلى السوق بأسعار جذابة.
وفي هذا السياق، يُنصح المستثمرون بمراقبة تطورات الأوضاع الاقتصادية العالمية، خاصة مع التوترات الجمركية بين الولايات المتحدة والصين، والتي سيكون لها تأثير كبير على الأسواق في المستقبل القريب. مع ذلك، يستمر الذهب في كونه أحد الأصول التي تظل صامدة في وجه التحديات الاقتصادية، مما يجعله خيارًا مناسبًا للاستثمار على المدى الطويل.