بدأ عزفه بـ'فيها حاجة حلوة'، واعتبر من الموسيقى حياة جديدة يعيش من أجلها فأبدع فيها وتألق، وعندما تم اختياره لعزف المقطوعة الموسيقية 'عفوا أيها القانون' أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي في احتفالية 'قادرون باختلاف'، شعر بأنه حقق حلمه بل وازداد أمله في أن يصبح موسيقارا كبيرا عندما خاطبه الموسيقار عمر خيرت بعبارة 'أحسنت، أحمد أنا عمر خيرت صديقك'.
روى الشاب البورسعيدي أحمد هاني، الذي يبلغ من العمر 22 عاما، من ذوي الهمم 'كفيف'، لـ'أهل مصر'، كواليس تألقه في احتفالية 'قادرون باختلاف' واحتفاء الرئيس السيسي به، وثناء الموسيقار عمر خيرت عليه خلال الاحتفالية.
'الرئيس أثنى على عزفى والموسيقار عمر خيرت قال لى أنا صديقك'
يقول 'أحمد': 'كان شعوري غريبا أعجز عن وصفه، ولكن كل ما أود قوله هو أنني كنت سعيد جدا عندما تم اختياري لعزف مقطوعة موسيقية أمام الرئيس السيسي'، متابعا: 'وجود الموسيقار عمر خيرت كان مفاجاة بالنسبة لي ولم أتمالك نفسي من الفرحة عندما أمسك بيدي وقدمني بصورة جميلة للرئيس السيسي، مشيرا أنها لم تكن المرة الأولى التي التقى فيها بالموسيقار عمر خيرت بل سبق أن أرسل له رغبته في مقابلته واستجاب على الفور، وأرسل له رسالة صوتية بأنه يرحب بذلك، وبالفعل أرسل له دعوة لحضور حفل خاص به.
'أمنيتى الالتحاق بالعمل فى نفس الكلية'
ويُضيف أحمد: 'أمنية حياتي أن أكون موسيقارا كبيرا ولي أمنية آخرى بعد الانتهاء من دراستي بكلية التربية النوعية بجامعة بورسعيد قسم 'الموسيقى'، هي عمل ماجستير ودكتوراه بكلية التربية النوعية وبقسم الموسيقى لأساعد أي طالب مكفوف يلتحق بالكلية حتى لا يعاني مثلي من عدم وجود متخصصين يجيدون التعامل مع المكفوفين'.
واختتم صاحب الأنامل الموسيقية، حديثه قائلًا: 'أوجه شكرا خاصا لوالدتي ووالدي وأخواتي فهم دائما يدعموني ويحفزوني على النجاح'، متابعا: 'تعبوا معايا كتير وأشكر أيضا أصدقائي وأساتذتي في الجامعة'.
وتقول نيرة محمد السيد والدة الشاب 'أحمد': 'عشت أيامًا صعبة ولحظات عصيبة لم أستوعب بأنني أرى ابني أمامي وهو لا يراني، ولد أحمد وهو يبصر بعينيه ولم يشتكِ منهما وعندما وصل عمره إلى 7 سنوات بدأت شكوته من ضعف بسيط في نظره مجرد شكوته من ألم وصداع في الرأس كانت تخيفني'.
والدة 'أحمد': بعد 11 ساعة في غرفة العمليات ابني خرج فاقد البصر
وتضيف نيرة: 'نجلي أحمد ولد بصيرا وجميلا وبمرور السنوات اشتكى من ضعف البصر ولم نعلم بأن هناك 'قدر مكتوب' تعايشنا معه إلى أن أصبح واقعا نعيشه الآن، بدأنا في عرض حالة أحمد على أطباء متخصصين ولم يعرفوا تشخيص الحالة ومرت الأيام والحال لا يتبدل بل يزداد الألم على
ابني وأنا ازداد ألما معه وعليه إلى أن طلب منا أحد الأطباء عمل إشاعة رنين على المخ'.
وتتابع: 'وبالفعل أثبتت الإشاعة وجود ورم في المخ وكان يجب استئصاله وهناك اختيارات كبيرة يجب أن نقوم بدراستها قبل قرار العملية فهناك احتمالات لفقدانه البصر نهائيا وكانت هناك تحذيرات من بعض الاطباء بأننا سنفقد أحمد إلى الأبد'.
