أعلنت روسيا، اليوم الجمعة، سيطرة قواتها على بلدة سوليدار، التي تشتهر بمناجم الملح في شرق أوكرانيا، وهو ما من شأنه أن يمثل أول مكسب كبير لموسكو في ساحة المعركة، منذ نحو ستة أشهر، إلا أن أوكرانيا ردت بالتأكيد على أن القتال مازال مستمرا في هذه البلدة.
روسيا تسيطر على سوليدار
السيطرة على سوليدار
ولم يتسن لوكالات الأنباء، التحقق من الموقف في سوليدار، التي كانت محل تركيز الهجمات الروسية دون انقطاع، حيث تعتبر موسكو السطيرة عليها سيكون انتصارا لموسكو في إحدى أشد الحملات دموية في الحرب، بعد انتكاسات كبيرة خلال النصف الثاني من 2022.من جهتهل قللت كييف والغرب من أهمية الاستيلاء على البلدة، وقالت إن روسيا دفعت بموجات متتالية من الجنود والمرتزقة إلى قتال بلا جدوى للسيطرة على أرض قاحلة دمرها القصف في سوليدار، وهي منطقة من غير المرجح أن تؤثر في الحرب الأشمل إلا من حيث الخسائر الفادحة في الأرواح التي تكبدها الطرفان.
وقالت وزارة الدفاع الروسية “أمكن الاستيلاء على سوليدار بفضل القصف المستمر على العدو من جانب قوات الطيران الهجومي والحربي والصواريخ ومدفعية مجموعة من القوات الروسية”.
وأضافت الوزارة أن الاستيلاء على سوليدار يمكنه قطع طرق الإمدادات الأوكرانية إلى مدينة باخموت القريبة الأكبر حجما، وحصار القوات الأوكرانية المتبقية هناك. وتحاول روسيا الاستيلاء على باخموت منذ شهور في حرب ضارية.
لكن سيرهي تشيريفاتي المتحدث العسكري الأوكراني للمنطقة الشرقية قال لرويترز عبر الهاتف إن سوليدار لم يتم الاستيلاء عليها. وأردف “وحداتنا موجودة هناك، والبلدة غير خاضعة للسيطرة الروسية”.
وقال ضابط أوكراني في المنطقة، تحدث بشرط إخفاء هويته إذ لم يكن مخولا بالتحدث مع وسائل الإعلام، لرويترز عبر الهاتف إن الروس لم يستولوا بشكل كامل على البلدة.
وأضاف: “ليلة أمس كانت نيران المدفعية وكأنها (نيران) من الجحيم، من كلا الطرفين. بحسب ما أعرفه، استطاع جنودنا الخروج من بعض أجزاء (سوليدار) بشكل منظم والآن ترد الهجوم مجموعات (الهجوم)، ولكننا ما زلنا نسيطر على البلدة”.
وقال مسؤولون أوكرانيون يوم الخميس إن أكثر من 500 مدني محاصرين داخل سوليدار، من بينهم 15 طفلا.
وفي خطاب مصور خلال الليل، شكر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وحدتين في سوليدار وقال إنهما “صامدتان في مواقعهما وتكبدان العدو خسائر فادحة”، ولم يتطرق لمزيد من التفاصيل.
ولم تشهد مواقع خطوط المواجهة الأمامية في أوكرانيا أي تغير يذكر على مدى الشهرين المنصرمين بعد أن أجبرت القوات الأوكرانية روسيا على انسحابات مذلة في أكثر النصف الثاني من 2022. وفي غضون ذلك، تحولت المعارك حول باخموت وسوليدار إلى ما أطلق عليها الطرفان “مفرمة لحم“، إذ باتت حرب استنزاف وحشية تحصد أرواح آلاف من الجنود.
ويرى حلفاء كييف الغربيون القتال على أنه قتال من أجل مكاسب هامشية في خط مواجهة لا يستطيع أي من الطرفين تحقيق نقطة تحول كبرى فيه، وهو قتال جانبي بعيد عن المعارك في الشمال والجنوب، حيث تأمل أوكرانيا التقدم أمام الخطوط الروسية.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي لصحفيين في البيت الأبيض يوم الخميس “حتى وإن سقطت باخموت وسوليدار في يد الروس، لن يكون لذلك أثر استراتيجي في الحرب نفسها… ومن المؤكد أن ذلك لن يوقف الأوكرانيين أو يثبطهم”.
وداخل روسيا، من شأن الانتصار في سوليدار تعزيز سمعة يفجيني بريجوجين زعيم المرتزقة القومي المتطرف الذي ركزت مجموعته (فاجنر) العسكرية الخاصة، التي تتضمن مدانين مجندين من السجون بوعود بالإعفاء من العقوبة، على القتال في تلك المنطقة. ويشتكي بريجوجين من حصول الجيش النظامي على الثناء كله في معركة سوليدار من دون ذكر مقاتليه.
وقال “يحاولون باستمرار سرقة الانتصار من مجموعة فاجنر العسكرية الخاصة والتحدث عن وجود أشخاص آخرين مجهولين للتقليل فقط من شأن جدارة فاجنر”.
وشهد العام الجديد وعودا هامة بتقديم الغرب المزيد من الأسلحة لأوكرانيا، التي تسعى للحصول على ما يمكنها من خوض معارك في مواجهة الدبابات الروسية.
ومن المرجح صدور إعلانات مهمة عن أسلحة جديدة الأسبوع المقبل، حينما سيستضيف وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن وزراء الدفاع من دول حليفة أخرى في قاعدة جوية أمريكية بألمانيا في اجتماع لمجموعة التنسيق المشكّلة لتقديم الدعم إلى أوكرانيا.
وتعهدت فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة الأسبوع الماضي بإرسال مركبات قتالية مدرعة. وكان تركيز المناقشات هذا الأسبوع على دبابات القتال الرئيسية، وهو تحديث كبير محتمل لكييف.
وانضمت فنلندا يوم الجمعة إلى بولندا في تعهدها بإرسال دبابات ليوبارد الألمانية الصنع إلى أوكرانيا في إطار تحالف غربي يتم تكوينه على ما يبدو لتوصيل هذه الدبابات لكييف.
ويتطلب ذلك موافقة برلين، التي تتردد حتى الآن لكنها أبدت في الآونة الأخيرة استعدادها للسماح بذلك. وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية يوم الجمعة إن برلين لم تتلق بعد أي طلب رسمي للحصول على أذونات بإعادة تصدير الدبابات.
وبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغزو يوم 24 فبراير شباط، قائلا إن روابط كييف مع الغرب تهدد أمن روسيا. وأعلنت موسكو منذ ذلك الحين ضم أربع مناطق أوكرانية.
وتصف أوكرانيا وحلفاؤها الغزو بأنه حرب غير مبررة لانتزاع الأرض، وتقول كييف إنها ستقاتل حتى تستعيد جميع أراضيها.