اليوم سيعلو صوتى بلا هدوء، ولن أنسحب من الحوار بعد النظرة الأولى منك فى عينى، سأخبرك عن مرارة الوجع الذى ملأ قلبي، سأخبرك عن الليالي الباردة ومدى قسوتها على قلبي، سأخبرك عن الدموع التى سالت كثيرا على وسادتى وعن التنهيدة التى كادت أن تمزق روحي تمزيقًا، بلا رحمة، سأخبرك عن الآهات وعن الحروف البائسة التى كتبتها عنك كثيرا وكنت تواجهها بمنتهى البرود، سأخبرك عن عيونى التى أرهقها السهر والبكاء وعن طول سجدتى التى كنت أشكو بها منك إلى الله وأدعو لك فى نفس اللحظة، سأخبرك بكل هذا، سأخبرك بلا رحمة، سأحكى لك قبل رحيلك كل شيء بداخلى حتى أرتاح ولو قليلًا، سأجعل كلامى مثل السكين فى قلبك، سأدمر فيك كل خلايا الإحساس مثلما دمرتنى وجعلتنى باردة فى المشاعر، وأكره الحب، وحينها سأرقص على نغمات دموعك المتساقطة وعلى أنفاسك المتسارعة، سأرسم من ملامحك الغاضبة لوحة بائسة، سأعزف على أوتار مشاعرك المتناثره معزوفه موسيقية حزينة جدًا، ثم أضحك، أضحك كثيرًا، ثم أبكى، أبكى كثيرًا، أبكى منك ومن قسوة حديثى معك.. لا لا لن أبكى فلا تستحق أنت بكائي فى هذا الوقت، سأبكى على نفسى فقط.
وبعد ذلك اقتربت منه لتشم رائحة عطره التى أسرتها كثيرا، ثم حدقت فى ملامحه الجميلة الناعسة، ثم ارتمت بين ذراعيه باكية محتضنة له، وقالت وأنفاسها تتصارع: الآن سأخبرك كم أحببتك، كيف كنت تسكن بين خلايا جسدي، كيف كنت تملك الروح التى كان يحيا بها قلبى، سأخبرك أنى سأشتاق إليك كثيرا، ثم قست عليه فى حضنها قائلة: أود أن تشعر فى هذا الحضن بكل الفرح الذى عشته معك وكل الوجع الذى سكننى منك، ثم ابتعدت عنه وهى تنظر إليه نظرة شفقة على صمته وذهوله ونظرة عشق من قلبها الذى عشقه كثيرًا، وقالت: اليوم سأبتعد عنك نهائيا ولن أضعف مجددًا، أعدك أن لا أكون حمقاء بعد اليوم، وأنى سأنساك ليس قريبا ولكنى أعدك سأنساك، سيسكننى رجل آخر، هذا الذى سيأتى إلىّ ويأخذنى كاملكة متوجة وطفلة يدللها، أثق أنه سيعوضنى عن كل ذلك الوجع، سيمنحنى فرصة جديدة للحياة، سنتزوج وننجب أطفالا مثل ما كنت أتمنى معك في تلك الليلة البائسة، سأنجب منه ولدًا، وبعكس كل الروايات لن أطلق عليه اسمك! وأعدك.. ستخذلك النساء وستعود منكسرا إلىّ.