قصة «ابن قنا».. محمد فؤاد شاكر رائد التصوف والفكر الإسلامي بالمحافظة

الدكتور محمد فؤاد شاكر ابن محافظة قنا
الدكتور محمد فؤاد شاكر ابن محافظة قنا

رائد من رواد التصوف والفكر الإسلامي، مبدع فيما كتب، منصف فيما بحث ودون، صاحب فكر حر مستنير يعالج القضايا بموضوعية وواقعية، لا يخشى في الحق لومة لائم، محبا لله ورسوله وآل البيت والصالحين، ووهب حياته لنشر الدعوة والبحث عن المحتاج والموعظة الحسنة، إلى أن رحل دون أن يشعر به أحد، إنه الأستاذ الدكتور محمد فؤاد شاكر ابن محافظة قنا.

مولده وتعليمه

ولد الأستاذ الدكتور محمد فؤاد شاكر في 5 أكتوبر عام 1949م بقرية الحسينيات بمركز أبوتشت بمحافظة قنا، حفظ القرآن الكريم في كتاب القرية وعمره 10 سنوات، واعتلى منبر المسجد في قريته لخطبة الجمعة وهو في سن الـ12 عامًا، وبدأت حياته العملية فور تخرجه من الجامعة وحصوله على ليسانس الآداب جامعة الأسكندرية، ثم واصل تعليمه فحصل على ماجستير في التصوف الإسلامي، ثم الدكتوراه في الحديث النبوي

تدرجه الوظيفي

شغل «شاكر»، عدة مناصب منها مدرسًا بالمعاهد الأزهرية، و شيخا بالمعاهد الأزهرية، ثم موجهًا بالمعاهد الأزهرية، وأستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة عين شمس، ورئيس قسم الدراسات الاسلامية والعربية في كلية التربية جامعة عين شمس، ثم أستاذ جامعي متفرغ.

المدرسة الفكرية التي ينتمي إليها

ينتمي الدكتور محمد فؤاد إلى مدرسة تجمع بين العناية بالتراث الإسلامي وأخذ أحسنه، وبين محبة آل بيت النبي وما يستلزمه ذلك من الحفاظ على سنته الشريفة - فضلاً عن المجاهرة بالحق والدعوة بالحكمة والرشاد، وعون الناس على التفقه في الدين ببصيرة وتواضع، وتوضيح الآراء المخالفة بأدب ورفق وموعظة هادفة.

فهو عندئذ عالم له رؤيته التراثية والتصوفية، ويجمل ذلك بهضم لقضايا أمته المعاصرة، وقدرة على التخاطب والتحاور مع المخالفين، وقدرة على التأثير وجذب القلوب في المحبين. وليس يخفى على الذين يتابعون إنتاجه رحمه الله.

المفكر الجليل له مواقفه المشهورة على الساحة العلمية والفكرية حيث تصدى في بداية التسعينات لتيار الغلو الذي كان منتشراً عن طريق بعض الجماعات التي نسبت نفسها إلى الإسلام، وتنقل في كل ربوع مصر، يكشف زيف هذا الإفراط، ويدعم دعوة الإسلام الراشدة البعيدة عن الإفراط والتفريط. كما تصدى لفكر الرافضة في قضية معروفة في بلاد المسلمين في منتصف التسعينات، وقام بالرد على تلك الأفكار بالكتابة في الصحف، وعقد اللقاءات والندوات، حتى ضبط التنظيم الرافض، وفشل سعيه في تشتيت وحدة الأمة وفي التطاول على صحابة رسول الله، كما دعا إلى تأليف الأمة وجمعها على كلمة واحدة، وكم ندد بمحاولات الأعداء للنيل من مكانة الإسلام والمسلمين، وكان يكتب في الصحف مندداً بمحاولات الاستئصال التي يقوم أعداء الإسلام للمسلمين في بلاد البلقان.

شخصيته وصفاته

يتسم «شاكر» بهدوء الصالحين، وبهاء الطاعة وتواضع الشجرة المكتنزة خيرا، وابتسامته التي تكشف عن نفس صافية ومحبة للناس، فلا يمر الوقت إلا وتجد محبة عظيمة متبادلة فقد وضع الله له القبول في الأرض، فتلمس فيه الروح العلمية والأخلاقية السامية، والتي تركت في المسلمين اثرا بالغا، وهناك كتاب عن حياته وفكره رحمه الله تعالى تحت عنوان: 'الأستاذ الدكتور محمد فؤاد شاكر حياته وفكره من ضمن سلسلة 'شخصيات فكرية بارزة'.

إسهاماته في الإسلام

أسهم رحمه الله بنصيب كبير في عملية تبني قضايا العالم الاسلامي وإثارتها في جميع المحافل المحلية والدولية، وقد سخر وقته وجهده في سبيل الدفاع عن قضايا المسلمين بل وضع هموم العالم الإسلامي نصب عينيه، عاكفاً ليلاً ونهاراً على اقتراح الحلول السليمة للخروج من تلك الأزمة الطاحنة التي يمر بها المسلمون في عصرنا الحديث.

كان يخشى الله في قوله وعمله، فقد كان سابق بالخيرات محفوف بالبركات، مدعم بالرؤيا الصالحة، آخذاً بأيدى طالبي العلم، يحب طلابه ويجود عليهم بعلمه ووقته، فاعلم أن هذا القلب رُبَّى على العطاء، وتجاوز مرحلة القول إلى الجود والبسط لطلابه، ثم خفض الجناح لأحبابه ومريديه، وهذا دليل على أنه لم يبتغ شهرة ولا مالا ولكن كان يبتغي مرضاة الله فكان نموذجا يحتذى به.

فهو شخصية متميزة مستقلة، رائد من رواد التصوف والفكر الإسلامي، مبدع فيما كتب، منصف فيما بحث ودون، صاحب فكر حر مستنير يعالج القضايا بموضوعية وواقعية كما يظهر من خلال كتاباته أنه رجل محب لله ولرسوله، ولذلك كانت معظم إبداعاته في الدفاع عن السنة المطهرة، والرد على من ينكر شيئاً من ذلك أو يشكك فيه.

مؤلفاته

من أبرز مؤلفاته كتابه 'إظهار الشناعة في الرد على منكر الشفاعة' الذي يكشف للقارئ عن شخصية قوية حازمة في الحق، وعن تفاعل العالم مع قضايا أمته، وعن القوة في المواجهة والعرض والسلاسة في العرض، والحجة في الفكر حتى يخلص إلى أبطال حجة الخصم، ويثبت الله به الحق في قلوب راغبى الهداية.

كما أنه يعتبر من المفكرين القلائل الذين حققوا موضوع التصوف الإسلامي، وإظهاره في صورته السليمة والصحيحة التي معناها الالتزام بكتاب الله وسنة رسول الله، كما أنه أثرى المكتبة الاسلامية بكثير من المؤلفات الجليلة التي ندر أن تجد داعيا تطرق إلى ما تطرق له العالم الجليل فى مؤلفاته ومشاركات علي الأجهزة المرئية على مستوى العالم العربي محورها الحديث النبوي الذي يمثل تخصصة الدقيق.

وفاته

توفي الأستاذ الدكتور محمد فؤاد شاكر في 26 أكتوبر عام 2011م بالقاهرة عن عمر يناهز 60 عاما، بعد صراع مع المرض.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً