اعلان

طلب إحاطة بشأن ضبابية وعدم وضوح رؤية الحكومة للخروج من أزمة الطاقة

مها عبدالناصر
مها عبدالناصر

تقدمت الدكتورة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب، بطـلـب إحاطة بشأن ضبابية وعدم وضوح رؤية الحكومة للخروج من أزمة الطاقة عبر الإدارة الرشيدة لسياسة تخفيف الأحمال وتسخير الطاقة الشمسية كحل دائم بدلا من الحلول الروتينية غير المجدية إلى كل من: رئيس مجلس الوزراء ووزير الكهرباء والطاقة المتجددة ووزير البترول والثروة المعدنية

وانع خلال ما يقرب من عام شهدت الدولة المصرية زيادة ملحوظة في وتيرة انقطاع التيار الكهربائي أو ما تطلق عليه الحكومة خطة تخفيف الأحمال، وذلك نتيجة ارتفاع درجات الحرارة تارة، وتارة أخرى وصول الاستهلاك المحلي للطاقة إلى ذروته بحسب تصريحات رئيس الوزراء ووزير الكهرباء والطاقة المتجددة السابق.

خطة تخفيف الأحمال الكهربائية

وأضافت مها: إلا أننا أكدنا ونؤكد وسنستمر في التأكيد على أن أزمة الكهرباء الحالية هي نتاجًا لسياسات حكومية غير فعالة أدت إلى استنزاف الاحتياطي من الغاز الطبيعي المستخدم في محطات إنتاج الكهرباء، إلى جانب سوء التخطيط في إدارة تخفيف الأحمال، مما أسفر عن تكاليف اقتصادية غير مسبوقة، في حين أن الحلول والبدائل الفعالة لمعالجة تلك الأزمة موجودة فعليا على أرض الواقع.

وتابعت عبد الناصر قائلة: في حين أن هناك العديد من الدول المجاورة من كان في وضع أسوء من مصر بكثير ولكن بالحكمة وبحُسن استخدام الأدوات والمعطيات المتاحة تمكنوا من عبور تلك الأزمة بشكل مثالي ونموذجي فقط لوجود الإرادة الحقيقية الحل والمعالجة.

تخفيف الأحمال في مصر

وأوضحت عبد الناصر أنه على الرغم من عدم توافر أرقام دقيقة حول التكلفة الاقتصادية الإجمالية لتخفيف الأحمال في مصر حتى الآن، لكن البيانات والإحصائيات من تلك الدول المشار إليها تشير إلى أن الخسائر التي تكبدتها الدولة المصرية بالقياس كبيرة للغاية

فعلى سبيل المثال، أشارت تقديرات مما يقرب من ٤٠ دولة إفريقية إلى أن الزيادة بنسبة ١٪ في انقطاع الكهرباء أدت إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي بمقدار ٢.٨٦٪ بين ١٩٩٧ و٢٠٠٧، ونذكر من ضمن تلك الدول دولة جنوب إفريقيا والتي قدرت خسائرها في تخفيف الأحمال بين عامي ٢٠٠٧-٢٠١٩ حوالي ٢.٣ مليار دولار، إلا أنها تمكنت من مواجهة تلك الأزمة المشابهة لأزمة الدولة المصرية الحالية بنجاح فائق، وذلك عبر تطبيق خطة عمل تهدف إلى خفض الطلب على مصادر الطاقة التقليدية وزيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة وبجانب تنفيذ سياسة الجدولة الدقيقة في تخفيف أحمال الطاقة الكهربائية للخروج من تلك الأزمة المركبة.

