اعلان

"بفضل البابون".. العلماء يقتربون من معرفة مكان بلاد بونت ويكشفون عظمة التاجر المصري

البابون
البابون

شهد البحر الأحمر أحداثًا مهمة خلال تاريخ البشرية، بما في ذلك الخطوات الطويلة الأولى في شبكة تجارية، أثرت بالإيجاب على التكنولوجيا البحرية وشكلت الثروات الجيوسياسية لآلاف السنين، كانت بلاد بونت عقدة مبكرة محورية في ظهور هذا المشروع، حيث كانت بمثابة مركز تجاري مهم للسلع الفاخرة، بما في ذلك قردة البابون المقدس، ولكن لطالما كان موقعها محل خلاف.

واستخدم في الدراسة التي أجرتها مجموعة من الجامعات الأمريكية بالإضافة للجامعة الأمريكية بالقاهرة، ونشرت بمجلة 'إي لايف ساينس'، التباين الجغرافي المكاني في نسب نظائر الأكسجين والسترونتيوم من 155 قردًا في 77 موقعًا لتقدير التوفيق الجغرافي للبابون المحنط المستخرج من المعابد والمقابر المصرية القديمة.

البابونالبابون

وأظهرت خمس عينات حصلوا عليها من البابون الزيتوني تدل على إقامتهم في مصر قبل وفاتهم وتحنيطهم، بينما حصل على عيّنات من القرد الحبشي التي يعود أصوله إلى منطقة تضم حاليًا إثيوبيا وإريتريا وجيبوتي وأجزاء من الصومال واليمن حاليًا، وهذه النتيجة شهادة على المدى الهائل للملاحة البحرية المصرية خلال الألفية الثانية قبل الميلاد، كما أنه يؤيد توازن التخمين العلمي حول موقع بلاد بونت.

كانت بلاد بونت واحدة من أقوى الشركاء التجاريين لمصر، ومكانًا لاستيراد البخور الفاخر والقرود الثمينة، ويستطيع المسافرين الوصول إلى بونت من خلال جنوب وشرق مصر، مما يشير إلى أن المملكة احتلت منطقة جنوب البحر الأحمر، ومع ذلك، لا يزال موقعها الدقيق موضع نقاش كبير وجدلي.

وفحص مومياوات البابون الموجودة في المقابر المصرية القديمة، وتم مقارنة تركيبات السترونتيوم لعظام وشعر وأسنان هذه البقايا مع تلك الموجودة في قرود البابون التي تعيش في مناطق مختلفة في جميع أنحاء أفريقيا، الأمر الذي ألقى الضوء على أصول قرود البابون القديمة: فبينما نشأ بعضها في مصر، وُلد البعض الآخر في إثيوبيا وإريتريا وجيبوتي والصومال واليمن الحديثة، وهي مناطق تم تسليط الضوء عليها بالفعل كمواقع محتملة لأرض البنط.

البابونالبابون

كان البابون المقدس، فكرة متكررة في الفن والديانة المصرية القديمة، وصنع المصريين الأوائل تماثيلهم، ورمزوا إليهم اللوحات الجدارية والنقوش والتمائم، وتقليد عمره أكثر من 3 آلاف عام، وفي معظم الحالات ، كان البابون المقدس تجسيدًا للإله تحوت، وهو إله مرتبط بالقمر والحكمة، وإنه مثال نادر للتأليه بين الرئيسيات غير البشرية، كان النموذج الأصلي له ذكر قرد البابون في وضعية جلوس، ويداه على ركبتيه، وغالبًا ما يعلوه قرص قمري أو هلال - كان متسقًا بشكل لافت للنظر لآلاف السنين، حتى أن تماثيل البابون الجالسة انتشرت في بلاد الشام وعبر البحر الأبيض المتوسط خلال العصر البرونزي الوسيط، لكن الواقعية البيولوجية تضاءلت مع زيادة المسافة من مصر.

