بملامح حزن تكسو وجهه الذى تركت الشيخوخة بصمتها عليه، وبنبرة صوت يملؤها الألم، يجلس عم 'مصطفى' أقدم أويمجى' بكفر الشيخ فى ورشته القائمة بأحد الشوارع المجاورة لـ مسجد سيدى إبراهيم الدسوقى بمدينة دسوق، وهو يشعر بالحسرة على ما آلت إليه مهنته التى طالما أحبها، وأفنى عمره بها.
أعمل بالمهنة منذ أكثر من ٤٠ عاما
'الأويما' أو 'الحفر على الخشب'، تلك هى المهنة التى عمل بها 'عم مصطفى' لفترة تجاوزت 40 عاماً، ورغم كافة المشاكل التى تواجهها حالياً إلا أنه لم يفكر فى تركها طوال كل تلك السنوات.
بدأت العمل وأنا فى الـ١٣ من عمرى
يقول مصطفى البربرى، ابن محافظة كفر الشيخ، وصاحب إحدى ورش الحفر على الخشب فى حواره لـ'أهل مصر': أعمل فى هذه المهنة منذ ما يزيد عن 40 عاماً، فبعد أن أنهيت الابتدائية ذهب بى أبى للشخص الذى علمنى هذه المهنة، وبدأت فى التعلم، وعملت معه لمدة 13 عاماً، ثم بدأت التفكير بعدها فى افتتاح محل خاص بى.
امتلاكى للموهبة ساعدنى فى هذه المهنة
ويضيف: أقوم برسم التصميم فى البداية على الورق قبل أن يتم تنفيذه على الخشب بعدها، فهذه المهنة تتطلب أن يكون لدى الشخص حس إبداعى، وهذه هى المهنة الوحيدة التى عملت بها طوال حياتى، إذ وجدت شغفى بها، وامتلاكى للموهبة ساعدنى كثيرا فى هذه المهنة، خاصة فيما يتعلق بجانب التصميم، يتابع: أقوم بصناعة العديد من الأشكال مثل غرف النوم، وإلنوافذ وغيرها.
الكثيرون تركوا العمل بهذه الحرفة
ويكمل: كنا قبل ذلك نعمل بعدد من الأدوات المستخدمة فى الحفر بمقاسات مختلفة ومازلنا نستخدمها حتى الآن، كما أستخدم حالياً آلة ، إلا أن الأحدث فى هذا المجال والذى أثر سلبياً على الحرفيين بهذه المهنة هو ماكينات الليزر، التى تسببت فى فقدان الآلاف لمهنتهم واضطرارهم للعمل بمهن أخرى، إذ أن الماكينة الواحدة تتسبب فى فقدان المئات لمهنتهم.
ظهور ماكينات الليزر أفقد الكثيرين مهنتهم
وأردف: معظم العاملين بهذه المهنة تركوها وبحثوا عن مجال عمل أخر، ومن بين هؤلاء عدد ممن تعلموا المهنة على يدى وقاموا بفتح ورش، ولكنهم اضطروا فى النهاية لإغلاقها والبحث عن عمل آخر، والشباب يعزفون عن العمل بهذه المهنة فى الوقت الحالى، فالشباب لن يسعى لتعلم هذه المهنة إذ أن العاملين بها قد تركوها بسبب الأوضاع التى آلت إليها.
المهنة فى طريقها للاندثار
ويتابع: منذ ظهور الماكينات من 20 عاما شعرت بالخطر الذى يهدد هذه المهنة، فالتكنولوجيا لها جوانبها الإيجابية ولكن لها أيضا جوانب سلبية تمثلت فى التسبب فى فقدان الكثيرين لمهنتهم، وكان العديد من الأشخاص يأتون إلى بأبنائهم لتعليمهم المهنة ولكننى كنت أخبرهم أنها فى طريقها للاندثار، ومن المشاكل أيضاً التى تواجه العاملين بهذه المهنة هى مشكلة الارتفاع المستمر فى أسعار الأخشاب.
واختتم 'عم مصطفى' حواره لـ'أهل مصر' قائلاً: الحل الوحيد ليستمر الشخص فى العمل بهذه المهنة أن يشترى ماكينة ليزر ولكن سعرها باهظ للغاية.