وصلت أسعار النفط الخام إلى أعلى مستوياتها المسجلة منذ منتصف يناير 2025، مدفوعة بالمخاوف من اتساع نطاق تداعيات الحرب المستمرة في الشرق الأوسط. ويعكس هذا الارتفاع بصفة رئيسية تنامي القلق من احتمال أن يؤدي التصعيد العسكري إلى إغلاق مضيق هرمز. كما أعربت شركات الشحن الدولية عن مخاوفها بشأن أمن شحناتها، مؤكدة تجنبها المرور عبر هذا الطريق خلال فترة النزاع. وإلى جانب علاوة مخاطر الحرب، ساهمت الخسائر المتوقعة في إنتاج إيران نتيجة الهجمات التي استهدفت منشآتها النفطية في دعم أسعار الخام. إلا أن هذه المكاسب تأثرت سلباً بوفرة الطاقة الإنتاجية الاحتياطية لدى أعضاء الأوبك وحلفائها الآخرين، بالإضافة إلى إنتاج الولايات المتحدة. المرتفع كما ساهم تقرير يفيد بأن الصين تحتفظ بمستويات قياسية من مخزونات النفط الخام، ما يقلل من حاجتها للتخزين الإضافي، في كبح ارتفاع الأسعار. وفي السياق نفسه، أدى إخفاق الاتحاد الأوروبي في خفض سقف سعر النفط الروسي من 60 دولار أمريكي إلى 45 دولار أمريكي للبرميل إلى تقليص الزخم التصاعدي للأسعار.
اتجاه أسعار النفط منذ بداية العام
المصدر: بلومبرج، إدارة معلومات الطاقة الأمريكية
في ذات الوقت، يعد مضيق هرمز ممراً حيوياً لما يقرب من نسبة 15 - 20 في المائة من إمدادات النفط العالمية، أي ما يعادل نحو 15 إلى 20 مليون برميل يومياً، الأمر الذي زاد المخاوف من نقص الإمدادات في حال استمرار الحرب. وأظهرت التقارير أنه حتى في حال تم إغلاق الممر، لا يمكن تحويل سوى جزء بسيط من الإنتاج إلى خطوط الأنابيب. وقد أدى ذلك إلى تصاعد مخاوف من نقص الإمدادات إذا استمرت الحرب. إلا أن منتجي النفط في المنطقة واصلوا ضخ الإمدادات، بل قاموا بتسريع وتيرة الشحنات سعياً لتمرير أكبر قدر ممكن من النفط عبر ناقلات عائمة قبل ضيق او نفاذ الوقت. وساهم هذا التحرك الاستباقي في كبح جماح أسعار الخام خلال الأسبوع الماضي، إذ ما يزال السوق يسعر اضطرابات الإمدادات باعتبارها أسوء السيناريوهات فقط، بينما تشير التقديرات إلى وفرة المعروض من الخام في الأسواق خلال العام الجاري. وفي هذا السياق، أبدى عدد من الأطراف في القطاع ثقتهم بأن مضيق هرمز لن يغلق، نظراً لأن خطوة كهذه ستؤثر على صادرات النفط الإيراني إلى الصين والهند، أكبر مستوردي الخام الإيراني.
وعلى صعيد الطلب، أبقت منظمة الأوبك على توقعاتها لنمو الطلب على النفط دون تغيير لعامي 2025 و2026. وعلى الرغم من تراجع زخم حرب الرسوم الجمركية نتيجة لتطورات الحرب في الشرق الأوسط، إلا أنه من المتوقع أن تلقي التعريفات الإضافية بظلالها على نمو الاقتصاد العالمي، وبالتالي على مستويات الطلب على النفط. وفي سياق متصل، تعكس المؤشرات الاقتصادية الأخيرة نمواً دون التوقعات، إذ قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مجدداً الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، مع خفض توقعاته للنمو الاقتصادي. وفي المقابل، أظهرت التخفيضات الأخيرة لأسعار الفائدة في منطقة اليورو سعي البنوك المركزية والجهات التنظيمية إلى تحفيز الاستثمارات ودعم النشاط الاقتصادي.
أما على جانب العرض، ارتفع إنتاج الأوبك من النفط الخام بمقدار 200 ألف برميل يومياً خلال الشهر، في أول شهر تقوم فيه المجموعة بتكثيف جهودها لزيادة الإنتاج. إلا انه على الرغم من ذلك، جاءت الزيادة دون المستوى المعلن والمقرر بنحو 411 ألف برميل يومياً، إذ أقدم بعض المنتجين على خفض الإنتاج أو الإبقاء عليه عند مستوياته السابقة، مراعاةً للانتهاكات السابقة لحصص إنتاج الأوبك وحلفائها. وجاء هذا الارتفاع مدفوعاً بصفة رئيسية بزيادة الإنتاج في كل من السعودية وليبيا. في المقابل، سجل إنتاج النفط في الولايات المتحدة ارتفاعاً هامشياً للأسبوع السادس على التوالي، ليبلغ 13.43 مليون برميل يومياً، غير أنه ظل دون المستويات القياسية السابقة.