كفاح حتى النهاية.. الحاجة فاطمة مزارعة ببورسعيد ارتدت ثوب زوجها وحوّلت أرضها البور لـ "جنة خضراء" لتربية أولادها

في منزل بسيط، ترفرف عليه سنابل القمح، وحوله أشجار من الزيتون والتين الشوكي، تجلس سيدة في السبعين من عمرها في شرفة المنزل، تراقب حصاد الأرض وهي مُمسكة بيدها مسبحة تُردد طوال الوقت 'الحمد لله على نعمة الرزق الحلال'، هذا هو حال الحاجة 'فاطمة محمد عبد الله' 75 عامًا، إحدى المزارعات بمنطقة سهل الطينة شرق بورسعيد، والتي تقطن في منزلٍ بسيط بجوار عدد من الأفدنة تقوم على زراعتهم.

محررة اهل مصر مع الحاجة فاطمة محررة 'أهل مصر' مع سيدة بورسعيد المكافحة

الحاجة فاطمة مزارعة ببورسعيد: لما بشوف المحصول بالأرض بكون أسعد إنسانة في الدنيا

'عاوزة الستر من عنده، ربنا بيبارك ليّا في الزرعة علشان ولادي الـ12، كل واحد ياخد نصيبه وحقه منها علشان يقدر يعيش' كلمات رضا ممزوجة بالشقا بدأت تروي بها الحاجة 'فاطمة' لـ'أهل مصر' قصة كفاحها في الفلاحة من أجل تربية أولادها بعد وفاة زوجها، والتي تُعد نموذجًا فريدًا في الكفاح والعطاء والمثابرة.

تقول الحاجة 'فاطمة': 'أُقيم في هذا المكان منذ 22 عامًا، ظلامٌ دامس في الليل، وكنت أعيش على لمبة الجاز أنا وأولادي الـ12 بعد وفاة زوجي منذ أكثر من 10 سنوات، وكنت أُساعد زوجي في زراعة الأرض، وتُوفي زوجي، وأصبحت مسؤولة عن أولادي، لا يوجد مصدر دخل لنا سوى حصاد الأرض السنوي، فجلست أُفكر ماذا سأفعل وأولادي مازالوا صغارًا، فشمّرت يدي الاثنين، ونزلت لأُكمل مشوار زوجي في زراعة الأرض التي تعتبر بالنسبة لنا هي مصدر رزقنا الوحيد'.

الحاجة فاطمة مع احد احفادهاالحاجة فاطمة سيدة بورسعيد المكافحة

وتُضيف الحاجة 'فاطمة'، أنه قبل إقدامهم من محافظة دمياط إلى منطقة سهل الطينة بشرق بورسعيد، عاشوا معاناة كبيرة حيث كانت الأرض بور ومالحة، وتحدت الظروف وسط خوف ورعب مما سمعته بأن تلك المنطقة غير آمنة لقربها من بئر العبد، وكافحت واستثمرت كل جهدها في زراعة الأرض، وقامت بزراعة الأرز والقمح وأشجار الزيتون والتين الشوكي'، مضيفة: 'عندما أرى المحصول في الأرض بكون أسعد إنسانة في الدنيا لأننى أحصد مجهودي وتعبي'.

وتُتابع: كان يمر علينا الليل وسط ظلام دامس، وأنا أعيش بمفردي مع أولادي، على ضوء 'لمبة الجاز' وكانت سنابل القمح وعيدان الأرز هما النور الذي يُضئ حياتنا، واقتصدت مبلغ من المال وذهبت لآداء العمرة، لأشكر ربي على النعمة التي أعيش فيها، ورجعت من العمرة قبل حصاد محصول القمح، ورغم مرضي الشديد إلا أنني أجلس في منزلي أنظر للمحصول عن كثب لأُمتّع نظري به، فالمنزل وسط الأرض، أضع السبحة في يدي وأُسبّحُ في كل وقت وأشكر ربي على نعمة الستر، الحمد لله ربنا كرمنا هذا العام في المحصول، فإنتاج محصول القمح هذا العام 25 أردبًا، أما العام الماضي كان 15 أردبًا، اشتريت محوّل لري الأرض وأصبحت الآن تُنتج أكثر.

واختتمت الحاجة 'فاطمة' حديثها لـ'أهل مصر'، قائلة: أُصيبت بوعكة صحية وأنا أُؤدي العمرة، وسألني الأطباء 'إيدك خشنة من إيه يا حاجة' قلت لهم لديّا 10مواشي وأرض بفلّح فيها، باكل بعرقي، ومعايا 9 بنات و3 أولادن وزوج ابنتي مريض سرطان، وزوج الأخرى مسجون، والثالثة تُعاني من مرض نفسي، وباقي البنات لهن ظروف خاصة تؤثر على مصدر رزقهن، وربنا بيبارك في الزراعة علشان كل واحدة تاخد نصيبها وتستر بيتها، وما زالوا يساعدونني فى زراعة الأرض حتى بعد زواجهم وأولادهم معهم، لأن مصدر رزقنا واحد هو 'الأرض'.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً