استطاع الأب على مدار 4 سنوات أن يلعب دور الأم والأب معًا، ويتجاوز بأولاده الثلاثة محنة الحادث الأليم الذى راحت ضحيته الأم، استطاع أن يؤدى الأمانة التى أؤتُمن عليها، إلا أنه لم يستطيع أن يتمالك نفسه وانهمرت دموعه خلال عقد قران نجلته الكبرى 'بريهان'، و أبكى الحضور، في مشهد مؤثر أعاد لأذهان الحضور وأهالي بورسعيد بشكل عام الحادث المأساوي الذي أودى بحياة الأم وأبكاها أهالي المدينة الباسلة حينها، لتغيب عن حفل عققد قران نجلتها ويقوم الأب بدور الأم أيضًا إلى جانب دوره كأب يشهد عُرس ابنتهما.
تعود قصة الأب الذي أفنى وكرّس حياته لتربية أولاده بعد وفاة زوجته ضاربًا أروع الأمثلة في الوفاء بين الأزواج، إلى عام 2018، منذ نحو 4 سنوات، حيث توفيت الزوجة 'عبير صبح'، لم تكن وفاة طبيعية بل كان حادثًا أليمًا أدمى قلوب البورسعيدية، عندما كانت فى طريقها للقاهرة ومعها ابنتها بربهان وصديقة لها، وفجأة تصطدم سيارتها بسيارة نقل، أدى لوفاتها هي وصديقتها فى الحال، وظلت الابنة فى المستشفى تصارع الموت.
مرت الأيام والابنه لا تعلم بوفاة والدتها، وبعد فترة عندما تحسنت حالتها الصحية إلى حد ما، سألت عن والدتها ليخبروها بأنها مصابة فى قدميها، مثلها، لا تستطيع الحركة، ولكن مع مرور الأيام علمت الابنة بوفاة الأم عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى، لتُصاب بحالة نفسية سيئة، وبعد فترة علاج كبيرة، خرجت 'بربهان' من المستشفى لتستكمل دراستها بكلية الهندسة وهى تسير على عكاز، وكان والدها هو السند لها وكان هو عكازها الذي يحميها من الوقوع فريسة لليأس، وبعدها تخرجت 'بربهان ' من كلية الهندسة، و تخرج شقيقها الأصغر 'أحمد' من كلية الطب، بينما تخرجت 'روان' الابنة الصغرى من كلية الألسن.
تروي الابنة الصغرى 'روان' لـ'أهل مصر'، أن والدهم عاش سنواته الماضية وهو راضٍ بما قسمه الله له من الحرمان من زوجته، ولم يفكر فى الزواج من أخرى، بل شعر بأن المسؤولية كبيرة ولم تنتهى بعد.
وتُضيف 'روان'، أنه تقدم شاب زميل شقيقتها الكبرى 'بريهان' بالكلية لخطبتها ووافق الأب على إتمام الزواج، و هو يتذكر زوجته الأم التى كانت تحلم بتلك اللحظة ولكن لم يمهلها القدر لذلك، ليدخل في نوبة بكاء أبكت الجميع وأعادت للأذهاب الحادث الأليم.
وروى الأب ويُدعى عادل العفيفي، لـ'أهل مصر'، تفاصيل ما حدث خلال عقد قران نجلته، قائلًا: تذكرت زوجتى أثناء عقد قران ابنتنا، وتمنيت أن تكون بجوارنا، لكنى شعرت بأن روحها تهيم حولنا فى المكان، وكأن ملائكتها ترفرف حولنا، لتخبرنا بأنها معنا وتشعر بألمنا، وفرحتنا معا.
وأضاف الأب: 'تمنيت أن ألتقط صورة تذكارية معها فى تلك المناسبة وبالفعل كنت أشعر بها وأراها فى كل صورة وفى كل مشهد، رحم الله زوجتى'، متابعًا أنه ما إن وضع يده فى يد عريس ابنته أجهش بالبكاء، فقلبه يعتصر حزنًا على زوجته وتذكر رحيلها وشريكة عمره فرحًا وحُزنًا، وأبكى الجميع.