شهدت السوق المصري في الأيام الأخيرة تذبذبًا ملحوظًا في أسعار الذهب، حيث ارتفعت بشكل حاد في البداية بعد إعلان الحكومة عن رفع أسعار المحروقات، ثم تراجعت بشكل مفاجئ في اليومين الماضيين. هذا التذبذب السعري يعكس حالة من الغموض وعدم اليقين التي تسود السوق المحلي والعالمي، ويعود جزئيًا إلى التطورات الاقتصادية المتسارعة، سواء في مصر أو في الخارج.
ارتفاع أسعار المحروقات وتأثيره على الذهب:
بدأت أسعار الذهب في السوق المصري تشهد ارتفاعًا حادًا بعد قرار الحكومة برفع أسعار المحروقات، حيث شهدت أسعار الذهب في الأيام التي تلت هذا الإعلان زيادات ملحوظة، ما جعل السوق يتفاعل بشكل سريع مع هذه الزيادة، وهذا التفاعل يرجع إلى كون الذهب يعد من الملاذات الآمنة التي يلجأ إليها المستثمرون في أوقات التضخم أو الاضطرابات الاقتصادية، مما جعل المعدن الأصفر يرتفع بشكل غير مسبوق في بعض الأحيان.
لكن ومع التراجع المفاجئ في الأسعار، عادت السوق إلى حالة من الترقب، مما دفع الكثير من المتعاملين في السوق إلى إعادة تقييم استراتيجياتهم في شراء الذهب، وفقًا لسعيد إمبابي، الخبير في أسواق الذهب والمدير التنفيذي لمنصة 'آي صاغة'، فإن 'السوق المحلي شهد مستويات غير مسبوقة في أسعار الذهب، حيث تجاوز عيار 21 – الأكثر تداولًا – حاجز 4700 جنيه لأول مرة، بسبب ارتفاع الأوقية عالميًا، وتراجع الجنيه أمام الدولار، بالإضافة إلى زيادة الطلب على المعدن الأصفر'.
وأكد إمبابي على ضرورة أن 'ينتظر المستهلكون استقرار الأسعار وعدم الشراء خلال موجات الارتفاع الكبيرة'.
أسعار الذهب محليًا:
سجلت أسعار الذهب في السوق المصري انخفاضًا جماعيًا في جميع الأعيرة، حيث تراجع عيار 24 إلى 5371.5 جنيهًا للبيع و5348.5 جنيهًا للشراء، بفارق 11.5 جنيهًا عن آخر سعر.
كما انخفض عيار 22 إلى 4923.75 جنيهًا للبيع و4902.75 جنيهًا للشراء، أما عيار 21 الأكثر تداولًا، فقد هبط إلى 4700 جنيهًا للبيع و4680 جنيهًا للشراء، بانخفاض 10 جنيهات عن السعر المرتفع السابق، وكذلك، سجل عيار 18 4028.5 جنيهًا للبيع و4011.5 جنيهًا للشراء، بعد أن كان قد تخطى حاجز 4050 جنيهًا في الأيام الماضية.
الهبوط شمل أيضًا العيارات المتوسطة والمنخفضة، حيث تراجع عيار 14 إلى 3133.25 جنيهًا للبيع، وعيار 12 إلى 2685.75 جنيهًا، وأخيرًا عيار 9 الذي سجل 2014.25 جنيهًا، وقد تأثرت القطع الذهبية أيضًا بهذا التراجع، حيث هبط سعر الجنيه الذهب إلى 37600 جنيهًا للبيع بعدما لامس 37800 جنيهًا. كما استقر جنيه الذهب من لازوردي عند 41945 جنيهًا.
العوامل المؤثرة على أسعار الذهب:
تشير التحليلات إلى أن العوامل التي ساهمت في هذا التذبذب تشمل الارتفاع المفاجئ في أسعار المحروقات، الذي دفع الكثير من المستثمرين إلى اللجوء إلى الذهب كملاذ آمن ضد التضخم، كما ساهم تراجع الجنيه المصري أمام الدولار في زيادة الطلب على الذهب، مما دفع الأسعار إلى الارتفاع في البداية، لكن مع تطور الوضع العالمي والمحلي، بدأت الأسواق في العودة للتراجع، وهو ما دفع الخبراء إلى التوصية بعدم الشراء في فترات الارتفاع الكبيرة.
وأضاف إمبابي أن من العوامل الأخرى المؤثرة على أسعار الذهب هي تراجع الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسية، وزيادة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، هذه العوامل خلقت حالة من القلق في الأسواق العالمية، مما ساهم في الضغط على أسعار الذهب.
الأسواق العالمية:
أما على مستوى الأسواق العالمية، فقد سجلت أسعار الأوقية ارتفاعًا طفيفًا إلى 3238.33 دولارًا للبيع و3238.04 دولارًا للشراء، بفارق بسيط بلغ 0.25 دولارًا، ويعكس هذا التوازن المؤقت في الأسواق العالمية، في ظل استمرار حالة الترقب لتطورات الاقتصاد الأمريكي، وخاصة ما يتعلق بقرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشأن رفع أسعار الفائدة.
توقعات الأسعار المستقبلية:
من المتوقع أن تستمر أسعار الذهب في التقلب خلال الفترة القادمة، وسط حالة من عدم اليقين التي تسيطر على الاقتصاد العالمي، ووفقًا لتوقعات الخبراء، فإن الذهب قد يشهد زيادات جديدة إذا استمرت حالة الغموض الاقتصادي، خاصة في ظل تزايد المخاوف بشأن السياسات النقدية للبنوك المركزية الكبرى، بما في ذلك الفيدرالي الأمريكي.
وفقًا لتصريحات سعيد إمبابي، يظل من الأهمية بمكان أن يتأنى المستهلكون والمستثمرون قبل اتخاذ أي قرارات شراء أو بيع خلال هذه الفترات التي تشهد تقلبات حادة في الأسعار.
وأكد على ضرورة أن ينتظر الجميع استقرار الأسعار قبل اتخاذ أي خطوة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
ويبقى سوق الذهب في حالة من التقلب المستمر، ويعكس التذبذب الحالي في الأسعار العديد من العوامل المحلية والعالمية التي تؤثر بشكل مباشر على الطلب والعرض في السوق، مع استمرار حالة الترقب لتطورات الاقتصاد العالمي والمحلي، من المتوقع أن يستمر هذا التذبذب في أسعار الذهب خلال الأيام المقبلة.