ضاق به الحال وتعب من نظرات جيرانه بسبب قلة حيلته، فقرر الهرب من جحيم الفقر للموت على قضبان السكة الحديد، ففي يوم الخميس، شد مصطفى ذاكر صاحب الـ32 ربيعا، ابن قرية الخضيرات التابعة لمركز نجع حمادي، الرحال إلى قاهرة المعز بحثا عن لقمه العيش، فهجر الأهل والأحباب ليجمع المال لتوفير القوت لعائلته الفقيرة، فودع أسرته الصغيرة المكونة من زوجته وأطفاله الثلاثة، وذهب إلى محطة سكة حديد نجع حمادي ليستقل القطار المميز ولم يدر بخلده أن رحلته لن تكتمل وأن دماءه الطاهرة سوف تسيل على القضبان ليموت الشاب تاركًا لأسرته فقر محفوف بحزن وأسى لن ينسى أبد الدهر.
ويقول أحد الجيران، إن الشهيد عاش طيلة حياته في أيام عصيبة ما بين البحث عن عمل ببلدته الصغيرة وأسرته التي كان يساعده في مصروفاتها الجمعيات الخيرية، حيث يعيش في غرفة واحدة مع زوجته وأطفاله الثلاثة الذي يكبرهم سنًا عمره 6 أعوام، لذلك قرر الرحيل للعمل في سوبر ماركت بالقاهرة لكن الموت استوقفه ليعود لقريته مرة أخرى في نعش ومحمول على الأكتاف.
وأضاف الجار، أن ابن قنا راح ضحية مثل ضحايا عديدة في الحادث البشع الذي وقع أمس بتصادم قطارين في سوهاج، لكن يختلف الشهيد مصطفى في حالته الاجتماعية والأسرية لا يوجد عائل لأطفاله لذلك يطالب بالوقوف بجوارهم وتوفير مسكن آمن ودخل ثابت لهم يجعلهم ليس في حاجة لمد يدهم لفاعلين الخير، فمصير أسرته بين يدي المسئولين ويتمنى النظر إليهم بعين العطف والشفقة، فالتعويض الذي تم الإعلان عنه ليس بكافيًا لتلبية احتياجات أسرة كاملة تعيش تحت خط الفقر وفقدت عائلها الوحيد.
وشيع المئات من أهالي قرية الخضيرات، التابعة لمركز نجع حمادي، شمالي محافظة قنا، عصر اليوم السبت، جثمان مصطفى ذاكر، 32 عاما، أحد ضحايا حادث تصادم قطاري سوهاج، بمدافن الأسرة بقرية هو.
ووصل الجثمان بسيارة إسعاف إلى قرية الخضيرات مسقط رأس الضحية، ومنها إلى مقابر العائلة بهو، وسط حالة من الحزن والبكاء الشديد مرددين هتافات 'لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله'.
وكان حادث تصادم قطارين وقع ظهر أمس الجمعة، بعد تصادم أمام قرية الصوامعة بمركز طهطا في محافظة سوهاج وخلف عدد من المصابين وتم نقلهم إلى مستشفيات سوهاج وطهطا والمراغة في محافظة سوهاج.