قال جابر البغدادي، وكيل المشيخة العامة للطرق الصوفية، إن الإحتفال بالهجرة النبوية الشريفة تجديد لعهد الإيمان، وتجديد لعهد التسليم، وتجديد لعهد الرضا، وتجديد لعهد الفناء في رسول الله صلى الله عليه وسلم تجديد لعهد بناء دولة إسلامية على طراز محمدي تجديد لبناء أمة.
الهجرة من دروس الحياة
وأوضح البغدادي، أن الهجرة درس من دروس الحياة في سبيل الله سبحانه وتعالى، حيث أننا مازالنا نعيش مع الهجرة لتتأكد هذه المعاني في قلوبنا كيف فنى الصحابة في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف كان الحب محور من محاور بناء دولة قامت على أساس أنه لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نصرة الله لرسوله الكريم
واستشهد وكيل المشيخة العامة للطرق الصوفية، بقوله تعالى : إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۚ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )، مشيرا إلى أنه شَتَانَ بَينَ كُفْرِ مَنْ هَاجَرُوا عَنْهُ وَإِسْلَامِ مَنْ هَاجَرُوا مَعَهُ ، وَإِيمَانِ الَّذِينَ هَاجَرُوا بِهِ ، وَإِحْسَانِ الَّذِينَ هَاجَرُوا فِيهِ، فَهَاجَرَ عَنْهُ فى قوله تعالى ' إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا'، وَهَاجَرَ مَعَهُ، فى قوله تعالى' ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ'، ووَهَاجَرَ بِهِ فى قوله تعالى' لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا'، ووَهَاجَرَ فِيهِ فى قوله تعالى' فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ'، فَانْزَاحَ الشَّرُ وَحَصَلَ البِرُ وَجَاءَ النَّصْرُ، ' وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىوَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۚ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ '.
وتابع الشيخ جابر البغدادي كلامه قائلا: الخُرُوجُ مِمَّا تَهْوَى لِمَنْ تَهْوَى، حيث رَوَى الإِمَامُ التِرْمِذِي عَنْ بنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَكَّةَ (مَا أَطْيَبَكِ مِن بَلَدٍ وَأَحَبَّكِ إِلَيَّ، وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ)، حيث مَدَحَ الوَطَنَ وَأَجَادَ ، صَرَّحَ بِحُبِّهِ الفَيَّاضِ، ذَكَرَ مَنْ عَانَدَ بوداد.
وقال الشيخ البغدادي: يَا لَيتَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الَّذِينَ سَيْفَاً مُتَهَوِرَاً، يُدَمِرُونَ بِهِ البِلَادَ وَيَقْتُلُونَ بِهِ العِبَادَ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَفِقْهِ رَحِيمٍ ، يَا لَيْتَهُمْ يَقِفُوا مَعَ الهِجْرَةِ فَيَرُوا كَيْفَ بَنَى النَّبِيُّ حَضَارَةً، قَامَتْ بِحَضْرَتِهِ عَلَى كَمَالَاتٍ جَامِعَةٍ تَجْمَعُ الخَلْقَ لِلْحَقِّ بِالْحُبِّ ، بِمَا لَا يَهْدِمُ الْأَوْطَانَ، وَلَا يَقْتُلُ الإِنسَانَ، وَلَا يُخَالِفُ العَدْنَانَ ، وَلَا يُبَدِدُ الأَدْيَانَ، وَلَا يَجْحَدُ الدِّيَانَ.
أنواع الهجرة النبوية الشريفة
وأكد عَلَى أُصُولِ السَّلَامَةِ الْأَرْبَعَةِ المُحَمَّدِيَةِ كما ذكرها الرسول الكريم ' أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ'، لافتاً إلى أن الهِجْرَةُ هِيَ فِرَاقُ مَوْطِنٍ لِلْمُقَامِ فِي مَوْطِنٍ، لافتاً إلى أن الهَجْرَةُ هِجْرَتَانِ : هِجْرَةً حِسْيَةٌ وَهِيَ التِي هَاجَرَهَا الحَبِيبُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحْبُهُ مِن مَكَّةَ المُكَرَمَةِ ( الوَطَنِ ) إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ ( المَأْوَى ). وَهَذِهِ قِيلَ فِيهَا ( لَا هِجْرَةَ بَعَدَ الفَتْحِ ).
وأشار الشيخ البغدادي ، إلى أن النوع الثاني من الهجرة النبوية الشريفة هى الهَجْرَةُ المَعْنَوِيَةُ السَارِي حُكْمُهَا؛ فَقِيلَ فِيهَا إِنَّهَا ( جِهَادٌ وَنِيَةٌ )، إِذَا لَمْ تَطِبْ فِي طَيْبَةٍ عِنْدَ طَيِّبٍ بِهِ طَابَتِ الدُّنْيَا فَأَيْنَ تَطِيبُ؟،
تعريفات الهجرة النبوية
وذكر وكيل المشيخة العامة للطرق الصوفية ، عِدَةَ تَعْرِيفَاتٍ للهجرة النبوية الشريفة مِنْهَا: هِيَ سَفَرٌ مِنْ هَوَاكَ لِمَوْلَاكَ تَسْلِيمَا فِي عُبُودِيَةٍ وَفَنَاءاً فِي مَحَبَّةٍ بِبَقَاءِ هُنَا 'لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا'، فَالتَائِبُ هِجْرَتُهُ إِلَى الرَّسُولِ، وَالسَالِكُ هِجْرَتُهُ مَعَ الرَسُولِ، وَالْعَارِفُ هِجْرَتُهُ فِي الرَسُولِ، فَالْمُبْتَدِئُ هِجْرَتُهُ 'إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ'، وهِيَ سَفَرٌ مِنْ هَوَاكَ لِمَوْلَاكَ تَسْلِيمَا فِي عُبُودِيَةٍ وَفَنَاءاً فِي مَحَبَّةٍ بِبَقَاءِ هُنَا 'لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا'، فَالتَائِبُ هِجْرَتُهُ إِلَى الرَّسُولِ، وَالسَالِكُ هِجْرَتُهُ مَعَ الرَسُولِ ، وَالْعَارِفُ هِجْرَتُهُ فِي الرَسُولِ، فَالْمُبْتَدِئُ هِجْرَتُهُ 'إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رِبِّي سَيَهْدِينِ'، وَالسَّائِرُ هِجْرَتُهُ 'وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى'، وَالْوَاصِلُ هِجْرَتُهُ 'وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ المُنْتَهَى'، وَالشَاهِدُ هِجْرَتُهُ 'لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا'.
وتابع قائلا: فَهَاجَرُوا مِنْ أَرْضِ المُخَالَفَةِ إِلَى مَأْوَى الْمُوَافَقَةِ، وَمِنْ حِجَابٍ الْمُلْكِ إِلَى مَشْهَدِ المَلِكِ، وَهَذِهِ هِيَ الهَجْرَةُ السَّارِي سِرُّهَا أَبَداً، فَالهِجْرَةُ مَقَامٌ تَشَرَّفَ بِالحَبِيبِ لِيَكُونَ قُدْوَةً لِلإِنْسَانِيَّةِ فِي شَرَفِ العُبُودِيَّةِ، وَدَرْسَاً تَرْبَوِيَاً فِي صِيَاغَةِ الإِنْسَانِ وَالْأَوْطَانِ، وَأَنْوَارَاً تَنْجَلِي لِمَجْدِ حَضَارَاتٍ عِظَامٍ.