عقد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بـ مجلس الوزراء، برئاسة الأستاذ أسامة الجوهري، مساعد رئيس مجلس الوزراء، مائدة مستديرة حول 'انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي: الفرص والتحديات'، بمشاركة نخبة كبيرة من ممثلي الجهات الحكومية المعنية؛ في مقدمتهم وزارة التجارة والصناعة، ووزارة الخارجية، ووزارة التعاون الدولي، والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، هذا بالإضافة إلى ممثلي جمعيات رجال الأعمال والخبراء والأكاديميين.
وأوضح 'الجوهري'، أن هذه المائدة المستديرة تأتي ضمن سلسلة من الفعاليات التي يحرص عليها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، بشكل مستمر من خلال إقامة حوار بناء حول مختلف القضايا والموضوعات ذات الأولوية، وذلك لاستخلاص الآراء والاقتراحات تمهيدا لرفعها إلى السيد رئيس مجلس الوزراء والوزارات المعنية، لدمجها ضمن عمليات صنع السياسة العامة بالدولة.
وأكد 'الجوهري'، على أن الهدف الرئيسي من عقد هذه المائدة هو استشراف الفرص المتاحة أمام مصر بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي بدأت ارهاصاته في يونيو 2016 عندما صوتت المملكة المتحدة على مغادرة الاتحاد الأوروبي بنسبة 52% مقابل 48% أرادوا البقاء فيه، ومنذ الأول من فبراير 2020، خرجت المملكة المتحدة من عضوية الاتحاد الأوروبي. وبحلول الأول من يناير 2021 سوف يؤذن بانفصالها عن السوق الأوروبية الموحدة، والاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي؛ وهو الأمر الذي يتطلب تحركا مصريا مع الجانب البريطاني لتعزيز العلاقات الاقتصادية فيما بينهما.
وخلال المائدة المستديرة، شدد 'الجوهري'، على أهمية طرح هذا الموضوع، ومناقشته باستفاضة، نظرا لأن المملكة المتحدة تعد شريكا استراتيجيا لمصر، وبالطبع سوف تتأثر المملكة بهذا الانفصال.
كما لفت 'الجوهري'، خلال كلمته إلى التداعيات والتأثيرات السلبية لأزمة فيروس كورونا العالمية على اقتصادات دول العالم، بالإضافة إلى ما تشكله انعكاسات الأزمة الحالية التي يعانيها الاقتصاد العالمي ككل، الذي انكمش بنسبة 5.2% وفقا لتوقعات البنك الدولي لعام 2020، في ظل تباطؤ حركة التجارة العالمية وانخفاض تدفقات الاستثمار، وارتفاع مستويات البطالة.
ومن جانبه، قام الدكتور أحمد رجب المستشار الاقتصادي بالمركز، بطرح أهم التساؤلات التي تحاول المائدة المستديرة الإجابة عليها، وكان في مقدمتها ما هو السيناريو الأقرب للتحقق، هل سيتم التوصل لاتفاق بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي أم ستخرج بريطانيا دون اتفاق؟ وما تداعيات وتأثيرات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وفقا للسيناريوهين المطروحين على مصر؟ وما هي ملامح السياسة التجارية الجديدة التي سوف تنتهجها بريطانيا عقب الخروج؟
وأكد الدكتور طارق شلبي مساعد وزير التجارة والصناعة، على اهتمام بريطانيا بتوفير مناخ ملائم لتجارتها مع بلدان العالم، لذلك فإنها تعمل حاليا على توقيع اتفاقات تجارية مع عدد من بلدان العالم – ومنها مصر - تضمن استمرارية شروط التبادل التجاري القائمة في ظل الاتحاد الأوروبي، على أن يتم التفاوض لاحقا على اتفاقية استراتيجية شاملة، مشيرا إلى أن الفرص البريطانية المتاحة لا تأتي حكرا على الدولة المصرية فحسب، ولكنها متوفرة لجميع بلدان العالم الأخرى، لذلك، فإن الأمر يتطلب دراسات معمقة واتخاذ تدابير احترازية للإبقاء دوما على الميزة التنافسية للمنتجات المصرية في السوق البريطانية، والمناخ التنافسي للاستثمارات البريطانية.
وفي السياق ذاته، أوضح السفير رضا بيبرس مستشار وزيرة التعاون الدولي والمشرف على قطاع التعاون الأوروبي، أن علينا التركيز على ترتيبات التبادل التجاري بين البلدين، بالإضافة إلى جذب وتحفيز الاستثمارات البريطانية، أخذا بعين الاعتبار أن بريطانيا سوف تفكر في إعادة توطين استثماراتها، وهو الأمر الذي يتعين على مصر اغتنامه، والعمل على دراسة ملفات الاستثمار وتبني إجراءات وتدابير من شأنها تحسين مناخه وحل المشكلات التي تعترض المستثمرين، مشيرا إلى أهمية الاهتمام بالتعليم الفني والتدريب المهني، حتى تتوفر الأيدي العاملة المدربة؛ باعتبارها أحد العوامل الرئيسة لجذب الاستثمارات وتحسين جودة المنتجات المستهدف تصديرها للخارج.
من جانبها، أكدت الدكتورة رشا مصطفى عوض رئيس الإدارة المركزية لدعم القرار بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، أن المستثمر يتطلع إلى تجربة استثمارية متكاملة، ليس فقط للمزايا المباشرة المتمثلة في الفرص التي يتيحها القانون من إعفاءات، بل إنه أصبح يختار نمط حياة ومكانا يمكنه من العيش والعمل معا بكل أريحية.
وأوضح الدكتور يان نوتا الرئيس التنفيذي للغرفة العربية الألمانية للصناعة والتجارة بالقاهرة- ممثلا عن القطاع الخاص- أن تعرض دول الاتحاد الأوروبي لموجة ثانية من جائحة 'كوفيد-19' سوف يعمق التداعيات الاقتصادية للأزمة الراهنة، ويزيد من تعطل سلاسل التوريد، لذلك، فإن مصر تتمتع بفرص وآفاق رحبة لتأخذ مكانة أكبر في سلاسل التوريد العالمية، من خلال قيام الشركات العالمية بإعادة هيكلتها، بعد أن اكتشفوا أنهم 'قد وضعوا البيض كله في سلة واحدة'؛ مما أثر عليهم سلبا، مشيدا بالإجراءات التي اتخذتها مصر منذ بداية الجائحة بعدم إغلاق أنشطتها الاقتصادية، الأمر الذي أسهم في اطلاعها بتلبية جانب من سلاسل التوريد المعطلة، والتي كانت ضرورية وقتها.
وفي النهاية، أكد الدكتور عبد الفتاح الجبالي المستشار الاقتصادي بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، على أن الدولة قد قامت خلال الفترة الماضية بإصدار عدد من القوانين المهمة التي تعزز من البيئة الاستثمارية والتجارية، ومثال ذلك قانون الجمارك الجديد وقانون الخدمة المدنية الجديد، بالإضافة إلى قانون المناقصات الحكومية، كذلك، فإن الحكومة تعمل في الفترة الحالية على تحسين بيئة ممارسة أنشطة الأعمال، استرشادا بالمؤشرات التي يصدرها البنك الدولي سنويا.