توزيع خطة تخفيف الأحمال بشكل عادل

حيث تبنت جنوب إفريقيا جدول زمني واضح ودقيق لقطع الكهرباء عكس ما يحدث حاليا في مصر، مما أسهم في تقليل التكلفة الاقتصادية والبشرية الناتجة عنه، ما ساعد المواطنين من تنظيم أعمالهم يوميًا وأسبوعيًا، وهو ما ساهم في تقليل رد الفعل السلبي من جانب الشعب الذي يسببه انقطاع التيار الكهربائي بجانب أن الحكومة الجنوب إفريقية قامت بتوزيع خطة تخفيف الأحمال بشكل عادل على أنحاء البلاد، وهو أيضا عكس ما يحدث في مصر، فنرى مناطق لا ينقطع فيها الكهرباء إطلاقاً، ومناطق ينقطع فيها ساعة، وأخرى ساعتين، وأخرى أكثر من ٦ ساعات مثل محافظات ومدن الصعيد، بجانب ما سبق، كانت لدى حكومة جنوب إفريقيا استراتيجية واضحة لإنهاء انقطاع الكهرباء من خلال توسيع الاستثمار في الطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية، ففي العام الذي أعلنت فيه جنوب إفريقيا عن تلك الاستراتيجية، زاد عدد وحدات الطاقة الشمسية المستخدمة على أسطح الشركات والمنازل بشكل كبير، وذلك بفضل الحوافز الضريبية والتسهيلات التمويلية التي وفرتها الحكومة هناك

ومن ثم شهد استخدام وحدات الطاقة الشمسية هذه قفزة نوعية في قطاع الطاقة بشكل عام، مما ساهم في تخفيض الحاجة إلى تخفيف الأحمال من الأساس، كما ألغت الحكومة سقف التراخيص لمشاريع توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة والغاز وتخزين البطاريات، مما أدى أيضًا إلى زيادة الاستثمار في تلك المشروعات.

توسيع الاستثمار في الطاقة المتجددة

بجانب أنه يجرى حاليًا، تنفيذ أكثر من ١٠٠ مشروع بقدرة ١٠ آلاف ميجاوات، بفضل سياسة الحكومة الجنوب إفريقية الساعية إلى تخفيف القيود وتسريع الخطوات لتمكين المستهلكين من الاتصال بشبكة الكهرباء العامة، بل وتحقيق ربح من فائض الاستهلاك لديهم ونتيجة لذلك، شهدت جنوب إفريقيا تدفقًا كبيرًا للاستثمار الأجنبي المباشر في مجال الطاقة المتجددة، بفضل البيئة الاستثمارية المواتية التي خلقتها الحكومة دون قروض باهظة ومجحفة، ودون حلول سحرية من عالم أخر، ودون مبررات واهية لا تدل إلا على فشل مُطلقيها وعلى النقيض، نجد في مصر أن جداول تقنين الاستهلاك الصادرة عن الحكومة تتضمن فترات زمنية طويلة من الساعة 2 ظهرًا إلى 9 مساءً، يمكن أن ينقطع خلالها التيار الكهربائي بمعدل ثلاث ساعات يوميًا بشكل عشوائي دون الالتزام بمواعيد محددة، بجانب أن الحكومة المصرية لا تطبق سياسة تخفيف الأحمال بشكل عادل بأي شكل من الأشكال كما سبق وذكرنا.

بجانب أن الحكومة المصرية لم تكشف عن أي خطط لوقف تخفيف الأحمال سوى من خلال استيراد مزيد من شحنات الغاز الطبيعي والمُسال والمازوت، آخرها كان ما أعلن عنه رئيس مجلس الوزراء مؤخرًا عندما أكد أن الدولة المصرية بصدد استيراد شحنات من الغاز الطبيعي والمازوت بحوالي مليار و ١٨٠ مليون دولار لحل تلك الأزمة نهاية يوليو الحالي، دون التأكيد على انهائها بشكل جذري مستقبلا.

