فى أياديهم اليمنى «محشة» تشبه الآلة الحديدية السطور فى الشكل، وأثقل منها فى الوزن، وفى اليد اليسرى جريد نخيل يمسكه كل واحد منهم بإتقان من أجل إزالة الزوائد منه وتقطيعه إلى أجزاء صغيرة من أجل صنعها أشياء متعددة، تحت لهيب الحرارة بين سباطتي بوص أعلى الرصيف فى مدينة إسنا جنوب محافظة الأقصر، ليسترزقوا منها حيث أنهم اتخذوا هذه المهنة مصدر رزقهم الذي جعله يعيشون فى غربة وبعد عن أهاليهم لفترات طويلة من أجل لقمة العيش.
المعلم سيد
ولم تستطيع التطورات الحديثة القضاء على مهنة 'صناعة الأقفاص' بالأقصر، كما قضت على مكوة الرجل وغيرها من المهن، لتمسك الأهالي لها وعشق الأجانب لبعض مصنوعاتها الأمر الذي جعل 6 شباب يَغتربوا عن أهاليهم وبلادهم ويقطعوا المسافات، من أجل صنع أَسِّرة وأقفاص فواكه وأخرى للطيور وكراسي لفنادق الأقصر.
كفاحهم
وعن قدرة الجميع على العمل فى هذه المهنة أوضح سيد أحمد، أحد الشباب الستة الذين يعملون فى هذه الورشة التي تظهر على شكل عشة، لـ 'أهل مصر' أن صناعة الأقفاص من جريد النخيل رغم كونها غير مربحة كثيرا ولكنها تتميز عن بقية المهن فى كونها صعبة للغاية ليس الجميع يتقن العمل فيها لكونه يعمل بين الآلات الحديدية طوال الوقت فإذا لم يقوم بتعليمها منذ الصغر لن يستطيع العمل بها فى الكبر، لافتا إلى أنه يعمل بها منذ 15 عام حيث أنه ورثها عن والده وجده بالفيوم مسقط رأسه، لكونه يتابع أعمالهم بدقة فى صغره.
وعن عدد ساعات العمل في هذه المهنة لفت سيد إلى أنه يعمل فور استيقاظه من النوم صباحا وحتى أن يأتيه النوم مرة اخرى، فليس له عدد ساعات معينة، مشيرا إلى أن صعوبة المهنة فى ادوات عملها التي تتمثل فى ' سكين، وجريدة نخيل، ومحشة' فإذا حدثه أحد أثناء عمله وانشغل معه قد يؤذي يده بدون قصد لعدم تركيزه فهي تحتاج إلى تركيز ودقة عالية.
وأضاف محمد الفيومي، أحد الشباب العاملين فى صناعة الأقفاص أنه لن يزور أهله سوى يومين فى الثلاثة اشهر لكون هذه المهنة هي مصدر رزقه الوحيد الذي ينفق به عن نفسه واهله، مشيرا إلى أن مكسبها ليس كثير بل أنها تعفيه عن السؤال فقط، لكونها تعتمد على مواسم معينة حيث اقفاص الفاكهة يتم طلبها فى موسم المانجو والبرتقال والطماطم فقط، فضلا عن ظهور اقفاص البلاستيك التي تتسبب أحيانا فى تلف الخضروات والفواكه بسبب التهوية بخلاف الخشبي الذي به فتحات من من جميع جوانبه مما يساعد على التهوية بشكل جيد.
وأكد بقية الشباب أنهم يقوموا بصناعة اقفاص طيور كبيرة وصغيرة، يتراوح سعر الكبيرة ما بين 150 وحتى الـ 200 جنيه، وأسرة تبدأ من 250 وحتى 400 جنيه، واقفاص فاكهة وخضروات بـ 20 جنيها، لافتين إلى أن القفص يمر بعدة مراحل أولها شراء جريد النخيل من المزارعين ثم بعد ذلك تقليمه، وتقطيعه قطع صغيرة ثم تليها مرحلة الصنع إلى اعواد متناسبة ومتساوية، ثم بعد ذلك مرحلة التركيب.
واختتم الشباب حديثهم بحمد الله على نعمة العمل وأنها مصدر رزقهم بقولهم ' مفيش حد بياكلها بالساهل والحمد لله إننا قادرين نشتغل هي فيها مشقة كبيرة ومش أى حد يعرف يشتغلها وخدمة يوم بيوم يعني لو نمت يوم مفيش أكل ولا شرب بس برضو نحمد الله' موجهين نصيحة للشباب الذين يأخذوا المصروف من اهاليهم رغم كبر سنهم بالبحث عن عمل شريف والإعتماد على النفس.
الاقفاص