ينشر موقع 'أهل مصر'، نص كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمام الدورة الـ75 للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي انطلقت مساء اليوم الثلاثاء، في دورتها السنوية بنيويورك.
وجاء النص الكامل للكلمة على النحو التالي: 'يطيب لي في البداية أن أتوجه بالشكر إلى السيد 'تيجاني محمد باندي' على جهوده المتميزة كرئيس للجمعية
العامة للأمم المتحدة فى دورتها السابقة متمنيا لكم التوفيق فى إدارة أعمال الدورة الحالية بحكمة وموضوعية'.
وتابع: 'يكتسب عقد الشق رفيع المستوى لدورة الجمعية العامة هذا العام أهمية خاصة إذ يتواكب مع الذكرى الخامسة والسبعين لإنشاء الأمم المتحدة ويتزامن مع تعرض العالم أجمع لجائحة فيروس 'كورونا' المستجد التى خلفت حتى الآن خسائر بشرية مؤلمة وآثارا اقتصادية واجتماعية عميقة'.
وقال: 'إن مصر بحكم تاريخها وموقعها وانتمائها الإفريقى والعربى والإسلامى والمتوسطى وباعتبارها عضوا مؤسسا للأمم المتحدة لديها رؤيتها إزاء النهج الذى يتعين اتباعه لتحسين أداء وتطوير فاعلية النظام الدولى متعدد الأطراف مع التركيز بشكل أخص على الأمم المتحدة، وأود أن أغتنم هذه المناسبة لكى أستعرض بعض الإجراءات التى تتحرى بشكل عملى تحقيق أهدافنا المشتركة في ركائز عمل الأمم المتحدة الثلاث:
المحور الأول - وفيما يتعلق بحفظ السلم والأمن الدوليين بات من الضرورى أن نتبنى جميعا نهجا يضمن تنفيذ ما يصدر من قرارات فى الأطر متعددة الأطراف مع إيلاء الأولوية لتطبيق القواعد والمبادئ المستقرة والثابتة.. في ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولى وهو ما يستلزم توافر الإرادة السياسية اللازمة لدى الدول لاحترام وتنفيذ القرارات وتفعيل مهام الأمـم المتحـدة على صـعيدين رئيســيين'.
أحدهما: المتابعة الحثيثة لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه.. واتخاذ كل ما يلزم من إجراءات لمساعدة الدول لتنفيذ التزاماتها وبناء قدراتها.. مع مراعاة مبدأ الملكية الوطنية والآخر: العمل على محاسبة الدول، والتي تتعمد خرق القانون الدولي والقرارات الأممية وبصفة خاصة قرارات مجلس الأمن'.
وأشار: 'في هذا السياق، لم يعد من المقبول أن تظل قرارات مجلس الأمن الملزمة فى مجال مكافحة الإرهاب والتى توفر الإطار القانونى اللازم للتصدى لهذا الوباء الفتاك دون تنفيذ فعال والتزام كامل من جانب بعض الدول التى تظن أنها لن تقع تحت طائلة المحاسبة لأسباب سياسية'.
وأكمل: 'ومن المؤسف أن يستمر المجتمع الدولى فى غض الطرف عن دعم حفنة من الدول للإرهابيين سواء بالمال والسلاح أو بتوفير الملاذ الآمن والمنابر الإعلامية والسياسية بل وتسهيل انتقال المقاتلين الإرهابيين إلى مناطق الصراعات خاصة إلى ليبيا.. وسوريا من قبلها'.
ووتابع: 'يمتد حرص مصر على إرساء السلم والأمن الدوليين ليشمل تجنيب الشعوب ويلات النزاعات المسلحة من خلال إطلاق عمليات سياسية شاملة تستند إلى المرجعيات التى تضمنتها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة'.
وأوضح: 'فعلى صعيد الأزمة فى ليبيا تتمسك مصر بمسار التسوية السياسية.. بقيادة الأمم المتحدة على أساس الاتفاق السياسى الموقع بالصخيرات ومخرجات مؤتمر برلين و'إعلان القاهرة' الذى أطلقه رئيس مجلس النواب وقائد الجيش الوطنى الليبيان والذى يعد مبادرة سياسية مشتركة وشاملة لإنهاء الصراع فى ليبيا ويتضمن خطوات محددة وجدولا زمنيا واضحا لاستعادة النظام وإقامة حكومة توافقية.. ترقى لتطلعات الشعب الليبي'.
وأضاف: 'أن تداعيات الأزمة لا تقتصر على الداخل الليبى لكنها تؤثر على أمن دول الجوار والاستقرار الدولى وإن مصر عازمة على دعم الأشقاء الليبيين لتخليص بلدهم من التنظيمات الإرهابية والمليشيات ووقف التدخل السافر من بعض الأطراف الإقليمية التى عمدت إلى جلب المقاتلين الأجانب إلى ليبيا تحقيقا لأطماع معروفة.. وأوهام استعمارية ولي عهدها، لذلك فقد أعلنا ونكرر هنا أن مواصلة القتال وتجاوز الخط الأحمر ممثلا في خط 'سرت – الجفرة' ستتصدى مصر له دفاعا عن أمنها القومي وسلامة شعبها، كما نجدد الدعوة لكل الأطراف للعودة إلى المسار السياسى بغية تحقيق السلام والأمن والاستقرار.. الذى يستحقه شعب ليبيا الشقيق'.