واستطردت الأم: 'تم إجراء عملية لابني عام 2009 واستمرت 11 ساعة وأنا في عالم آخر لا أدري ما هو مصير ابني الوحيد نعم أنه وحيدي وله أختان كبيرتان، وبعد مرور الساعات خرج أحمد من غرفة العمليات ليواجه حياة جديدة عليه دون بصر، كان لابد وأن استعد لأكون أنا عينيه التي يبصر بهما وقال أحمد عبارة 'وجعت قلبي' أنا بحمد ربنا إن الصداع راح وموش مشكلة إني مش هشوف، فكان قد تعود على الصداع وكأنه أصبح شيء معتاد'.
فقد بصره وعمره 9 سنوات
وأردفت الأم: 'زوجي السند والضهر ورفيق الدرب كان يخفي عني كل المشكلات التي يعاني منها ابني ويحاول أن يهدأ من روعي يهرب من مواجهتي خوفا مني أنا تفضحه عينيه ويظهر الحزن بهما، كل تلك الصعوبات مرت على طفل صغير بدأت معه و عمره 7 سنوات وفقد بصره وهو في التاسعة من عمره ومع ذلك كان يحرص على استكمال دراسته دون تعب أو شكوى، تمر السنوات ويعاود المرض مرة أخرى وكأنه أدرك بأن ابني صاحب القلب الطيب تعود على القسوة منه، ففي عام 2014 أثبتت الإشاعات بأن هناك ورما في جزء صغير بالمخ فى مراكز 'الشم' وفي مركز حساس لا يستطيع أن يتم إجراء أي عملية جراحية به'.
حصل على المركز الاول فى مسابقة وزارة الثقافة 'المواهب الذهبية'
وتوضح الأم: خضع أحمد لعمل 25 جلسة إشعاع وقام الدكتور أحمد الزواوى بمساعدتنا لتوفير جهاز الاشعاع بمستشفى آل سليمان دون أي تكلفة مالية والحمد لله بعد فترة حدث ضمور لقطعة الورم المتبقية وبعدها مارس أحمد حياته بشكل طبيعي وعندما وصل للصف الثالث الثانوى التحق بمدرسة النور للمكفوفين وحصل على المركز الاول على مستوى المحافظة 'للمكفوفين'، وكان مجموعه كبير والتحق بكلية تربية نوعية 'قسم الموسيقى' ومن هنا تبدلت اهتماماته وشغلت الموسيقى أوقاته وساعده في ذلك الدكتور محمد العشى وراجي المقدم فشجعوه فى تنمية قدراته، فلم توجد نوتة بريل للمكفوفين ببورسعيد لأنه لا يوجد أساتذة بالكلية مؤهلين لذلك فكان أحمد يستعمل 'انبوبة' للكتابة البارزة و حصل على المركز الأول في مسابقة وزارة الثقافة 'المواهب الذهبية' لـذوي الاحتياجات الخاصة وتم تكريمه'.
صوتي هو 'آلة التنبيه' له
وتروي الأم لحظات ضعف أثرت بها، فتقول: كلمات ابني تعذبني عندما يقول لي 'نفسى أشوفك' ويتلمس وجهي ويبتسم ويقول شكلك ما اتغيرش انا لسه فكره زى ما هو' يتعامل أحمد معنا من خلال 'الصوت' فعن طريق الصوت يدرك كل شيء وكأنه ترجمة حرفية لكل المواقف التى تمر امام عينيه ولا يراها، و أجمل ما أراه في ابني أنه يشعر بالمسؤلية ويتحملها فهو يحضر الإفطار والعشاء لنفسه فهو يحفظ أماكن الأشياء التي يحتاجها وانا أساعده فى ذلك بل احاول أن يكون صوتي هو 'آلة التنبيه' له ليدرك عن طريقه أين أكون ومن معي ومن خرج حتى لا يشعر بأن هناك شيء يحتاج التفسير وكأن كل شيء طبيعي، اختتمت الأم حديثها: 'أمنية أحمد أن يقوم بعمل ماجستير ودكتوراه بكلية التربية النوعية وبقسم الموسيقى ليساعد أي طالب مكفوف يلتحق بالكلية حتى لا يعاني مثله من عدم وجود متخصصين في التعامل معه، الأمل دائما أمامه وهو ما يصبرني على هذا الابتلاء الكبير'.