صدر مساء الأربعاء محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) المنعقد يومي 17 و18 يونيو 2025، والذي أبقى خلاله مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على أسعار الفائدة دون تغيير عند نطاق 4.25% إلى 4.5%، في خطوة جاءت بالإجماع رغم ضغوط سياسية متصاعدة وتباطؤ معدلات التضخم.
وأكد المحضر أن كافة أعضاء اللجنة رأوا أن الإبقاء على سعر الفائدة عند مستواه الحالي يُعد القرار الأنسب في ضوء المعطيات الراهنة، مع الإشارة إلى أن مخاطر ارتفاع التضخم وضعف سوق العمل قد تراجعت لكنها لا تزال قائمة. وذكر المحضر أن 'عدة' مسؤولين رأوا أن سعر الفائدة الحالي 'قد لا يكون بعيدًا' عن المستوى المحايد، ما يشير إلى احتمالات تقليص عدد التخفيضات المنتظرة.
انقسام داخلي حول المستقبل
وعلى الرغم من الاتفاق على التثبيت، كشف المحضر عن انقسام متزايد داخل صفوف الفيدرالي حول مستقبل السياسة النقدية. فقد أشار 'عدد قليل' من المسؤولين إلى أن خفض الفائدة قد يكون مناسبًا في أقرب وقت خلال اجتماع يوليو المقبل، شريطة استمرار تحسن بيانات التضخم. في المقابل، رأى 'بعض' الأعضاء أنه من غير المناسب إجراء أي خفض خلال 2025 إذا استمر التضخم في الصعود، مستندين إلى ارتفاع توقعات التضخم وتداعيات الرسوم الجمركية الأخيرة.
ويُذكر أن اثنين من أعضاء اللجنة عبّرا عن تأييد خفض الفائدة خلال الاجتماع القادم، إذا جاءت البيانات الاقتصادية إيجابية كما يتوقعون. ويُعد هذا الانقسام من أبرز سمات الاجتماع، حيث أعاد التأكيد على نهج 'الانتظار والترقب' الذي يتبناه الفيدرالي.
ترامب يصعّد الهجوم وباول يلتزم الحياد
وتزامن صدور المحضر مع تصعيد حاد من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد رئيس الفيدرالي جيروم باول، حيث هاجمه علنًا في أكثر من مناسبة وطالب بخفض قوي للفائدة، بل وصل إلى حد المطالبة باستقالته، متهمًا إياه بتقويض الأداء الاقتصادي. كما استخدم ترامب منصته على 'تروث سوشيال' لمواصلة الضغط السياسي على المركزي.
من جانبه، أكد باول مرارًا التزامه بالاستقلالية، مشددًا على أن قرارات السياسة النقدية لن تتأثر بأي ضغوط سياسية، وأن الفيدرالي سيواصل تقييم البيانات بعناية قبل اتخاذ أي قرارات.
التضخم والتعريفات تحت المجهر
أوضح المحضر أن التقديرات الحالية تُشير إلى أن تأثير التعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب قد يكون 'مؤقتًا ومتواضعًا'، لا سيما في حال التوصل إلى اتفاقات تجارية أو قدرة الشركات على إعادة هيكلة سلاسل التوريد. وأضاف أن مؤشر أسعار المستهلك ارتفع بنسبة 0.1% فقط في مايو، فيما بدأت مخاوف الجمهور من التضخم تتراجع تدريجيًا وفقًا لأحدث استطلاعات الرأي.
وفي سياق موازٍ، أظهر الاقتصاد الأمريكي إشارات متباينة، حيث أضافت سوق العمل 147 ألف وظيفة جديدة في يونيو مقابل توقعات بـ110 آلاف، وانخفض معدل البطالة إلى 4.1%. لكن إنفاق المستهلكين شهد تباطؤًا ملحوظًا، مع تراجع النفقات الشخصية بنسبة 0.1%، ومبيعات التجزئة بنسبة 0.9%.
رؤية مستقبلية حذرة
اختتم المحضر بتأكيد ضرورة تبني سياسة نقدية حذرة في ظل تراجع جزئي في حالة عدم اليقين الاقتصادي، مشيرًا إلى أن مسؤولي الفيدرالي قد يواجهون 'مقايضات صعبة' إذا استمر التضخم المرتفع في مقابل ضعف سوق العمل. ويبدو أن الفيدرالي يضع نصب عينيه مرونة الاقتصاد من جهة، واحتمالات ارتفاع التضخم من جهة أخرى، ما يبرر استمراره في نهج 'المراقبة الدقيقة للبيانات' قبل الإقدام على أي خطوات جديدة.
وبينما تتجه الأنظار إلى اجتماع يوليو المقبل، تبقى التوقعات منقسمة: ما بين من يرى ضرورة خفض قريب لدعم النمو، ومن يُفضّل الانتظار حتى تتضح ملامح التضخم بالكامل.