كانت لمدينة 'قوص' جنوب محافظة قنا، في العصور الإسلامية مكانة كبيرة، فقد كانت عاصمة لإقليم مصر العليا يطلق عليها ”القوصية“ ويتبعها العديد من البلدان، وتحتضن مدينة قوص على أرضها عدداً كبيراً من الآثار القديمة أهمها ”المسجد العمري“، الذي يعد من أشهر المساجد وأقدمها، في صعيد مصر.
تقع مدينة قوص جنوب محافظة قنا، وهي تعد من أكبر وأقدم المدن بصعيد مصر، نشأ وتربى فيها لفيف من مشاهير أهل العلم والفكر والأدب، وزارها الرحالة، وكتب عنها المؤرخون، وأقام فيها الأمراء والقضاة والأعيان، واستوطنها العلماء والأولياء.
تاريخ قوص
'قوص“ كلمة فرعونية معناها “مدينة العلم”، حيث كانت مقراً للكهنة والكتاب والحكماء والفلاسفة في العصور الفرعونية، وتعني في اللغة القبطية الدفن، وذلك لتخصص جماعة من أهلها في دفن ملوك الفراعنة بعد تحنيطهم.
ترصد 'أهل مصر' في السطور التالية أبرز وأهم المعلومات عن 'المسجد العمري' بقوص جنوب محافظة قنا.
المنشئ وتاريخ الإنشاء
يقول محمد محيي الدين، مفتش آثار بمنطقة إسنا وأرمنت الإسلامية، ومسئول إدارة الوعي الأثري بالأقصر، إن المسجد العمري يعد أشهر الآثار الإسلامية في مدينة قوص، بناه طلائع بن زريك الفاطمي عام 550 هجرية، عندما كان والياً على قوص، مشيراً إلى أنه يحتوي على منبر من أقدم ثلاثة منابر في العالم الإسلامي، يرجع تاريخه إلى عام 550 هجرية، وفقا للنص الأثري المدون بالخط الكوفي على المنبر.
ألقاب المسجد ومسمياته
ويتابع ”محي الدين“: يطلق على المسجد العمري ”أزهر الصعيد”، لأنه بُنى على طراز الجامع الأزهر بالقاهرة، من حيث التخطيط المعماري، كما أن كليهما بنيا من أجل نشر تعاليم المذهب الشيعي في العصر الفاطمي، لافتاً أن تسمية المسجد بـ”العمري” هو لقب يطلق على أقدم مسجد جامع يُبنى في المدينة أو القرية.
لوحات أثرية
ويضيف مسئول الوعي الأثري، أن المسجد العمري بقوص يحوي العديد من اللوحات الأثرية التي تشتمل على كتابات تأسيسه منها لوحة تقع فوق باب المنبر الأثري، ومسجل عليها تاريخ إنشاء المنبر بالخط الكوفي في سنة خمسين وخمسمائة، ولوحة أخرى تعلو المحراب المملوكي بالخط الكوفي، يرجع تاريخها إلى عام 473 هجرية في عهد الخليفة المستنصر بالله الفاطمي، ولوحتان تذكاريتان إحداهما مثبتة على باب الميضأة، والأخرى على المدخل الرئيسي للمسجد.
قطع أثرية وعناصر معمارية
ويشير ”مفتش الآثار“، إلى أن المسجد العمري يزخر بالعديد من القطع الأثرية والعناصر المعمارية كالمحراب الذي يرجع تاريخه إلي العصر الفاطمي، والقبة المضلعة التي تقع في الركن الشمالي الشرقي للمسجد، والتي أنشأها “مقلد بن على بن نصر” في العصر الأيوبي سنة 568 هجرية، وهى منفصلة عن المسجد، وترتكز على أربعة عقود يعلوها في الأركان صف من المقرنصات، وكرسي المصحف، وهو من الخشب المصنوع بطريقة الحشوات المجمعة ويحيط به من أعلاه شريط كتابي لآية الكرسي.