أبقت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) على توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط خلال عام 2025 دون تغيير عند مستوى 1.3 مليون برميل يوميًا، ليتوقع أن يبلغ إجمالي الطلب 105.1 مليون برميل يوميًا. وجاء ذلك في أحدث تقاريرها الشهرية، مع تسجيل مراجعات صعودية لبعض الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وأخرى هبوطية للدول النامية، بما يعكس تأثير المستجدات الاقتصادية والرسوم التجارية الدولية.
مراجعات حسب المناطق: صعود في الغرب وتراجع في آسيا
وفقاً للتقرير، ارتفعت تقديرات الطلب في الولايات المتحدة خلال الربع الأول من 2025 بمقدار 0.21 مليون برميل يوميًا، وفي أوروبا بمقدار 0.13 مليون برميل يوميًا. وقد انعكست هذه الزيادات الطفيفة على توقعات العام بأكمله، لترتفع التقديرات السنوية للولايات المتحدة بمقدار 0.062 مليون برميل يوميًا، و0.025 مليون برميل يوميًا لأوروبا.
في المقابل، شهدت التوقعات انخفاضًا ملحوظًا لعدد من الدول الكبرى خارج منظمة التعاون، لا سيما الهند والصين.
ويعزى ذلك إلى تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية على الصادرات الصينية، وردود بكين بتطبيق تعريفات مضادة، ما أثر سلبًا على التوقعات الاقتصادية ومعدلات الطلب.
وفيما يتعلق بالصين، أظهرت بيانات شهر مايو 2025 تراجع وارداتها من النفط الخام إلى 10.97 مليون برميل يوميًا، مقارنة بـ11.69 مليون في أبريل، رغم ارتفاع طفيف في الإنتاج المحلي. أما الهند، فحافظت على وتيرة استيراد مرتفعة، مع تسجيل المصافي معدلات شراء قياسية مدفوعة بزيادة استهلاك الوقود المكرر، خصوصًا البنزين ووقود الطائرات.
عام 2026: نمو متوقع ولكن بوتيرة أبطأ
لم تختلف التوقعات كثيرًا لعام 2026، إذ أبقت أوبك على تقديراتها لنمو الطلب عند 1.28 مليون برميل يوميًا، ليصل الإجمالي إلى 106.42 مليون برميل يوميًا. وأُجريت بعض التعديلات الطفيفة على مستوى الدول، بما يتماشى مع المستجدات المتوقعة على الصعيدين السياسي والتكنولوجي.
وفي هذا السياق، تشير التوقعات طويلة الأجل الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية إلى أن الطلب العالمي سيبلغ ذروته عند 105.6 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2029.
ومن المتوقع أن تصل الصين إلى ذروة الطلب في وقت أبكر، وتحديدًا بحلول عام 2027، نتيجة تسارع انتشار السيارات الكهربائية.
أما في الولايات المتحدة، فإن تباطؤ وتيرة تبني المركبات الكهربائية وانخفاض أسعار الوقود التقليدي قد يؤديان إلى استمرار دعم استهلاك النفط في المدى المتوسط.
العرض من خارج أوبك: ارتفاع تدريجي يقوده المنتجون المستقلون
على صعيد المعروض، أظهرت بيانات وكالة الطاقة الدولية ارتفاعًا في إمدادات النفط العالمية بمقدار 0.33 مليون برميل يوميًا خلال مايو 2025، لتصل إلى 105.0 ملايين برميل يوميًا. ويعزى هذا النمو إلى زيادة الإنتاج من أوبك وحلفائها، بالإضافة إلى منتجين مستقلين.
وجاءت هذه الزيادة بعد قرار أوبك+ بالتراجع عن بعض التخفيضات الطوعية في الإنتاج، ليبلغ إنتاج المجموعة 42.21 مليون برميل يوميًا في مايو، مقارنة بـ42.05 مليون في أبريل.
وتتوقع الوكالة أن يواصل المعروض العالمي ارتفاعه بمقدار 1.8 مليون برميل يوميًا خلال العام 2025، منها 1.4 مليون برميل مصدرها المنتجون خارج أوبك+. كما يُرجح استمرار النمو في 2026 بمقدار 1.1 مليون برميل يوميًا، مدفوعًا بزيادة إنتاج من خارج أوبك+ بنحو 840 ألف برميل يوميًا.
نظرة مستقبلية: تحديات في آسيا وثبات في الغرب
تشير البيانات إلى أن السوق النفطية العالمية في عامي 2025 و2026 ستتسم بقدر من الاستقرار في المؤشرات العامة، ولكنها ستظل عرضة لتقلبات إقليمية، خاصة في آسيا، حيث تلعب العوامل الجيوسياسية والتجارية دورًا محوريًا في صياغة منحنيات الطلب. ومع بقاء معدلات النمو في حدود 1.3 و1.28 مليون برميل يوميًا، تبدو السوق مدفوعة بتحولات استراتيجية أكثر من كونها طفرات مفاجئة في الاستهلاك.
ويبقى السؤال مفتوحًا حول تأثير التغيرات المناخية، والتطور التكنولوجي، والتحولات الجيوسياسية المقبلة، التي قد تعيد تشكيل خريطة الطلب والمعروض خلال السنوات القادمة.