السهرات الرمضانية إرث قديم وعادة صعيدية وتقليد أصيل في محافظة قنا توارثه الأبناء عن الأباء والأجداد، فعند قدوم شهر رمضان المبارك تفتح العائلات دواوينها، وتتفق مع أحد المقرئين، لإحياء ليالٍي الشهر الفضيل بالقرآن الكريم، والتي يتخللها حوارات ومناقشات بين أفراد العائلة طوال مدة السهرات داخل ديوان العائلة الذي يتكون من طابق واحد بداخله غرف إحداهما مخصصة للمقرئ، وباقي الديوان عبارة عن مساحة مفتوحة لاستقبال الضيوف، ويتم فرش الديوان بالكنب البلدي، وعليه 'الكليم' والمساند 'المخدات'.
جانب من السهرة الرمضانية
السهرة الرمضانية عادة قديمة
وقال محمود توفيق، محامٍ بالنقض والدستورية العليا، إن السهرة الرمضانية عادة قديمة عرفتها العائلة منذ نحو 120 عامًا، وتوارثها الأجيال جيلًا بعد جيل، حيث يتجمع أبناء العائلة داخل الديوان للاستماع الى القرآن الكريم من أحد القراء الذي يتم الاتفاق معه لإحياء ليالٍي الشهر الفضيل، بالإضافة إلى التحدث فيما بينهم في أمور دينهم ودنياهم.
جانب من السهرة الرمضانية
ليالي رمضان تُقسم على أفراد العائلة
وأضاف 'توفيق'، أنه جرت العادة أن تُقسم ليالي رمضان على أفراد العائلة، ومن عليه الليلة يستقبل الضيوف ويُحضر الشاي، ويستضيف المقرئ على الإفطار طوال الشهر الفضيل، وبعض المقرئين يأتون بعد التراويح فلا يتناولون الإفطار في الديوان، لافتًا إلى أنه كان المقرئ قديمًا يُقيم بديوان العائلة ويتناول الإفطار والسحور طوال الشهر الكريم، لأنه كان يتم إحضاره من بلاد بعيدة، وكان يتقاضى في ذلك الوقت 6 جنيهات فقط خلال شهر رمضان.
جانب من السهرة الرمضانية
الاتفاق مع مقرئ لإحياء السهرة الرمضانية
وأوضح حسن عثمان، موظف، أنه مع اقتراب شهر رمضان يبدأ أفراد العائلة في تنظيف الديوان، والاتفاق مع مقرئ لإحياء السهرات الرمضانية، والذي يقوم بتلاوة ما يعرف بالربعين أو الثلاثة أرباع من القرآن الكريم طوال السهرة، فيما يتناول أفراد العائلة والضيوف مشروب الشاي، ويتخلل ذلك أحاديث وحوارات ومواضيع مختلفة بين أفراد العائلة.
جانب من السهرة الرمضانية
الشاي المشروب الرسمي في السهرة الرمضانية
وتابع: تقوم العائلات بتقسيم أيام الشهر الكريم على أفرادها، بحيث يأخذ كل فرد ليلة رمضانية أو أكثر، يقوم فيها بإحضار الإفطار وصواني الطعام التي تشتمل على كل ما لذ وطاب، وبعدها يتناولون مشروب الشاي، ويبدأ المقرئ في تلاوة القرآن الكريم في جو من الألفة والترابط العائلي تسوده المحبة والمودة بين أفراد العائلة.
الاستماع إلى القرآن الكريم
وأشار محمود اسحاق، من أهالي محافظة قنا، إلى أنه بعد تناول الإفطار يجتمع أفراد العائلة حول المقرئ يستمعون منه لما تيسر من القرآن الكريم يوميًا على مدار الشهر بأكمله، فضلًا عن تقديم المشروبات للضيوف، موضحًا أن العائلة مقسمة بيوت وكل بيت مسئول عن تجهيز طعام الإفطار والمشروبات لباقي أفراد العائلة وهكذا حتى نهاية شهر رمضان، مؤكدًا أنها عادة أصيلة توارثوها عن أجدادهم، والتي تقوي أواصر المحبة بين أفراد العائلة الواحدة، فضلًا عن ثواب الاستماع للقرآن الكريم.
تبادل الزيارات بين العائلات
وأكد عبدالفتاح عبدالباسط، من أهالي محافظة قنا، أنه مع بداية شهر رمضان تفتح العائلات دواوينها احتفالًا بالشهر الكريم، ويأتي أحد القراء الذي اعتاد أن يقرأ للعائلة منذ سنوات، ويتم تناول الحلويات والمشروبات، فضلًا عن تبادل الزيارات بين العائلة والعائلات الأخرى داخل القرية مما يزيد التآخي والمحبة بين جميع العائلات، مشيرًا إلى أن السهرات الرمضانية تُعد فرصة مهمة لجمع الشمل ونبذ الخلافات، ونفحات روحانية من خلال تلاوة القرآن الكريم.