وعمل دوميني وبعض علماء المصريات، للمساعدة على فهم أفضل لطرق التجارة القديمة التي شكلت الثروات الجيوسياسية لآلاف السنين، كما سلطوا الضوء على الحاجة إلى مزيد من البحث الأثري في إريتريا والصومال، وهما منطقتان قيد الدراسة حاليًا.

واستخدم رسم الخرائط النظيرية لإبراز التباين الجغرافي المكاني في النسب النظيرية لعنصر معين، جنبًا إلى جنب مع النسب النظيرية في الأنسجة البيولوجية مثل الشعر والعظام والأسنان.

البابونالبابون

وركزت الدراسة على قرود البابون المحنطة من عصر الدولة الحديثة في الفترة من 1550إلى 1069 قبل الميلاد، المتوفرة في المتحف البريطاني وعينات من العصر البطلمي في الفترة من 305إلى 30 قبل الميلاد، متوفرة في متحف بيتري للآثار المصرية في كلية لندن الجامعية، بالإضافة إلى ذلك، فحص المؤلفون أنسجة من 155 قردًا من 77 موقعًا عبر شرق إفريقيا وجنوب شبه الجزيرة العربية، بما في ذلك كل موقع مفترض لبونت، وقام الفريق بقياس تركيبات نظائر الأكسجين والسترونشيوم واستخدم طريقة تسمى رسم الخرائط النظيرية لتقدير الأصول الجغرافية للعينات المستخرجة من المملكة الحديثة والمواقع البطلمية في مصر.

السترونشيوم هو عنصر كيميائي موجود في الأحجار وعندما يتآكل السترونشيوم، يتم امتصاص تركيبته في التربة والماء ويدخل شبكة الغذاء، وعندما تشرب الحيوانات الماء وتأكل النباتات، تحصل أسنانها وشعرها وعظامها على توقيع جغرافي يعكس المكان الذي عاشت فيه في الماضي.

ويشرب البابون الماء كل يوم ويعتبر شيء ملزم له، ويعكس مينا أسنان الحيوان البالغ التركيب الفريد للسترونشيوم لبيئته عندما تشكلت الأسنان في وقت مبكر من الحياة، في المقابل، فإن الشعر والعظام لهما توقيعات نظيرية تعكس الأشهر السابقة أو السنوات من السلوك الغذائي، ووجد الباحثين أن البيانات التي حصلوا عليها من العينات في هذه الفئة غير حاسمة، وتعكس فقط القيم الخاصة بمصر.

تظهر النتائج أن اثنين من قرود البابون المقدسة والمحنطة من عصر الدولة الحديثة، EA6738 و EA6736 ، ولدا خارج مصر، على الأرجح جاءوا من موقع في إريتريا أو إثيوبيا أو الصومال ، مما يضيق موقع بونت، وحصل على عينة EA6736 من معبد خونس للمملكة الجديدة وموجود الآن في المتحف البريطاني.

وتشير البيانات إلى أن EA6736 ، من نوع البابون المقدس، يجب أن يكون قد مات بعد وقت قصير، يوم أو أشهر، بعد وصوله إلى مصر، حيث تشير النتائج إلى أن ميناها وشعرها لم يكن لديهما الوقت الكافي للتحول إلى توقيع الأكسجين المحلي لمياه الشرب.

البابونالبابون

وعكست خمسة أنواع من البابون الزيتوني المحنطة من العصر البطلمي مستويات السترونشيوم التي تتوافق مع الأصل المصري، مما يوفر تلميحات محيرة لبرنامج تربية البابون في هذا الوقت، ربما في ممفيس، عاصمة قديمة في الوجه البحري، والتي تقع شمال غرب البحر الأحمر ومكانها حاليًا محافظة الجيزة.

وأوضح الباحثون في الدراسة، فإن الموقع التقديري لبلاد بونت لا يزال مؤقتًا وغير مؤكدًا، ولكن الدور الذي لعبه قردة البابون في شبكة التجارة في البحر الأحمر وتوزيعها الجغرافي هو جزء لا يتجزأ من فهم الأصول التاريخية للتجارة البحرية الدولية.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
السيسي: تطوير منطقة قناة السويس وإقامة المشروعات لتحسين مستوى معيشة المواطنين