وتابعت: نحن إذ نرى أن هذا الحل هو حل قصير الأجل لا يُخرج البلاد من أزمة الطاقة بأي شكل من الأشكال، فهو حل استهلاكي بحت وليس حل علاجي، وهو ما سيؤدي بشكل وجوبي الى استمرار الحكومة في رفع أسعار الكهرباء، وقد تضطر إلى إغلاق محطات التوليد وتقنين الاستهلاك في كل مرة تنخفض فيها إمدادات الغاز الطبيعي التي نستوردها بمليارات الدولارات، في حين أن الدولة تعاني من الأساس من أزمة شُح المكون الدولاري، فلا نعرف ما جدوى تلك الحلول الاستنزافية التي تلتهم موارد الدولة الدولارية الهزيلة

وهنا نود أن نُحيط علم الحكومة إذا كانت لا تعلم جغرافيات الإقليم المصري بشكل سليم أن الدولة المصرية تقع ضمن حزام شمسي يتمتع بوفرة من الإشعاع المباشر الذي يمكن أن يولد طاقة تزيد عن إنتاج البلاد الحالي من الكهرباء إذا تم استغلاله بشكل سليم، كما تتوفر في مصر المكونات الأولية لصناعة خلايا الطاقة الشمسية أيضًا، مثل الرمل الأبيض الذي يحتوي على السيليكون الخام، إلا أنه مع ذلك، فإن الاستثمار الأجنبي المباشر في هذا القطاع ما زال متخلفًا بشكل كبير، حيث تأخرت الحكومة في الترويج لإمكانات مصر في مجال الطاقة الشمسية في المنتديات العالمية، وركزت في تقديم نفسها كمركز للغاز الطبيعي فقط وهو ما لم يحدث من الأساس في ظل الأنباء التي تشير إلى انهيار احتياطيات حقل ظهر بشكل مخيف.

شحنات الغاز الطبيعي

وواصلت: فإذا كانت الحكومة قد نجحت في تسويق المدن السياحية الجديدة والفنادق التاريخية والمستشفيات والمنشأت الصحية للمستثمرين الأجانب والمصريين، فلا نعلم لماذا تغض الطرف عن تسويق إمكاناتها الموجودة بوفرة في مجال الطاقة الشمسية من أجل إيجاد حل مثالي لتلك الأزمة الطاحنة !!، وبناءًا على ما سبق فإننا نطالب الحكومة بإنشاء لجنة وطنية من المتخصصين والخبراء وليس فقط أعضاء السلطة التنفيذية، وذلك لمعالجة أزمة الطاقة بشكل عاجل وسريع، اتباعًا لنموذج جنوب إفريقيا، تكون مهمتها التنسيق بين الهيئات الحكومية وضمان التنفيذ الكامل لخطة عمل طارئة، كما يجب أن تضع خطة العمل المصادر المتجددة في قلب استراتيجية توليد الطاقة على المدى الطويل، وعلى المدى القصير، فيجب أن تتضمن الخطة رؤية واضحة لتنفيذ عملية خفض الأحمال بشكل عادل وآمن حتى تعليقها بشكل كامل، وذلك من خلال معلومات واضحة وجدولة دقيقة وتوزيع عادل لفترات قطع التيار الكهربائي بين جميع مناطق الجمهورية، كما نطالب الحكومة أيضًا بإزالة مخاطر الاستثمار في الطاقة المتجددة من خلال استخدام ممارسات أفضل تقلل من الروتين وتوفر حوافز ضريبية للشركات الصغيرة والعقارات السكنية والتجارية لاستخدام الطاقة المتجددة، حيث أنه يجب على الحكومة في الازمة الحالية تشجيع التصنيع المحلي لمدخلات الطاقة المتجددة من خلال القروض منخفضة الفائدة وغيرها من التسهيلات الائتمانية، وأخيرا فإننا نحيط علم الحكومة أن أزمة الكهرباء الحالية هي فرصة ذهبية يجب عليها استغلالها بالشكل الأمثل لزيادة الوعي بأهمية الطاقة المتجددة وتحفيز الاستثمار فيها، مما سيساهم في تحقيق أمن طاقي مستدام للدولة المصرية، وأخيرا فإننا نرجو من سيادتكم التفضل بإحالة طلب الإحاطة إلى لجنة الطاقة والبيئة أو الجلسة العامة لمناقشته.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً