بينما يترقب السوق المصري قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، انقسمت توقعات الخبراء حول الخطوة التالية بشأن أسعار الفائدة، وسط تباين في تقدير الأولويات الاقتصادية الراهنة.
ورأى فريق من المحللين أن تثبيت أسعار الفائدة هو الخيار الأمثل في هذه المرحلة، بينما رجّح آخرون أن البنك قد يُقدم على خفض جديد بنحو 1% إلى 2%.
استبعد خبير استراتيجيات أسواق المال عمرو الألفي أن يُقدم البنك المركزي على أي خفض جديد في الاجتماع المقبل، معتبرًا أن الظروف العالمية والمحلية لا تسمح باتخاذ خطوات تيسيرية في الوقت الراهن. وأوضح أن استمرار حالة الترقب في الأسواق العالمية، إلى جانب عدم خفض الفيدرالي الأمريكي للفائدة بعد، يفرضان على مصر الحفاظ على هامش أمان في الفائدة الحقيقية لحماية الاستثمارات الأجنبية ومنع أي ضغوط على العملة.
وأشار الألفي إلى أن المركزي المصري قد يستأنف دورة الخفض لاحقًا، بدءًا من النصف الثاني من العام، وتحديدًا في اجتماع أغسطس، ولكن بعد التأكد من السيطرة التامة على معدلات التضخم محليًا، حتى لا يضطر المركزي إلى التراجع ورفع الفائدة مجددًا إذا تسارعت الأسعار في وقت لاحق. ولفت إلى أن قرارًا متسرعًا بالخفض قد يؤدي إلى نتائج عكسية، خصوصًا في ظل الالتزامات التمويلية المرتفعة للدولة والضغوط الخارجية.
في المقابل، يرى محمد أبو باشا، الخبير الاقتصادي، أن البنك المركزي لديه مساحة كافية لخفض جديد يتراوح بين 100 إلى 200 نقطة أساس، مشيرًا إلى أن التضخم لا يزال تحت السيطرة، بل إنه ضمن النطاق المقبول أسفل مستوى 14%، ما يوفّر فرصة سانحة لتحفيز النمو دون تهديد استقرار السوق.
وأضاف أبو باشا أن أسعار الفائدة الحقيقية – أي الفائدة الاسمية بعد خصم معدل التضخم – لا تزال عند مستويات مرتفعة نسبيًا، وهو ما يجعل من الممكن خفض الفائدة دون التأثير سلبًا على جاذبية الاستثمار المحلي أو تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية.
واعتبر أن التراجع الطفيف في وتيرة التضخم مؤخرًا يشير إلى اتجاه مستقر نسبيًا، ما يعزز منطق التيسير النقدي المدروس في الفترة المقبلة.
تباين الآراء بين الخبراء يعكس تعقيد الظرف الاقتصادي الراهن، حيث تتقاطع أولويات السيطرة على الأسعار مع هدف تسريع التعافي الاقتصادي، وسط مستهدفات حكومية طموحة لجذب استثمارات أجنبية مباشرة تصل إلى 42 مليار دولار في العام المالي المقبل، كما أن التغيرات المرتقبة في السياسات النقدية العالمية تظل عاملاً حاسمًا في حسابات صانع القرار المصري.