في ضوء المشروعات القومية التي تتخذها الدولة للحد من المشاكل والأزمات المجتمعية، تظهر مشكلة الشح المائي نتيجة زيادة السكان وفي ظل أزمة سد النهضة التي تقف عائقًا أمام مستقبل مصر المائي، لذا قررت الدولة الخوض في استراتيجية تحلية المياه بتكلفة 435 مليار جنيه لإنشاء محطات معالجة، لكن تباينت وجهات النظر حول أهمية تحلية المياه من قبل خبراء الري والموارد المائية وحجم الاستفادة التي تعود منها، وهو ما يرصده 'أهل مصر' في هذا التقرير.
تحلية مياه البحر هامة لكنها لا تعوض مياه النيل
قال عباس شراقي أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة، إن مشكلة مصر المائية تتمثل في توفير مياه للزراعة، حيث تشكل أكثر من 80% من الاستخدامات المصرية، مشيرا إلى أن مصر لديها عجز حوالي 40% من احتياجاتها وهو ما يعادل 40 مليار م3، ويتم التغلب على 20 مليار م3 من إعادة استخدام المياه أكثر من مرة لمياه الصرف الزراعي أو الصحي أو الصناعي، والباقي يتم استيراده على هيئة محاصيل.
وأضاف شراقي في تصريحات خاصة لـ 'أهل مصر'، أن تحلية مياه البحر ضرورة للاستخدامات المنزلية أو الصناعية أو السياحية في المدن التي تبعد عن نهر النيل، وفي هذه الحالة تكون اقتصادية ولكنها غير اقتصادية لاستخدامها في الزراعة، حيث يعطي المتر المكعب من المياه إنتاج زراعي بقيمته من 5 - 10 جنيهات، في حين أن تكلفة المتر المكعب من تحلية مياه البحر حوالي 15 جنيها، وبالتالي تحلية مياه البحر لا يمكن أن تكون عوضا عن أي جزء من مياه النيل بالتكاليف الاقتصادية الحالية.
وحدد شراقي بعض الحلول لرفع كفاءة استخدام المياه في مصر أو زيادتها، وتتمثل في:
1- إقامة مشروعات جلب الفواقد في جنوب السودان مثل قناة جونجلي.
2- استنباط أنواع جديدة من المحاصيل تستهلك مياه أقل وتعطي إنتاجية أعلى.
3- إعادة النظر في التركيب المحصولي لزراعة المحاصيل الأقل استهلاكا للمياه وتعطي عائدا أكبر.
4- تطوير جزء من الري الحقلي إلى الري الحديث.
5- الاستفادة من الأمطار المصرية عن طريق حصد مياه الأمطار في سيناء والبحر الأحمر والساحل الغربي.
6- تطوير الزراعة المطرية في الساحل الشمالي الغربي.
7- تقليل الفواقد عن طريق تبطين أو تغطية بعض المجاري المائية الزراعية.
8- التوسع الزراعي خارج الحدود المصرية خاصة في السودان وبعض دول حوض النيل للمحاصيل الشرهة للمياه مثل الأرز وقصب السكر وكذلك المحاصيل الزيتية.
تحلية المياه مكلفة.. والفائدة ورائها ضعيفة
وعلى النقيض الآخر، اعترض الدكتور أحمد الشناوي الخبير المائي على مشروعات تحلية مياه البحر، مشيرًا إلى أن نسبة الملوحة عالية، وبالتالي لا يصلح استخدامها في أي غرض، سواء زراعي أو استخدام بشري، وأساسي للشرب، و تتم تحلية هذه المياه بالتخلص من الأملاح الذائبة فيها، بطريقة التسخين بالطاقة الكهربائية، ثم تكثيف البخار، فتصبح المياه صالحة لكل الأغراض، الشرب والري، إلا أن تكلفة التحلية مرتفعة جدا، حيث أنها تتم بالطاقة الكهربائية، لهذا فإنه تصل تكلفة المتر المكعب أزيد من 10 جنيهات عند محطة التحلية، أضف إليها تكاليف نقلها.
وأضاف الشناوي في تصريحات خاصة لـ 'أهل مصر'، أن المواطن المصري لن يستطيع دفع فاتورة المياه، وفيما يخص الري يستهلك فدان الأرض الزراعية، 5 آلاف م3 في السنة، بأحدث نظم الري، بالتالي فإن المياه المحلاة بهذه الطريقة، تكلفتها تزيد عن 50 ألف جنيه في السنة، بخلاف تكاليف الزراعة، تقاوي أسمدة مبيدات عمالة، بالتالي سيتوقف المزارعين عن الزراعة، وتبور الأراضي.
وعن مياه الصرف الزراعي، قال إن أحدى وظائف مياه الري، هي غسيل التربة، وعلى الأخص الأملاح الموجودة في مياه الري، ولا تمتصها النباتات، لهذا فإن ملوحة مياه الصرف الزراعي تكون عالية الملوحة، لكن بدرجة خفيفة، فيمكن تخفيض نسبة الملوحة بخلطها بنسبة من مياه النيل، وبالتالي يمكن إعادة استخدامها في أغراض الري، حيث أن مياه الصرف الزراعي تحتوي على مبيدات حشرية، التي ترش بها الزراعات، لهذا فإنها لا تستخدم استخداما آدميا و خاصة للشرب، فأنها سامة.
ويجدر الإشارة إلى أن اجتمع الرئيس عبدالفتاح السيسي، مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، واللواء أمير سيد أحمد مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط العمراني، لبحث استراتيجية الدولة التي تتضمن إقامة مشروعات محطات معالجة وتحلية المياه بقيمة إجمالية تبلغ 435 مليار جنيه، بالإضافة إلى المشروعات الأخرى لترشيد وتقليل فاقد المياه، موجها بالسعي نحو امتلاك القدرة الفنية لتوطين تكنولوجيا محطات معالجة وتحلية المياه لما لها من مردود هام وداعم لجهود الدولة في هذا المجال الحيوي.
كما وجه الرئيس بتوسيع نطاق جهود تطوير مناطق وأحياء القاهرة على نحو متكامل، بحيث يتم بلورة تصور دقيق في هذا الخصوص لكافة التفاصيل الإنشائية والهندسية والاجتماعية والمالية.