وأكد: 'إذا كنا ننشد حقا تنفيذ القرارات الدولية.. وتحقيق السلام والأمن الدائمين فى منطقة الشرق الأوسط فليس أحق بالاهتمام من قضية فلسطين التى مازال شعبها يتطلع لأبسط الحقوق الإنسانية وهو العيش فى دولته المستقلة جنبا إلى جنب مع باقى دول المنطقة، لقد استنزف الوصول إلى هذا الحق أجيالا واستنفد العديد من القرارات إلى حد بات يثقل الضمير الإنساني، ولا سبيل للتخلص من هذا العبء وفتح آفاق السلام والتعاون والعيش المشترك إلا بتحقيق الطموحات المشروعة للشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية لكي يعم السلام والأمن كل شعوب المنطقة'.
وقال: 'إن على المجتمع الدولى تفعيل التزامه بتحقيق السلام الذي طال انتظاره والتصدي للإجراءات التي تقتطع الأرض من تحت أقدام الفلسطينيين وتقوض أسس التسوية وحل الدولتين التى تبنتها القرارات الدولية وقامت عليها عملية السلام والتى بادرت إليها مصر سعيا إلى تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم'.
وتابع: 'كما بات الحل السياسي الشامل للأزمة السورية أمرا ملحا لإطفاء أتون الحرب المشتعلة وتنفيذ كافة عناصر التسوية السياسية وفقا لقرار مجلس الأمن رقم (2254)، دون اجتزاء أو مماطلة وبما يحقق وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية وسلامة مؤسساتـها وطموحات شعبها والقضاء التام على الإرهاب'.
وشدد: 'بالمنطق نفسه، فلقد آن الأوان لوقفة حاسمة تنهى الأزمة في اليمن من خلال تنفيذ مرجعيات تسوية الصراع طبقا لقرار مجلس الأمن رقم (2216) والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطنى الشامل وبما يحترم الشرعية ويكفل وحدة اليمن واستقلاله ووقف استغلال أراضيه لاستهداف دول الجوار أو لعرقلة حرية الملاحة فى مضيق باب المندب'.
وتابع: 'وفيما يتعلق بموضوع سد النهضة أود أن أنقل إليكم تصاعد قلق الأمة المصرية البالغ حيال هذا المشروع الذى تشيده دولة جارة وصديقة على نهر وهب الحياة لملايين البشر.. عبر آلاف السنين.
لقد أمضينا ما يقرب من عقد كامل فى مفاوضات مضنية.. مع أشقائنا فى السودان وإثيوبيا سعيا منا للتوصل إلى اتفاق ينظم عمليتى ملء وتشغيل السد ويحقق التوازن المطلوب بين متطلبات التنمية للشعب الإثيوبى الصديق وبين صون مصالح مصر المائية.. وضمان حقها في الحياة'.
وأكمل: 'قد خضنا على مدى العام الجارى جولات متعاقبة من المفاوضات المكثفة حيث بذلت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية جهودا مقدرة.. لتقريب مواقف الدول الثلاث من خلال المحادثات التى رعتها بمعاونة البنك الدولي.. على مدى عدة أشهر كما انخرطنا بكل صدق فى النقاشات التى جرت بمبادرة من أخى رئيس وزراء السودان'.
وأشار: 'من بعدها فى الجولات التفاوضية التى دعت إليها جمهورية جنوب إفريقيا بوصفها الرئيس الحالى للاتحاد الإفريقى إلا أن تلك الجهود لم تسفر للأسف عن النتائج المرجوة منها.
إن نهر النيل ليس حكرا لطرف ومياهه بالنسبة لمصر ضرورة للبقاء دون انتقاص من حقوق الأشقاء، ولقد أكدت تلبية مجلس الأمن دعوة مصر لعقد جلسة للتشاور حول الموضوع فى التاسع والعشرين من يونيو الماضى خطورة وأهمية هذه القضية واتصالها المباشر بالحفاظ على السلم والأمن الدوليين الأمر الذى يضع على عاتق المجتمع الدولى مسئولية دفع كافة الأطراف للتوصل إلى الاتفاق المنشود الذى يحقق مصالحنا المشتركة إلا أنه لا ينبغى أن يمتد أمد التفاوض.. إلى ما لا نهاية فى محاولة لفرض الأمر الواقع لأن شعوبنا تتوق إلى الاستقرار والتنمية وإلى حقبة جديدة واعدة من التعاون'.
وأكمل الرئيس حديثه: 'أما بالنسبة للمحور الثانى من محاور عمل الأمم المتحدة وهو تحقيق التنمية المستدامة فتؤمن مصر إيمانا راسخا بأن دفع جهود التنمية يعد شرطا أساسيا لتعزيز السلم والأمن الدوليين ولإقامة نظام عالمى مستقر وهو أفضل السبل لمنع التطرف والحد من النزاعات المسلحة والأزمات الإنسانية، ولقد دعمت مصر اعتماد أجندة التنمية المستدامة لعام 2030 واضطلعت بدور محورى لدعم جهود السكرتير العام لإصلاح المنظومة التنموية إيمانا منها بأهمية تعزيز قدرة المنظمة.. على تحقيق تلك الأهداف الطموحة'.