يعتقد فريق من الباحثين في جامعة نورث كارولينا ويلمنغتون أنهم قد حلوا لغز بناء الأهرامات الذي طالما أثار تساؤلات العلماء.
النظرية الجديدة تشير إلى وجود فرع قديم لنهر النيل كان يستخدم لنقل المواد اللازمة لبناء الأهرامات.
قام الفريق بإجراء دراسات شاملة باستخدام تقنيات متعددة مثل صور الأقمار الاصطناعية الرادارية والخرائط التاريخية والمسوحات الجيوفيزيائية والحفريات، ونتيجة لذلك، تمكنوا من رسم خريطة للفرع المندثر الذي يعتقد أنه امتد عبر الصحراء والأراضي الزراعية الحالية.
لغز بناء الأهرامات
ووفقاً للبروفيسورة إيمان غنيم، كان الفرع المائي هذا مجهول الموقع والشكل والحجم، ولم يكن أحد يعرف مدى قربه من الأهرامات.
لكن باستخدام تقنية الرادار، تمكن الباحثون من اختراق سطح الرمال والكشف عن المعالم المندثرة تحتها، بما في ذلك الأنهار المدفونة والهياكل القديمة.
في دراسة نُشرت في مجلة 'Communications Earth & Environment'، أوضحت الدكتورة سوزان أونشتاين أن الفريق نجح في تحديد موقع فرع النهر الفعلي وجمع بيانات تؤكد وجود الممر المائي، ويُعرف هذا الفرع بـ 'فرع الأهرامات'، ويبلغ طوله حوالي 64 كيلومتر ويتراوح عرضه بين 200 و700 متر.
كان الفرع القديم للنهر يستخدم لنقل الكتل الحجرية الثقيلة والمعدات والأفراد، وهذا يفسر كيف تمكن المصريون القدماء من ببناء الأهرامات الضخمة بجهد أقل بكثير مما كان يعتقد في السابق، وقرب فرع النهر من مجمع أهرامات الجيزة يشير إلى أنه كان نشطاً ومستخدماً خلال مرحلة بناء الأهرامات.
منطقة أهرامات الجيزة وقرية اللشت
تساهم اكتشافات الفرع المائي المندثر في تفسير الكثافة الهرمية العالية بين منطقة أهرامات الجيزة وقرية اللشت، وهي منطقة مدافن الدولة الوسطى، يعتقد الباحثون أن وجود هذا الفرع المائي كان عاملاً حاسما في اختيار موقع بناء الأهرامات.
كان نهر النيل دائمًا شريان الحياة في مصر القديمة، ولا يزال له نفس الأهمية حتى اليوم، يعزز اكتشاف الفرع المائي المندثر فهمنا للدور الحاسم الذي لعبه النيل في الحضارة المصرية القديمة، ويعيد النظر في كيفية استخدام المصريين القدماء للموارد الطبيعية في بناء معالمهم العظيمة.
يعتمد العلماء اليوم على تقنيات حديثة مثل الرادار والاستشعار عن بُعد لاكتشاف المعالم المندثرة.
وتمكنت هذه التقنيات من الحصول على صور مفصلة للأراضي المدفونة تحت الرمال، مما يساعد في كشف أسرار الحضارات القديمة.
تشير البروفيسورة إيمان غنيم إلى أن هذه الاكتشافات تفتح آفاقًا جديدة للبحوث الأثرية في مصر، بفضل التقنيات المتقدمة، يمكن للعلماء الآن استكشاف المزيد من المناطق التي قد تخفي تحتها أسرارًا تاريخية لم تُكشف بعد.
تُظهِر هذه الاكتشافات أهمية التعاون بين مختلف التخصصات العلمية، بدءًا من الجيوفيزياء وصولًا إلى الأثرية والتاريخية. فتبادل المعرفة واستخدام تقنيات متعددة يعزز من فرص كشف المزيد من الألغاز التي تحيط بتاريخ البشرية.
متابعة البحث في المنطقة المحيطة بالأهرامات لاكتشاف المزيد من المعالم المدفونة
ويعتزم الفريق متابعة البحث في المنطقة المحيطة بالأهرامات لاكتشاف المزيد من المعالم المدفونة، كما يهدفون إلى استخدام تقنيات متقدمة أخرى لتحليل التركيبة الجيولوجية للمناطق الأثرية وتقديم تفسيرات أكثر دقة لعملية بناء الأهرامات.
ويُمكن لهذه الاكتشافات أن تسهم في تعزيز السياحة الأثرية في مصر، مما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد المحلي. ومن المتوقع أن تجذب هذه الاكتشافات المزيد من الزوار والباحثين من مختلف أنحاء العالم، مما يعزز مكانة مصر كواحدة من أهم الوجهات السياحية التاريخية.
وتُظهِر هذه الاكتشافات الجديدة كيف يمكن للبحوث الأثرية الحديثة أن تعيد تشكيل فهمنا لتاريخ الحضارات القديمة، فاستخدام التقنيات المتقدمة والتعاون بين التخصصات المختلفة يفتح آفاقًا جديدة لكشف أسرار الماضي وتقديم تفسيرات جديدة لأحد أقدم الألغاز في تاريخ البشرية.