ما بين الإهمال والتقصير وقلة الإمكانيات يعيش المرضي داخل المستشفيات العامة بمحافظة سوهاج، حيث تبدأ رحلة معاناة المرضي منذ عبورهم بوابات المستشفيات وتوقيع الكشف عليهم داخل العيادات الخارجية أو الاستقبال، فلا يجد المريض الاهتمام الكافي من جانب الأطباء المتواجدين، ولا تُعطَي الفرصة للمريض للتحدث عن أوجاعه وما يشعر به بشكل تفصيلي، حيث يكتفي الطبيب بالفحص السريع، وقد يكون السبب في ذلك نظرًا لضيق الوقت، أو زيادة عدد المرضي، وانشغال الطبيب ومواعيده المتلاحقة، ما بين مروره علي مرضاه في أكثر من مستشفي خاص، وعيادته الخاصة، نتيجة الحالة الاقتصادية التي يعيشها، وبالتالي أدى ذلك إلى عدم التركيز وكثرة الأخطاء، كما يرجع بعضها لقلة الخبرة وعدم الوعي الكافي لحماية المريض، ورغم أن الأخطاء واردة في كل المهن والفئات إلا أن إهمال الأطباء وأخطائهم أخطر من أي مجال آخر، لتعاملهم مع أرواح مسؤولة منهم، هذا إلي جانب ضعف الإمكانات ونقص الأدوية بالمستشفيات العامة التى تسهم في نسبة الإهمال والأخطاء التي تزهق أرواح المرضي.
الإهمال داخل المستشفيات العامة بسوهاجعلى محمد، مهندس، يقول إن المستشفيات العامة ترى الفساد المتمثل في الإهمال وسوء المعاملة وقلة الضمير، ما يؤدي إلى أخطاء طبية ترتّب عليها تدهور الحالات المرضية وقد تصل للوفاة ويتكبدها ويتحملها المريض وأسرته، موضحًا أن الفساد متعدد الأطراف والمستويات يبدأ منذ لحظة دخول المريض المستشفى وأول انطباع له يكون سوء معاملة الموظفين الإداريين، ثم بعد ذلك اصطحاب المريض للغرف المتهالكة، ليجد المريض ومن معه المراتب ممزقة والوسائد غير نظيفة 'قذرة'، ليرفض المريض الإقامة بها حتي لا يكون عبئًا عليهم، فهو نظام 'تطفيش'، إلي جانب العاملات اللاتي يطفن حول المريض ومن معه، يقومن أمامهم بتغيير الفراش، وتنظيف الغرفة، يريدون أن يحملوا المريض عبئًا آخر وهو دفع المال لهم مقابل ذلك، فضلًا عن الإهمال من فريق التمريض الذى ليس لديه الخبرة الكافية، أو ثقافة طبية حديثة، بالإضافة إلي مشاكلهم الشخصية التي تنعكس على المريض والتحدث مع زملائهم وترك المريض دون رعاية بل يصل الإهمال إلي التأخر في إعطاء المريض الدواء بالساعات عن مواعيده المحددة، وعند صراخ المريض من تدهور حالته وآلامه يتركوه قائلين 'سنبلغ الطبيب بالحالة' رغم أنه من واجبات التمريض عند شكوى المريض لهم، يجب متابعتهم وإبلاغ الطبيب في الحال وليس بعد ساعات.
الإهمال داخل المستشفيات العامة بسوهاجويُضيف عماد محمود، طالب فى كلية التربية بجامعة سوهاج، أن هناك الكثير من الإهمال الجسيم والأخطاء المدمرة من بعض الأطباء ذوي الذمم الخربة والضمائر المعدومة فبعضهم يسرق المريض لعيادته أو لمستشفي استثماري يعمل به، ويعطي له موعدًا إليه يحوّل المريض من حالة ترقد في مستشفى حكومي مجانًا، لعيادته أو المستشفى الذي يعمل به، بجانب عدم الخبرة الكافية لإجراء جراحات ينتج عنها مشكلات لا حصر لها، فكل هؤلاء حوّلوا مهنة الطب من مهنة سامية يمارسها ملائكة الرحمة إلي تجارة غير إنسانية يمارسها مقاولين وشياطين الإنس، فكل هذا الفساد الطبي المستمر والمنتشر بغالبية المستشفيات أساسه، انعدام الضمير والإهمال الإداري، حيث إذا كانت إدارة المستشفى لم يكن لديها دراية كافية بكل كبيرة وصغيرة تحدث فهي إدارة ضعيفة.
الإهمال داخل المستشفيات العامة بسوهاجبينما يُشير على محمد طالب، يقيم بمركز ومدينة المنشاة بسوهاج، إلي أن هناك أخطاء وإهمال في استقبال الطوارئ، مستشفى المنشأة المركزي حيث تفتقر لأبسط الأدوات الطبية مثل جهاز قياس الضغط، وترمومتر الحرارة، والخيط والإبر والشاش والأدوية، فيتم مطالبة أهالي المصاب، بشراء ما يحتاجه الطبيب لإنقاذه.
من جانب آخر، قال الدكتور إسلام السيد، طبيب بالمستشفى المركزى، إن أسباب الإهمال بالمستشفيات يرجع لنقص الإمكانيات من أجهزة طبية، وأدوات جراحية وأدوية، وكذلك نقص التمريض والخدمات المعاونة، والنقص النوعي في التخصصات التي تحتاج إلي درجة عالية من الكفاءة، وأيضًا قلة الصيانة الدورية للأجهزة الطبية والمباني، بالإضافة إلي سوء توزيع الخدمات الطبية، وتمركزها فى المدن الكبرى، بينما تقتصر الأقاليم على مراكز طبية صغيرة وفقيرة وأطباء جُدد قليلي الخبرة والتدريب.
الإهمال داخل المستشفيات العامة بسوهاجواعترض الدكتور إسلام، علي مصطلح الإهمال الطبي وإلقاء المسؤولية علي الأطباء، موضحًا أن الإهمال الطبي ليس ظاهرة، ومثله مثل أي إهمال يحدث في أي قطاع، بل يوجد في القطاع الطبي بنسبة قليلة جدًا وإنما ما يجب أن يثار هو ظاهرة تردي الخدمة الصحية الناتجة عن ضعف الإمكانيات المقدمة، والموارد المتاحة وغير المتوفرة في المستشفيات الحكومية، وليس بسبب الأطباء، فالمشكلة الأساسية هي مشكلة إدارة ونقص موارد وإمكانيات، متسائلًا: 'هل يُعقل أن أكون مُعَيَّن من عام 2006 وراتبي 3 آلاف جنيه؟ ونرجع نقول الإهمال، كل ذلك بسبب عدم اهتمام الحكومة بالصحة التى تسببت في سوء أحوال الخدمة الطبية للمرضى'.