العوامل الجوية تحرم الأقصر من زراعة «الذهب الأبيض» منذ 50 عامًا

أرشيفية
أرشيفية

تفتقد محافظة الأقصر لزراعة القطن في أراضيها منذ قديم الأزل، بالرغم من كونها إحدى محافظات الصعيد التي ثبتت تقدمها في العديد من الزراعات، حيث نجحت في تصدير بعض إنتاجاتها داخل مصر وخارجها، كتصدير الفلفل بجميع أنواعه لجميع دول العالم والأمريكية والخليج وغيره.

وأثبت المؤرخون أن أول من أدخل زراعة القطن بالأقصر تحديدًا بمدينة إسنا جنوب المحافظة، هو محمد علي باشا حاكم مصر في عصره، عندما اعتنى بالزراعة فيها وشق فيها الترع وبنى القناطر، لافتين إلى أن قطن إسنا كان يعد وقتها من أجود أنواع القطن، مما جعله يقيم عليه مصنع الغزل والنسيج الذي أصبح بعد ذلك مقر للبلدية.

وأكد مزارعون بالأقصر، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن إهمالهم لهذا المحصول وعدم اهتمامهم بزراعته، بسبب اعتقادهم أنه لن يمنحهم قدر ما يعطونه من الجهد وبذل الأموال، خاصة فى السنوات الأخيرة، نتيجة ارتفاع ثمن المبيدات، والأسمدة، وغيرها من ملزمات الزراعة، قائلين: "أهالينا كانت تزرعه زمان لأن كان فيه مكسب حلو منه كانوا يجوزوا عيالهم بيه، وينفقوا على أسرهم، لكن دلوقتي لو زرعناه هيبقى المستفيد الوحيد منه التاجر، وإحنا هتتكاثر علينا الديون، بجانب التعب والجهد والإرهاق الذي سيصيبنا أثناء العمل في زراعته".

العوامل الجوية وزراعة قصب السكر

وقال النوبي أبو اللوز، أمين عام نقابة الفلاحين بمحافظة الأقصر، إن العوامل الجوية التي تشهدها محافظات الصعيد وعلى رأسهم محافظة الأقصر، خاصة فى فصل الصيف تسببت فى حرمان أهالي الأقصر من زراعة القطن منذ أكثر من 50 عاما، بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وعدم اعتدال الجو، مشيرًا إلى أن زراعته منذ عشرات السنين كانت موجودة في "محطة بحوث المطاعنة بإسنا" التابعة لوزارة الزراعة، حينما كانت وقتها زراعته تساهم في زيادة دخل مزارعيها مما كان يحفزهم على الاستمرار فيه.

وأضاف أمين عام نقابة الفلاحين أن المزارعين تركوا زراعة هذا المحصول، منذ قديم الأزل، ولجئوا إلى زراعة قصب السكر، والموز، والطماطم، والفلفل، والعنب بسبب احتياج هذه المحاصيل لجو دافئ ودرجة حرارة مرتفعة، لافتًا إلى محافظات الوجه البحري كالشرقية والدلتا وغيرها تحتل المراكز الأولى في زراعة القطن بسبب مناخها المعتدل وقلتها نسبيًا في درجات الحرارة.

وقالت غالية أحمد حسن، إحدى سيدات قرية الحميدات شرق التابعة لمركز ومدينة إسنا جنوب محافظة الأقصر، أن جدها كان يزرع القطن وكانت تساعده في زراعته بالغيط، ولكن عندما فارق الحياة رفض أباها زراعة هذا المحصول، لغلاء الدنيا بعد وفاة والده وبسبب الطقس السيء التي تشهده بلادهم، جعله يفضل زراعة قصب السكر ويركز على زراعة المحصول الرئيسي فى بلادهم المؤكد إنتاجه وهو محصول القمح، لافتة إلى أن أبنائها وزوجها أيضا لم يهتموا بزراعة هذا المحصول نتيجة زيادة تكلفة زراعته والتي تصل اليوم لأكثر من 9 آلاف جنيه للفدان، دون تحقيق هامش ربح.

ولفت المهندس وليد زكي، أحد مهندسي الزراعة وأحد المزارعين بمحافظة الأقصر، إلى الأسباب التي أدت إلى التخلي عن زراعة القطن بالأقصر، وهي "صعوبة التسويق، وارتفاع تكلفة الفدان وانخفاض سعر المحصول لعدم وجود القطن طويل التيلة، والذي يعد من أجود أنواع القطن على مستوى العالم، مما يجعل الشركات تلجأ إلى استخدام القطن المستورد بدلا من القطن المحلي فى صناعة الغزل، مضيفًا أن عدم وجود مصانع غزل ونسيج فى المحافظة، سيتطلب من المزارع نقل المحصول ودفع مصروفات زائدة، إضافة إلى أن تقاوي القطن يجب استلامها من مراكز البحوث الزراعية بالحيازة وليس الجميع يملكون حيازة زراعية، كما أن هذا المحصول يعد حساس للغاية، وعدم امتلاك المزارعين الخبرة فى زراعته تجعلهم يتخوفون من زراعته بالأقصر.

وتشتهر محافظة الأقصر بتصدير محصول الطماطم للخارج، حيث تبلغ المساحات المزروعة بمدينة إسنا فقط، بالطماطم 12 ألف فدان سنويا، تنتج ما يقرب من 5% من إنتاج مصر من الطماطم، فالإحصائيات تؤكد أن مصر تقع في الموقع الخامس، من حيث الإنتاج العالمي لمحصول الطماطم وتنتج في المتوسط ما يقرب من 8 ملايين طن في العام وتسبقها الصين التي تعد من من أكبر الدول المنتجة للطماطم ثم الهند ثم الولايات المتحدة وتركيا.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
السفير محمد الشناوي مُتحدثا رسميا جديدا باسم رئاسة الجمهورية