يمثل 'الباعة الجائلين' عبئًا كبيرًا على محافظة بورسعيد، نظرًا لأن معظمهم من خارج المدينة، يأتون لعمل نظرًا للمستوى الاقتصادي المرتفع للكثير من أبناء بورسعيد، ويحتل الباعة الجائلين الشوارع الحيوية خاصة شارعي 'الثلاثيني'، و'صفية زغلول'، وشوارع أخرى كثيرة مثل شارع 'محمد علي'، و'كسرى'، وأمام محطة السكة الحديد.
ويحتاج هؤلاء الباعة إلى أماكن للإقامة والمبيت، وهو ما يمثل عبئًا على المحافظة الصغيرة، التي تؤكد الإحصائيات أن عدد سكانها لا يتجاوز 850 ألف نسمة، بينما الواقع يؤكد أن عددهم تجاوز المليون نسمة، فالمدينة تستقبل الآلاف من الباعة الجائلين منذ بداية المنطقة الحرة عام 1976، والذين ساهموا في إقامة العديد من المناطق العشوائية بالمحافظة، واستطاعوا أن يحصلوا على الكثير من الحقوق على حساب أبناء المدينة الذين يعانون من البطالة، وعدم الحصول على الوحدات السكنية، وغيرها من المشكلات التي تواجه الشباب.
الباعة الجائلون ببورسعيد
التقت 'أهل مصر' مع عدد من الباعة الجائلين، الذين استطاعوا مؤخرًا إنشاء جمعية لهم للدفاع عن حقوقهم، للتعرف على مطالبهم، حيث قال فؤاد ثابت، رئيس اتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية 'فدا مصر'، إنه تم حظرهم من اللجوء إلى الحل الأمني، بإزالة الباعة الجائلين من الشوارع المقيمين بها، حيث وصل عددهم إلى أكثر من 10 مليون بائع على مستوى محافظات مصر، ولا يُعقل أن يكون هناك صدام بينهم وبين رجال الشرطة، وبذلك نعود إلى ما قبل ثورة يناير، لافتًا إلى أنه أجرى دراسة على 500 بائع متجول على مستوى المحافظات، واتضح أن 20% من الحاصلين على مؤهلات عليا، و30% من سيدات بورسعيد عاطلين عن العمل، في حين وجود قوانين تحمي الباعة الجائلين، تؤدي إلى تحولهم تدريجيًا إلى القطاع الرسمي.
وتابع: 'واتضح من الدراسة، أنه يتم دفع مبالغ طائلة إلى المحليات والإشغالات والمرافق كنوع من 'الرشوة' لتترك البائع في مكانه الثابت'، مشددًا على ضرورة تقنين الأوضاع للبائع، بحيث يحصل على تأمين اجتماعي، ومكان يعمل به، وضرورة مشاركته، وأخذ رأيه في المكان الذي يناسبه حتى لا يتركه.
الباعة الجائلون ببورسعيد
وأشار محسن نشأت، رئيس مجلس إدارة جمعية الباعة الجائلين، إلى أنهم قاموا بعمل جمعية للباعة الجائلين عام 2013، لتقنين أوضاعهم، وتشتمل على تأمين صحي، وتأمين اجتماعي، لافتًا إلى أنهم يمثلون حوالي 13 ألف بائع متجول في بورسعيد، منهم 78% من الشباب، ومعظمهم من الحاصلين على شهادات ومؤهلات عليا، مشيرًا إلى تقدمهم بطلب للمحافظة، لمنحهم قطعة أرض لعمل أسواق لهم، ولكن دون رد من المسؤولين، والبائع لا يفكر في السياسة، فهمه الأول والأخير هو 'قوت يومه'.
وأوضح أنه تم إزالة الأماكن الخاصة بالباعة الجائلين خلال الفترة الحالية، دون وجود بدائل، الأمر الذي سيؤدي إلى انفجار في الشارع البوسعيدي، مناشدًا الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بالتدخل السريع من أجل إنقاذهم من 'قطع الرزق'.
