الرسوم الجمركية التي أقرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي بدأ تطبيقها في أبريل 2025، تفرض نسب متفاوتة على الواردات من العديد من الدول، بما في ذلك مصر التي حُددت لها رسوم بنسبة 10%.
وتعمل الدولة على حصد 9 مليارات دولار بحلول عام 2026 ضمن مستهدفات صادرات مصر الرقمية من خلال تنمية قطاع التعهيد وتعزيز مكانة مصر كمقصد رائد لخدمات تكنولوجيا المعلومات والعابرة للحدود؛ حيث زاد عدد المتخصصين العاملين في مجال التعهيد ليصل إلى أكثر من 145 ألف متخصص، وبلغ عدد المتخصصين في تصميم الإلكترونيات والنظم المدمجة نحو أكثر من 11 ألف متخصص، كما يوجد أكثر من 195 مركزاً للتعهيد لأكثر من 175 شركة تصدر الخدمات الرقمية من مصر لعملائها بالخارج؛ منها 52 مركزاً لشركات أوروبية، و49 مركزاً لشركات من أمريكا الشمالية و10 مراكز لشركات من شرق آسيا و21 مركزاً لشركات من الخليج العربي، و5 مراكز لشركات من أفريقيا، و59 مركزاً لشركات من مصر. وتتضمن هذه المراكز 80 مركزاً لتطوير البرمجيات، و68 مركزاً للنظم المدمجة وتصميم الإلكترونيات، و48 مركزاً لخدمات مراكز الاتصال.
نجح قطاع الاتصالات فى أن يكون أعلى قطاعات الدولة نمواً للعام الخامس على التوالي بنسبة نمو أكثر من 16%، كما بلغت نسبة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الاجمالي نحو 5.8% ارتفاعاً من 3.2% في 2014.
خدمات التعهيد قد تتضرر في تلك الحالة
من جانبه قال محمود صفراطه، رئيس قطاع تطوير أسواق تكنولوجيا المعلومات بهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات 'إيتيدا'، أن هذه السياسة تهدف إلى تعزيز الإنتاج المحلي الأمريكي وتقليص العجز التجاري، لكن تأثيرها على سوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) في مصر يمكن تحليله من عدة جوانب بناءً على الوضع الاقتصادي والتجاري الحالي.
وكشف صفراطه في تصريحات خاصة لـ أهل مصر أن التأثير المباشر على الصادرات المصرية للولايات المتحدة
قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مصر يعتمد بشكل أساسي على خدمات التعهيد (Outsourcing)، تطوير البرمجيات، والتصدير الرقمي، وليس بالضرورة على تصدير منتجات مادية تخضع للرسوم الجمركية بشكل مباشر.
وأشار صفراطه إلى أن الصادرات المصرية إلى الولايات المتحدة تشكل حوالي 10% من إجمالي الصادرات، ومعظمها يتركز في قطاعات مثل المنسوجات والزراعة، وليس التكنولوجيا بشكل رئيسي. لذلك، التأثير المباشر على صادرات خدمات تكنولوجيا المعلومات قد يكون محدودًا، لأن هذه الخدمات غالبًا لا تُصنف كسلع مادية تخضع للرسوم.
زيادة تكاليف التشغيل تحدي صعب أمام الشركات المحلية
ومن جانبه أوضح المهندس محمد سعيد رئيس شعبة البرمجيات بجمعية اتصال أنه إذا شملت الرسوم بعض المعدات التكنولوجية أو الأجهزة التي تصدرها مصر (مثل مكونات إلكترونية أو أجهزة اتصالات)، فقد ترتفع تكلفة هذه المنتجات في السوق الأمريكي، مما قد يقلل من تنافسيتها مقارنة ببدائل محلية أو من دول أخرى غير خاضعة لنفس النسبة.
وتابع سعيد في تصريحات خاصة لـ أهل مصر أن مصر تستورد جزءًا كبيرًا من معدات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (مثل الخوادم، أجهزة الشبكات، والمكونات الإلكترونية) من دول مثل الصين والولايات المتحدة. الرسوم الجمركية التي فرضتها أمريكا على الصين (تصل إلى 34% أو أكثر) قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار هذه المعدات عالميًا نتيجة اضطراب سلاسل التوريد.
ولفت سعيد إلى أن هذا الارتفاع قد ينعكس على مصر كمستورد، مما يزيد تكاليف تشغيل الشركات التكنولوجية المحلية، خاصة تلك التي تعتمد على استيراد التجهيزات لتقديم خدماتها.
وضرب المثال، إذا زادت تكلفة استيراد أجهزة الشبكات أو الخوادم، قد تواجه شركات التعهيد ومزودو خدمات الإنترنت في مصر ضغوطًا مالية، مما قد يؤثر على قدرتها على تقديم خدمات تنافسية بأسعار منخفضة، وهي ميزة رئيسية لمصر في هذا القطاع.
الرسوم الجمركية تدفع مصر لتسريع جهودها في تقليل الاعتماد على الواردات
فيا أكد أحمد سالم مدير أحد مصانع الدوائر الإلكترونية على التأثير الإيجابي لتلك الرسوم، قد تفتح هذه الرسوم فرصًا لمصر في سوق تكنولوجيا المعلومات. الرسوم المرتفعة على دول مثل الصين قد تدفع الشركات الأمريكية والدولية للبحث عن بدائل للتصنيع أو التعهيد في دول ذات رسوم أقل مثل مصر (10%). منوهاً أنها قد تعزز جاذبية مصر كوجهة للاستثمار في مجالات مثل تصنيع المكونات التكنولوجية أو مراكز البيانات.
واستشهد على سبيل المثال، بإمكانية نقل الشركات أمريكية أو صينية جزء من عملياتها إلى مصر للاستفادة من تكاليف الإنتاج المنخفضة والرسوم الجمركية المخفضة نسبيًا عند التصدير إلى أمريكا.
تسعى مصر لتطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات كجزء من رؤية 2030، مع التركيز على التحول الرقمي وزيادة الصادرات التكنولوجية.
وأضاف سالم في تصريحات خاصة لـ أهل مصر أن الرسوم الجمركية قد تدفع مصر لتسريع جهودها في تقليل الاعتماد على الواردات من خلال تعزيز الإنتاج المحلي للمعدات التكنولوجية، مثل مبادرات تصنيع الأجهزة الإلكترونية التي بدأت بالفعل بالتعاون مع شركات عالمية.
كما قد تشجع الحكومة على تنويع الأسواق التصديرية بعيدًا عن الولايات المتحدة، مثل التوجه نحو أفريقيا وأوروبا، حيث لا تطبق هذه الرسوم.
وشدد أنه قد تؤدي الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي، مما يؤثر على الطلب على خدمات التعهيد وتكنولوجيا المعلومات التي تقدمها مصر. إذا تأثرت الشركات الأمريكية سلبًا بارتفاع التكاليف أو تراجع النمو، قد تقلص ميزانياتها للتعاقد مع مزودي خدمات خارجيين، وهو ما قد يضر بصناعة التعهيد المصرية التي تعتمد على عملاء دوليين.