قال الدكتور شكري بلال خبير الاقتصاد أن العالم قد يشهد ركود اقتصادي مُدبر توجه ترامب إلى فرض الرسوم الجمركية على واردات الولايات المتحدة الأمريكية هو خطة خفية لإعادة تمويل ديون أمريكا.
وكشف الدكتور شكري بلال خبير الاقتصاد أنه في الوقت الذي يتركز فيه الحديث حول التعريفات الجمركية الجديدة والتوترات التجارية مع الصين.
ويرى الدكتور شكري بلال، خبير الاقتصاد، أن ما يجري يتجاوز مجرد سياسات تجارية تقليدية. مضيفاً إننا نشهد هندسة اقتصادية معقدة تهدف إلى إعادة هيكلة الاقتصاد الأمريكي من خلال خفض عوائد السندات بأي ثمن، وذلك لمواجهة تحدٍ مالي غير مسبوق يلوح في الأفق.
وأضاف شكري بلال: تتمثل المشكلة الأساسية في أن الولايات المتحدة تقترب من أضخم عملية إعادة تمويل لديونها في التاريخ الحديث. بحلول نهاية 2026، ستصبح سندات خزانة بقيمة 7.2 تريليون دولار مستحقة، وهي ديون تم إصدار معظمها خلال الفترة من 2020 إلى 2022 عندما كانت أسعار الفائدة شبه معدومة (بين 0.5% و1.5%).
وأوضح بلال في تصريحات خاصة لـ أهل مصر أن الوضع اليوم مختلف تمامًا؛ فقد قفز عائد السندات لأجل 10 سنوات إلى 4.2%، بل ووصل إلى 4.6% في الربع الأخير من 2024. هذا الارتفاع يعني أن كل زيادة بنسبة 1% في العائد تضيف 90 مليار دولار سنويًا إلى فاتورة الفوائد، مما يجعل تكلفة إعادة التمويل عبئًا قد يهدد استقرار الاقتصاد إذا لم يتم تدارك الأمر.
هنا تكمن الخطة الماكرة، حسب تحليل بلال : التعريفات الجمركية ليست مجرد أداة لحماية الصناعة المحلية، بل سلاح استراتيجي لإبطاء النمو الاقتصادي بشكل متعمد. الفكرة بسيطة ومعقدة في آنٍ واحد: تباطؤ النمو يقلل الطلب، مما يهدئ التضخم، وبالتالي يدفع عوائد السندات طويلة الأجل للانخفاض. بمعنى آخر، الهدف هو خلق ركود "مُصمم" يمهد الطريق لإعادة تمويل تلك التريليونات بتكلفة أقل، قبل أن يتم تحريك الاقتصاد مجددًا بحزمة تحفيز ضخمة.
وأشار بلال إلى آلية ذلك موضحاً أن التعريفات تعطل سلاسل التوريد العالمية، فتتردد الشركات في التوسع أو التوظيف، ويقلص المستهلكون إنفاقهم، مما يبرد التضخم ويخفض العوائد.
وتابع بلال أنه عندما تنجح هذه الخطوة، تستطيع وزارة الخزانة الأمريكية إعادة إصدار السندات بأسعار فائدة أدنى.
واستطرد قائلاً : بعد ذلك، تأتي المرحلة التالية: إطلاق موجة تحفيز تشمل خفض الضرائب، التيسير الكمي، استثمارات في البنية التحتية، وتسهيلات ائتمانية، لخلق انتعاش اقتصادي قوي قد يُطلق عليه "رالي ترامب"، ويُعد بمثابة ورقة انتخابية رابحة لعامي 2026 أو 2028.
هذه الاستراتيجية، التي يصفها بلال بأنها "ذكية على مستوى الاقتصاد الكلي" وليست مجرد نظرية مؤامرة، تعتمد على ديناميكيات دقيقة يجب على الأسواق مراقبتها. فإذا بدأت عوائد السندات لأجل 10 سنوات في الهبوط دون 4%، فهذا دليل على نجاح الخطة.
وأكد بلال أنه إذا انحدر منحنى العائد، فقد لا يكون ذلك مجرد إشارة ركود تقليدي، بل جزء من هذا التصميم المتعمد. في المقابل، قد تعاني الأصول عالية المخاطر مثل أسهم التكنولوجيا والعملات الرقمية من ضغوط مستمرة حتى يُنجز هدف "قمع العوائد".
وذكر بلال أن ما يُروج له كحرب تجارية هو في حقيقته "حرب على العوائد"، حيث تسعى إدارة ترامب للسيطرة على الدين العام عبر خفض الطلب، تهدئة العوائد، إعادة التمويل بتكلفة أقل، ثم إعادة إشعال الاقتصاد في الوقت المناسب. إنها خطة مالية ماكرو تاريخية، قد تغير قواعد اللعبة إذا نجحت، لكنها تحمل مخاطر تحتاج إلى متابعة حثيثة من المستثمرين والمحللين على حد سواء.