د. خالد عاشور يكتب: قرياقص ميخائيل

خالد عاشور
خالد عاشور

هل سمعت بهذا الاسم من قبل؟

إنه واحد من أبناء مصر الذين ينبغي على الأجيال الجديدة أن تقرأ سيرتهم كي تتعلم منها: الوطنية والعصامية والإخلاص وحب الوطن.

إنه الصحفي المصري قرياقص ميخائيل، ابن مدينة المراغة بسوهاج.

ولد عام ١٨٨٧، وبعد أن أتم المرحلة الثانوية، احترف الصحافة وسافر إلى لندن حيث تعلم وعمل وعاش حتى وفاته عام ١٩٥٦.

عاش قرياقص في لندن وقلبه في مصر يدافع عن قضايا التحرر الوطني بقلمه ولسانه، فما إن يقرأ في الصحف العالمية مقالًا أو خبرًا فيه إساءة إلى مصر حتى ينبري للدفاع ولإيضاح ما خفي على الرأي العام العالمي بشأن القضية المصرية.

بل إنه – وهو المسيحي – تزعم حملة للدفاع عن الإسلام وعن الأزهر ضد بعض الإنجليز في الجرائد الإنجليزية، وقد اختارته الحركة الوطنية بزعامة سعد زغلول وكيلًا لها في بريطانيا، وكان ذلك سببًا في ترحيله إلى مصر واعتقاله مع رموز الحركة الوطنية، عبد الرحمن فهمي، وتوفيق صليب، وحامد المليجي، وإبراهيم عبد الهادي (الذي تولى عدة وزارات ورأس الوزارة فيما بعد).

وكان قرياقص مثالًا للصعيدي المحافظ على "صعيديته" في لهجته ومسلكه وملبسه، فقد شوهد وهو يجمع أشياءه في "قفة" وهو يَهم بركوب الطائرة عائدًا من القاهرة إلى لندن.

أما بيت قرياقص ميخائيل في العاصمة البريطانية فقد كان قِبْلةً للمصريين وغير المصريين من مختلف الطبقات والتوجهات، فقد استضاف فيه الإمبراطور هيلاسلاسي إمبراطور الحبشة عندما لجأ إلى بريطانيا هربًا من الغزو الإيطالي لبلاده، والأمير سعود بن عبد العزيز ولي عهد المملكة العربية السعودية (وملكها فيما بعد)، والخديو المخلوع عباس حلمي الثاني، وسماحة الشيخ محمد أمين الحسيني مفتي فلسطين وغيرهم، فكان بيته بحق كما وصفه وديع فلسطين كأنه "دوار عمدة" وكأن صاحبه "عمدة في لندن من صعيد مصر".

وفي عام ١٩٥٠ أذاعت وكالات الأنباء أن إثيوبيا تتفاوض مع شركة أمريكية على بناء سد على بحيرة "تانا"، وخافت مصر أن يترتب على هذا المشروع نتائج خطيرة على الري والزراعة، وحينها تذكر وزير الأشغال عثمان محرم باشا، أنه التقى في بيت قرياقص في لندن بإمبراطور الحبشة، فأبرق إليه داعيًا إياه إلى المجيء للقاهرة، للاشتراك في مناقشات حول المشروع الإثيوبي مع وزير الخارجية د. محمد صلاح الدين باشا، ثم كلفه عثمان محرم بالسفر إلى أديس أبابا، لبحث الموضوع مع صديقه الإمبراطور، الذي رحب بقرياقص ترحيبًا كبيرًا، وأكَّد له أن حكومة بلاده ستُولي آراء مصر بشأن مشروع السد الإثيوبي عناية كبيرة، وأصدر أوامره إلى الوزراء المختصين بدراسة كل ما يتلقونه من بيانات واقتراحات من حكومة مصر، وقال إن بلاده لن تتصرف بمفردها في مشروع السد.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً