بدأ صندوق النقد الدولي رسميًا أعمال المراجعة الخامسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، الممول بقرض يبلغ 8 مليارات دولار، وهي خطوة حاسمة في مسار التعاون بين مصر والمؤسسة الدولية، تمهد لصرف شريحة جديدة بقيمة 1.3 مليار دولار. وتأتي هذه المراجعة في وقت حساس يشهد فيه الاقتصاد المصري تحولًا تدريجيًا نحو الاستقرار، بعد سنوات من الضغوط الداخلية والخارجية.
الحكومة تؤكد التزامها بالإصلاح
في تصريحات لرئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي عقب لقائه نائب مدير صندوق النقد، نايجل كلارك، أكد أن الحكومة تمضي قدمًا في تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي شامل، يرتكز على سياسة سعر صرف مرنة وتعزيز الاحتياطي النقدي الأجنبي. وأشار إلى أن مصر نجحت بالفعل في إتمام أربع مراجعات سابقة مع الصندوق، وهو ما يعكس – بحسبه – جدية الدولة في تطبيق السياسات المطلوبة.
مؤشرات اقتصادية إيجابية
أوضح مدبولي أن الاقتصاد المصري حقق نموًا بنسبة 3.9% خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، وهو معدل يُعد إيجابيًا بالنظر إلى التحديات الإقليمية والدولية التي تواجه الأسواق الناشئة. ولفت إلى انخفاض نسبة الدين للناتج المحلي من 95% إلى 85% خلال عامين، ما يُعد إشارة واضحة إلى تحسن الإدارة المالية العامة.
كما سجلت الاستثمارات الخاصة نموًا بنسبة 80%، بينما ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 17% لتصل إلى 46.1 مليار دولار في 2024 مقارنة بـ10 مليارات فقط في 2023. وتستهدف الحكومة الوصول بحجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 60 مليار دولار بحلول عام 2030، في إطار خطة طويلة الأمد لجذب رؤوس الأموال الأجنبية وتوسيع القاعدة الإنتاجية.
الصادرات غير البترولية ومؤشرات التعافي
شهدت الصادرات غير البترولية تحسنًا ملحوظًا، إذ ارتفعت بنسبة 33% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي، ما يعكس تحسن القدرة التنافسية للمنتجات المصرية في الأسواق العالمية. كما توجد مؤشرات على تعافي القطاعات غير البترولية، بالتوازي مع توسع دور القطاع الخاص في قيادة النمو.
صندوق النقد: إشادة وتوصيات
من جهته، أثنى نايجل كلارك، نائب مدير صندوق النقد الدولي، على التقدم الذي أحرزته مصر في تنفيذ البرنامج الإصلاحي، مشيدًا بانخفاض معدلات التضخم والبطالة، وزيادة الاحتياطيات الأجنبية. وأكد استمرار دعم الصندوق لجهود الحكومة، مع التشديد على أهمية تسريع تمكين القطاع الخاص، وتوفير بيئة تشريعية وتشغيلية محفزة لنمو الشركات، باعتباره المحرك الأساسي للتنمية المستدامة.
وأشار كلارك إلى أن الإصلاحات الهيكلية والمالية الراهنة تمثل قاعدة صلبة يمكن البناء عليها لتحقيق استقرار طويل الأجل، داعيًا الحكومة إلى مواصلة خطواتها في تقليص دور الدولة المباشر في النشاط الاقتصادي وفتح المجال أمام الاستثمارات الخاصة.
البنك المركزي يدخل على الخط
في السياق ذاته، استقبل محافظ البنك المركزي، حسن عبد الله، بعثة الصندوق في مقر البنك، حيث تم استعراض التطورات الأخيرة في السياسة النقدية وسوق الصرف. وناقش الطرفان الخطوات التي اتخذها البنك لضبط معدلات التضخم، وتعزيز الاستقرار النقدي في ضوء التقلبات العالمية.
مع اقتراب إتمام المراجعة الخامسة، تتوقع الحكومة صرف 1.3 مليار دولار تمثل الشريحة الخامسة من قرض صندوق النقد، وهو ما سيوفر دعمًا إضافيًا للاحتياطي النقدي ويُعزز من قدرة الدولة على تلبية احتياجات السوق المحلي وتوفير العملة الصعبة.