الباعة الجائلون ببورسعيد
ويروي فرج عرفات سويلم، بائع خضار، تفاصيل معاناته، فيقول إنه من محافظة دمياط، ويعمل في بورسعيد منذ 25 عامًا، ويتجول يوميًا، في الأماكن التي يقبل عليها الناس مثل 'جامع مريم' بمنطقة المناخ، ولكن أحيانًا تأتي 'الحملة' وتأخذ منه كل شيء فلا تترك 'أخضر أو يابس'، وأنه يبيت في المحلات المهجورة بالقنال الداخلي، هو ومجموعة من بائعي الخضار والفاكهة.
ويُعقّب علي محمد حمزة، أنه يعمل في بيع الأحذية منذ عام 1985، وعندما كان يعمل في منطقة 'التجاري' عام 1992 وتم احتراقه، استلم محلًا من المحافظة، بمنطقة القنال الداخلي التي تقع خلف سجن بورسعيد، ولكنه ترك المحل لأنه صغير وبعيد عن منطقة الرواج التجاري، والحى استلمه والمكان حاليًا 'سوق السمك الجديد'، وهو الآن يقف على الرصيف في شارع 'الثلاثيني'، مهدَّدًا دائمًا بخطر حملات المرافق، وعمل محاضر له، مطالبًا بالحصول على محلات في أماكن حية بها رواج، وليست خارج نطاق المدينة.
الباعة الجائلون ببورسعيد
بينما ناشد صالح أبو إسماعيل، الرئيس السيسي، قائلًا: 'ارحمونا يرحمكم ربنا'، موضحًا أنه يعمل بائعًا متجولًا بمحطة السكة الحديد، منذ ثلاثين عامًا، فهو يبيع الملابس المستعملة 'البالة'، ودائمًا ما تطارده 'المرافق'، وتأخذ منه كل شيء، ولا يستطيع الحصول عليها مرة أخرى، مؤكدًا أنه تقدم بالعديد من الطلبات للمحافظة للحصول على محل، ولكن دون استجابة، متسائلًا عما يجب عليه فعله.
من جانبه قال عادل عبد الفتاح، رئيس حي العرب، إن منطقة حي العرب تضم كتلة سكانية كبيرة، وبها إشغالات تراكمية من الباعة، وكل منطقة تختلف عن الأخرى في طبيعة الباعة الجائلين بها، أو طريقة التعامل معهم، فهناك باعة يمثلون أماكن ثابتة، ويتعدون على أملاك الدولة، ويتم التعامل معهم في ضوء القانون، حيث يتم معاينة تعديهم، وإنذارهم بالرحيل، ثم تحرير محضر له، وبعدها تنفيذ قرار الإزالة مع شرطة المرافق بالمحافظة، بالرغم من أن صاحب الإشغال يؤدى خدمة للمواطنين، لكنه يمثل مشكلة مرورية، وتحيلًا على المرافق.
الباعة الجائلون ببورسعيد
وأضاف رئيس حي العرب، أنه يوجد كذلك إشغالات 'الجائلين' من النوع المرتبط بحركة البيع والشراء، وتمثل سوقًا على مستوى الجمهورية وليس المحافظة فقط، ويعود وجودها إلى السبعينيات، وتبدأ من شارع 'صفية زغلول' مرورًا بشارع 'الثلاثيني' و'التجاري' و'الحميدي' و'الشرقية'، وآخرها شارع '100'، ويتم التعامل معهم بطريقة تحذيرية، مع مراعاة عمل مواءمة بين تطبيق القانون، ومصالح المواطنين، ومتطلبات الأمن العام، وذلك من خلال حملات صغيرة ينفذها الحي بمفرده، لتحقيق السيولة المرورية، وإزالة جزئية للإشغالات دون ضرر أو ضرار، مع إصدار تعليمات بضرورة الالتزام بالمساحات المخصصة، ومواصفات طفايات الحريق، وعدم إزعاج السكان المتواجدين بالمنطقة.