انتشرت ظاهرة العنف الأسرى بشكل كبير في الفترة الأخيرة، وزادت حالات قتل الأزواج على اختلاف المستوى الاجتماعي والثقافي والتعليمي، ما دفع كثيرا من الباحثين إلى تفسير الظاهرة بأنها نفسية اجتماعية أكثر منها سلوكًا إجراميًا.
مشهد العنف لم يغب عن محافظة بورسعيد فقد شهدت قرية المناصرة حالة غريبة من نوعها، حيث توفيت سيدة مسنة تبلغ من العمر 70 عاما، إثر تكرار تعذيبها على يد زوجها 66 عاما، بعد أن اضطرت للزواج منه قبل أربعة أشهر فقط، حيث لم يكن لها مأوى وطردتها ابنتها المتزوجة، ما دفعها لقبول الزواج من رجل سبق سجنه لارتكابة جريمة قتل ابن زوجته السابقة.
الظروف الاقتصادية من أسباب العنف الأسرى
الدكتورة منال عيد، أستاذ مساعد بالمعهد العالى للخدمة الاجتماعية ببورسعيد، قالت إن انتشار جرائم قتل الأزواج يعكس حالة الاحتقان داخل المجتمع المصري، لافتة إلى دور التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي التي سيطرت على عقول قطاعات كبيرة بحيث لم يعد متاحا لأفراد الأسرة التعامل بصورة طبيعية من خلال المناقشة والحوار.
وأضافت أن الضغوط الحياتية نتيجة الظروف الاقتصادية والمطالب المستمرة وعدم القدرة علي تلبية احتياجات الأسرة، كثيرا ما تكون مصحوبة بالعنف بكل أشكاله لفظيا أو بدنيا، وصولا إلى القتل.
تبادل الأدوار فى البيت المصرى
وقالت حنان سرور، محامية فى 'قضايا الأسرة'، إنها تستقبل يوميا حالات تقشعر لها الأبدان، مؤكدة أن بطالة الزوج وبالتالي ترك المسئولية كاملة على الزوجة في الإنفاق أبرز الأسباب التي تؤدي إلي ارتكاب مثل هذه الجرائم التي قد تصل إلى القتل.
وتابعت: 'لا أتحامل على الرجل، فهناك سيدات يقمن بأفعال لا يصدقها العقل، ومنهن من تلجأ إلى الزواج العرفى وهى متزوجة من آخر، والتى تطلب الخلع بعد أن يعدها عشيقها بالزواج وفى النهاية يتركها لأنها خائنة'.
ضياع هيبة الرجل سبب العنف الأسري
من جانبها قالت دعاء الداودى، خبير نفسى بـ محكمة الأسرة ببورسعيد، إن تعاطي المخدرات أحد أهم أسباب جرائم العنف بين الزوجين، سواء لأن الزوج المدمن يكون غير مدرك أو واع لتصرفاته تجاه أسرته، أو لعدم قدرته على القيام بالواجبات الزوجية مما يؤثر علي العلاقة الزوجية، ومن ثم تظهر فجوة تؤدي إلي فتور العلاقة، ما يفتح الباب للبحث عن بديل.
الأم لم تعد تهيئ ابنتها على تحمل الأعباء الزوجية
ورأت مي الرزقى، خبير اجتماعى بمحكمة الأسرة ببورسعيد، أن من أسباب العنف الأسرى الخلل في التربية، فالأم لم تعد تهيئ ابنتها لتحمل الأعباء الزوجية ومشاركة زوجها فى تحمل المسؤولية، ما يخلق مشاكل اجتماعية ونفسية مدمرة.
القومى للمرأة ودور كبير فى توعية السيدات
ومن جانبها قالت نجلاء إدوار، مقررة المجلس القومى للمرأة ببورسعيد، إن المجلس يقوم بدور كبير فى توعية السيدات بأسباب العنف الأسرى وتقديم حلول عن طريق الندوات المكثفة، موضحة: نخاطب جميع مستويات المرأة المثقفة ونقابل السيدات اللاتى تعانين من العنف الأسرى بمكتب شكاوى المرأة و يقوم محامى المكتب بمساعدتهن قانونيا، وإذا لازم الأمر نوفر التدخل النفسى.
قلة الوازع الديني وسوء التربية من أسباب العنف الأسرى
وعقب الشيخ عبد القادر سليم مدير الدعوة بوزارة الأوقاف، قائلا إن قلة الوازع الديني والأخلاقي وسوء التربية والتنشئة السوية، وعدم احترام قيم تكوين أسرة والعمل، كل هذا من أسباب العنف الأسري.
وأشار إلى أن تعاليم الاسلام تنظر للأسرة كنظام شامل يخضع للشورى والرأى ومجادلة الفكر بالفكر، من منطلق 'كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته'، وهذه مسؤولية مشتركة بين الرجل والمرأة.