ردت دار الإفتاء، اليوم الثلاثاء، على سؤال تم طرحه عن مدى مشروعية الاحتفال بـ رأس السنة الميلادية.
وقالت دار الإفتاء، في بث مباشر عبر صفحتها الرسمية عبر موقع التواصل الاجتماعي 'فيس بوك'، إن الاحتفال بـ رأس السنة الميلادية المؤرخ بيوم ميلاد سيدنا المسيح عيسى ابن مريم على نبينا وعليه السلام، بما يتضمنه من مظاهر الاحتفال والتهنئة به؛ جائز شرعًا، ولا حُرمة فيه.
دار الإفتاءوعللت دار الإفتاء لحكمها السابق، بأن مشاركة غير المسلمين في الاحتفال بأعيادهم يشتمل على مقاصد اجتماعية ودينية ووطنية معتدٍّ بها شرعًا وعرفًا؛ من تذكر نعم الله تعالى في تداول الأزمنة وتجدد الأعوام.
وأكدت دار الإفتاء، أن الشريعة قد أقرت الناس على أعيادهم لحاجتهم إلى الترويح عن نفوسهم، لافتةً إلى أن العلماء نصوا على مشروعية استغلال هذه المواسم في فعل الخير وصلة الرحم والمنافع الاقتصادية والمشاركة المجتمعية، وأن صورة المشابهة لا تضر إذا تعلق بها صالح العباد.
الإفتاء: النبي عليه الصلاة والسلام أولى الناس بسيدنا المسيح
واشترطت الإفتاء في جواز هذه المشاركة، أن تكون خالية من الإقرار على عقائد مخالفة للإسلام، فضلًا عن موافقة ذلك للمولد المعجز لسيدنا المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، الذي خلّده القرآن الكريم وأمر بالتذكير به على جهة العموم بوصفه من أيام الله، وعلى جهة الخصوص بوصفه يوم سلام على البشرية، مردفةً: النبي صلى الله عليه وآله وسلم أَوْلَى الناس بـ سيدنا المسيح صاحب هذا المولد المبارك، مع ما في ذلك من تعظيم المشترك بين أهل الأديان السماوية، فضلًا عن عقد المواطنة الذي تتساوى فيه الحقوق والواجبات، وكلما ازدادت الروابط الإنسانية تأكدت الحقوق الشرعية؛ فالمسلمون مأمورون أن يتعايشوا بحسن الخلق وطيب المعشر وسلامة القصد مع إخوانهم في الدين والوطن والقرابة والجوار والإنسانية ليُشعِروا مَن حولهم بالسلام والأمان، وأن يشاركوا مواطنيهم في أفراحهم ويهنئوهم في احتفالاتهم، ما دام أن ذلك لا يُلزِمهم بطقوسٍ دينيةٍ أو ممارسات عبادية تخالف عقائد الإسلام.
مشاركة غير المسلمين في بعض المظاهر الاجتماعية
وأضافت دار الإفتاء أنه قد ورد عن الصحابة رضي الله عنهم وفقهاء الأمة مشاركة غير المسلمين في بعض المظاهر الاجتماعية لأعيادهم، مع مراعاة الالتزام بالآداب الإسلامية في هذه الاحتفالات، والبعد عن ما يحرمه الإسلام أو تأباه الأخلاق الكريمة والأعراف السليمة.
وأشارت الإفتاء في هذا الصدد إلى ما أخرجه الخطيب البغدادي في 'تاريخ بغداد' بسنده إلى إسماعيل بن حمّاد بن أبي حنيفة النعمان بن ثابت بن النعمان بن المرزبان، قال: [النعمان بن المرزبان أَبُو ثابتٍ هو الذي أهدى لعلي بن أبي طالب عليه السلام الفالوذج في يوم النيروز، فقال: 'نَوْرِزُونَا كُلَّ يَوْمٍ'، وقيل: كان ذلك في المهرجان، فقال: 'مَهْرِجُونَا كل يوم']، موضحة أن النيروز هو لفظ فارسي مُعرَّب؛ معناه: اليوم الجديد، وهو عيد رأس السنة عند الفرس، ويصادف أول فصل الربيع.
كثرة الحلف في البيع والشراء
وفي سياق آخر أوضحت دار الإفتاء، أن إكثار الحلف أثناء البيع والشراء منهي عنه شرعًا؛ لما يترتَّب عليه من زوال البركة، ولكَونه كثيرًا ما يكون سببًا لغِشِّ المشتري، وسببًا لزوَال تَعْظِيم اسم الله تعالى من القلوب؛ فقد أمر الله تعالى بحفظ الأَيمان ونَهى عن إكثار الحَلِفِ؛ فقال عزَّ وجلَّ: ﴿وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ﴾ [المائدة:89]، وقال سبحانه: ﴿وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة: 224]، وورد في السنَّة النبوية المطهرة النهي عن إكثار الحلف مطلقًا وخصوصًا عند المتاجرة؛ لما يترتب عليه من محق البركة ورفعها. قال النبي ﷺ: «الحلف مُنَفِّقَةٌ للسلعة، مُمْحِقَةٌ للبركة» (رواه البخاري).