معاناة ومأساة يعيشها صانعي حرفة الفخار في مركز نقادة، غربي محافظة قنا، من مهنة تصارع من أجل البقاء لعدم الاهتمام بها، وحسرة صانعيها من كثرة محاضر البيئة التي يقابلونها يوميًا، فلا يدخرون منها مالًا لأسرهم لكثرة ما يدفعونه من غرامات كونهم يصنعون ويحرقون الفخار في منتصف منطقة سكنية، على الرغم من تخصيص قطعة أرض في الظهير الصحراوي منذ 10 أعوام لصناعة الفخار بها، إلا أن المسئولين متقاعسون عن تسليمها لهم، ويستغيثون: 'بيوتنا بتتخرب وأولادنا هيموتو من الجوع معندناش مهنة غيرها'.
رصد 'أهل مصر' المعوقات والمشاكل التي تواجه صانعي الفخار في مركز نقادة، والتي وضحها العم كمال أبو اليزيد السمان، مقيم بنجع الشيخ علي، ومن أقدم صانعي الفخار، وسوف نبدأ خلال السطور التالية بالتعرف على تاريخه في تعلم حرفة الفخار وما تحتاجه لتطويرها.
قال العم كمال، إنه تعلم صناعة الفخار وهو في الثامنة من عمره، على يد والده الذي ورثها عن أجداده، واستمر معه حتى تُوفاه الله، ليكمل مسيرة والده في ذات الكوخ الصغير الغير آدمي الذي مستمر فيه منذ أكثر من 50 عامًا، وأصبح عاشقًا لها لا يهوى مهنة سواها، رغم ما تقابله من مشاكل بسببها إلا أنه يعافر ويصارع من أجل إحيائها، ويعلمها لأولاده وزوجته التي تساعده يوميًا في الصناعة وعملية الحريق.
وأضاف صانع الفخار، أنه يقوم بصناعة مختلف الأواني الفخارية بطمي يقوم بشرائه من محافظة البحر الأحمر، ثم يبللها وعلى الأدوات القديمة الفرن التي ورثها عن والده يقوم بصناعتها بمساعدة زوجته التي رافقته في مهنته منذ أن تزوجها ووتحمل معه المعاناة التي يواجهونها بسبب صناعتهم للمهنة بأدوات غير آدمية قديمة تستهلك منهما الوقت والمجهود، فلا يستطيعون تطويرها لأنهما يعيشان داخل حوخ صغير لا يتحمل أدوات الفخار الحديثة من فرن كهربائية وعجانة وغيرها من الأدوات.
كما أوضح أيضًا أن منزله الصغير يستخدمه شقيقيه في صناعة الفخار أيضًا فجميعهم ورثوا المهنة عن والدهم ولا يجدون مكان للصناعة سوى بداخل ذلك المنزل كون فرن الحريق بداخله والأدوات القديمة بداخله، فيستبدلون الأيام فيما بينهم، فكل منهم لديه أسرة وأطفال ومستلزمات مطالب بها أمام أسرته.
وذكر العم كمال، أنه كان يروج لصناعته بالسفر بمنتجاته للمحافظات السياحية على نفقته الخاصة وأمام منزله لأهالي القرية، لكن الوضع في التدني ليس كمان كان نظرًا لأزمة فيروس كورونا وعدم استطاعته على تكلفة النقل لمحافظات أخرى ومن أن لا يكسب شيئًا منها ويعود كما ترك منزله بمنتجاته، مشيرًا أن الوضع في أيام اللواء عادل لبيب محافظ قنا الأسبق، كان ملئ بالرفاهية والرزق كونه كان يهتم بجميع الحرف اليدوية ويشترك لهم في معارض دولية على نفقة المحافظة وليس الصانع، أما الآن لا أحد من المسئولين ينظر إليهم ولا يهتمون بتطوير المهنة ولا يستطيعون صانعيها على تكلفة المعارض الدولية فأقل معرض يكلف على الفرد الواحد أكثر من 10 آلاف جنيهًا.
وأفاد أقدم صانعي الفخار في نقادة، أن اللواء عادل لبيب، محافظ قنا الأسبق، خصص لصناعة الفخار منطقة في الظهير الصحراوي التابع للمركز، منذ عام 2010، ليتوسعون بها وينتجون آواني فخارية على الطرق الحديثة وبأدوات حديثة، لكن بعد مغادرته المحافظة لم يهتم أحد بهم، وطالبوا مرارًا وتكرارًا من المسئولين بتسليمهم الأرض رأفة بهم وبأسرهم ومن محاضر البيئة التي تستنزف شقاهم، لكنهم ودن من طين وودن من عجين، لذلك قدم العم كمال استغاثته للواء أشرف الداودي، محافظ قنا، بالنظر إليهم وإنقاذ مهنتهم التي لا يستطيعون الاستغناء عنها، بتسليمهم الأرض والمشاركة لهم في المعارض الدولية على نفقة المحافظة حتى يتنفسون من جديد ويصنعون كل ما هو جديد وتعود المهنة لوضعها ومكانتها التي حصلت عليها منذ قديم الأزل.