تحدثنا في المقالة السابقة عن مرض المازوخية الذي هو مرض نفسي وانحراف سلوكي له دور كبير في مشكلة الشذوذ، ومشكلة هذا المرض أنه ليس له أعراض ظاهرة وواضحة، فالمصاب أو الشاذ يبدو طبيعيا في معظم حالاته ويمارس شذوذه في الخفاء ولا يعلن عن نفسه، نظرا لعدم قبول المجتمعات لمثل هذه الانحرافات.
ولكن مع تزايد انتشار المرض أصبح هؤلاء المرضى أكثر شراسة وقوة وتمرد على المجتمعات، فأصبحوا يخرجون في مظاهرات يطالبون فيها بحق ممارساتهم المنحرفة وعدم التعرض لهم بل إن بعضهم تسلل إلى المناصب المختلفة والمجالات المؤثرة، مثل الفن والإعلام والعمل العام مما زاد من تمكنهم وقدرتهم على فرض وجودهم وراحوا ينشرون عدوى هذا المرض بين الشباب والأجيال القادمة.
لو بحثنا عن أصل هذه المشكلة سنجدها في الإحباط الشديد الذي يتعرض له الفرد سواء في مرحلة الطفولة أو في المراحل المختلفة لكنها أكثر في الطفولة، ونحن نسمع بين الحين والآخر عن الاعتداء جنسيا على الأطفال هؤلاء الأطفال الذين يتم الاعتداء عليهم إذا لم يعالجوا جيدا من الخلل النفسي والوضع الشاذ الذي تعرضوا له سيصبحون مرضى وشواذ في المستقبل، والذي قام بالاعتداء أيضا شخص شاذ لا يكفي أن يعاقب جنائيا ولكن يجب خضوعه للعلاج النفسي.
ومشكلة الشذوذ أنه ليس فقط في النواحي الجنسية ولكن يمتد ليشمل كل النشاط الإنساني، فالشاذ ممكن أن يكون قاتل ويرتكب أي جريمة لأنه شخص مهزوم نفسيا إلى أقصى درجة إثر تعرضه للاعتداء والقهر وتحقير الذات التي خلقها الله مكرمة والطبيعى أن يعتز الإنسان بنفسه ولا يضعها فى مواقف الإذلال والإهانة.
أخيرا كان هذا المرض يصيب النساء أكثر من الرجال، نظرًا للطريقة التي كانت تعامل بها المرأة في المجتمعات سابقا من التبعية والانقياد والسيطرة عليها لكن مع تخلص المرأة بنسبة كبيرة من هذه التبعية والخضوع أصبح المرض يصيب أكثرية من الرجال الذين وجدوا أنفسهم مسيطر عليهم ومقيدين وخاضعين بوسائل مختلفة مما أدى إلى انحرافهم.
عدم الانتباه لهذه الأمراض ودراستها وعلاجها سيؤدى حتما إلى الدمار الشامل كما قلنا من قبل تماما مثلما حدث مع قوم لوط عندما امتنع أي سبيل لإصلاحهم وإعادتهم للطريق الصحيح.