قبل أن أذهب إلى العراق عام 2005، موفدًا من التليفزيون المصرى لتغطية الوضع الميداني والسياسي عقب الاحتلال، لم أكن أعلم أن ثمة ديانة لها أتباع تسمى "الصابئة المندائيين"، أتباع منتشرون في العراق وفي أجزاء من إيران.
وقد عرفت من خلال لقاء مطول مع رئيس الطائفة، فى ذلك الوقت، الشيخ ستار جبار، أن اسم "الصابئة" مشتق من الفعل الآرامي "صبا" أي اصطبغ بالماء الجاري، فهم الصابغة، وأن اسم "المندائيون" مشتق من الفعل الآرامى "دا" أي عرف أو وحد الله، فهم المصطبغون العارفون.
وأتباع هذه الديانة هم أتباع نبي الله يحيى عليه السلام، فهو آخر أنبيائهم من لدن آدم، وأما الكتاب الذي يقدسونه ويتعبدون وفقًا لتعاليمه فهو صحف منسوبة لنبي الله يحيى تسمى: "كنزا ربا" أو الكنز العظيم، وهو مكتوب باللغة الآرامية القديمة، وله ترجمة باللغة العربية، ويتضمن تعاليم مشتركة مع الديانات الأخرى مثل الحض على الفضائل العامة، وكذلك التحذير من الرذائل.
ولهم صومان: صوم كبير وهو الامتناع عن كل شيء باطل طوال الحياة، وصوم صغير وهو الامتناع عن الذبح وأكل أي شئ ذي روح لمدة ستة وثلاثين يومًا متفرقة.
وأما الصلاة فلديهم ثلاث صلوات بعد أن كانت خمسًا قبل مجيء نبي الله يحيى؛ الأولى: في الصباح الباكر، والثانية: عند الظهر، والثالثة: عند المغرب، يسبق تلك الصلوات وضوء شبيه بالوضوء في الإسلام، فهو غسل لليدين والوجه والجبهة والأذنين والفم والقدمين، ثلاث مرات.
وللماء قدسية خاصة عند أصحاب هذه الديانة، فاسمهم مشتق من عملية الصباغة وهي الاغتسال بالماء رجالًا ونساءً، وهم يعتقدون أن الملاك جبريل اصطبغ بالماء في عوالم النور العليا، والأنبياء من خلاله اصطبغوا كذلك، وقد اصطبغ نبي الله عيسى في حوض نهر الأردن عن طريق نبي الله يحيى وبشّر بنبوته.
والاصطباغ بالماء طقس يمارسه الصابئة المندائيون كل أسبوع، وهو شبيه بالتعميد عند المسيحية، غير أن التعميد مرة في العمر، بخلاف الاغتسال عند الصابئة فهو كل يوم أحد، وهم يبدأون شعائرهم في هذا اليوم اعتقادًا منهم بأن الله بدأ الخلق يوم الأحد.
لمشاهدة التقرير التليفزيوني عن الموضوع ادخل على هذا الرابط
https://www.youtube.com/watch?v=IC06iY2KHJE