شابة في عمر الزهور:
إنها الفتاة الشابة ابنة صعيد مصر، والتي تبلغ من العمر 18 عام، ولدت بالقاهرة لأسرة بسيطة الحال، ووالدها يعمل حارس عقار بأحد عمارات المهندسين، وهي الوحيدة لأسرتها من 4 فتيات أخريات، شاءت الاقدار لها أن تكون من الصم والبكم.
مدرسة لتعلم لغة الإشارة:
ألحقها والدها بمدرسة تتعلم لغة الإشارة، مع أقرانها من الصم والبكم لكنها لم تبلي بلاء حسنا، ولم تكن طالبة متفوقة ربما لضعف إمكانيات التعليم في المدرسة، لكنها في كل الأحوال استطاعت أن تتعلم الكتابة قليلا وكذلك تعلمت لغة الإشارة قدر المستطاع، لم يتاح لها العمل بأي مجال كالحال مع السواد الأعظم من أقرانها من الصم والبكم، لكنها فاجئت الجميع باحترافها الجزارة.
موسم عمل عيد الأضحى ونشاط ياسمين:
ومع اقتراب الاحتفال بعيد الأضحى، توجهنا لجزارة الانشراح لنتعرف أكثر، على قصة الفتاة الشابة الجزارة 'ياسمين'، والذي تبناها نقيب جزارين شمال الصعيد ' الجزار 'حمادة عبد القادر'، صاحب محلات جزارة الانشراح بالمهندسين، واتخذته بمثابة الأب الروحي لها.
رحلة ياسمين مع الجزارة:
ويروي الحاج 'حمادة عبد القادر' كيف بدأت 'ياسمين' الجزارة فكانت شغوفة بالعمل بها منذ أتمت ٨سنوات: 'تقيم ياسمين بالعمارة المجاورة لمحل الجزارة خاصتي، مع والدها الذي يعمل حارس لذات العقار الذي يقيمون به وأسرتها، متابعا: 'كانت تتردد على عادة الأطفال ابناء الجيران على محيط محل الجزارة للعب واللهو مع الأطفال، إلا أنها كانت تختلف عنهم، إذ كانت تلاحظ وتتابع كل أعمال الجزارة، وكانت تراقبهم في صمت بقضاء أوقات كثيرة في المحل، ولبشاشتها وخفة ظلها كنا نرحب بها ونأنس بوجودها.. حسب قوله'.
كانت تفضل مراقبة العمل بالجزر على اللعب:
ويضيف 'عبدالقادر': 'كانت تتردد بانتظام على المحل، إلى أن فوجئت في يوم عيد مشادة بينها وبين أحد العمال في المحل، وصادف ذلك يوم عيد الأضحى منذ نحو 5 سنوات، إذ كانت تحاول تقطيع اللحوم، وبالفعل تركتها ظنا مني أنها ستلعب كالأطفال معلقا: 'أجبر خاطرها وأراضيها'.. حسب تعليقه، لافتا إلى دهشته عندما وجدها تقطع اللحم بحرفية كما لو كانت تمارس أعمال الجزارة، معلقا: 'كانت السنين اللي بتقعد في المحل دي بتراقبنا واتعلمت من غير ما تمارس العمل'.. حسب قوله، مشيرا إلى أنها كانت بداية ياسمين في اقتحام عالم الجزارة.
تبناها نقيب جزارين شمال الصعيد وأصبح بمثابة الأب الروحي:
ويتابع عبد القادر نقيب جزارين شمال الصعيد: 'أصبحت ياسمين على مدار أكثر من 9 سنوات جزارة محترفة، لافتا إلى أنها تعمل كما لو كانت جزارا ماهرا ابن جزار أبا عن جد، ولديها القدرة على العمل لساعات متواصلة، فضلا عن العمل في مواسم الأعياد فهي لديها قدرة تحمل أكثر من الرجال، معلقا: 'هي ما بتتركش الشغل في المواسم رغم المشقة، حرصا على مصلحتي وحبا في لأني لها بمثابة الأب فهي أكبر من ابنتي المبرى بنحو 4 أعوام'.. حسب قوله.
أول جزارة من الصم والبكم محترفة ومميزة في الجزارة:
ويضيف: 'ياسمين لها نَفَس في اللحم، أي تقطيعها وتجهيزها للحوم يجعلها شهية لذيذة وبشهادة الزبائن، كما أنها محبوبة لدى الزبائن ودائما يلتقطون صورا تذكارية
معها كونها جزارة أنثى فضلا عن خفة ظلها، متابعا: 'ياسمين أسد في الشغل، وخارج الشغل بنوتة جميلة أنيقة وتستخدم هاتف محمول تتواصل مع الأصدقاء والأقاربمعتمدة على الكتابة ومكالمات الفيديو'.. حسب قوله.، مشيرا إلى عملها معه بكامل قوتها في مواسم الأعياد مثل هذه الأيام ومناسبة عيد الأضحى المبارك، والتي يبدأ عمله قبيل العيد بنحو 20 يوم، تقف معه وتسانده كجزارة وكإبنة حريصة على صالحه الشخصي، معلقا: 'ياسمين بتساعد أسرتها وبتكفي احتياجاتها'.. حسب قوله.
ياسمين نموذج مشرف احترافية وقوة تحمل وطموحة:
ويختتم 'عبدالقادر' حديثه ل 'أهل مصر': 'ياسمين نموذج يسعد ويشرف مصر كلها ورغم انها من الصم والبكم لكن اثبتت كفاءتها وصنعت لنفسها مكانة، موجها مناشدة لكل المجتمع المصري بأن يحتوي الاشخاص من الصم والبكم وعدم نبذهم وأن يدمجوهم وسطهم ويعاملوهم بمساواة ومحبة لأنه ليس فقط واجب على الدولة والأجهزة المعنية أن تهتم بهم فأعباء الدولة كثيرة، وهؤلاء يلزمهم المحبة والدمج، مؤكدا أن دمج ياسمين وسط المجتمع ساعدها كثيرا في استخراج طاقتها وتسليط الضوء على قدراتها للدرجة التي مكنتها أن تكون جزارة محترفة، معلقا: 'طلبت مني إنها تفتح جِزارة خاصة بيها وبالفعل هساعدها تحقق طموحها لكن بعد ما أشوفها عروسة وفي بيت زوجها'.